الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سعودي
احمد عبدول
2019 / 3 / 8الادب والفن
عندما كنت صبيا كان قلبي يتفطر الما على رجل مسن أخذ الكبر منه كل مأخذ فضعف بصره ولانت قناته واشتعل رأسه شيبا كان يقود دراجته الهوائية المتهالكة بمشقة قصوى حيث خارت قواه وضعف بصره وقد اصابه شيء من الخرف كان بعض الصبية الاشرار في محلتنا يطاردونه اينما ذهب فيسمعونه بعض المفرادات التي تثير حنقة وتزيد سخطه فلا يتردد في شتمهم بأبشع العبارات ويرميهم باغلظ المفرادت الا ان اولئك الصبية كانوا لا يتوقفون عن ايذائه ولا يتورعون عن ضربه بقطع الحصى والحجر فتسيل الدماء من جبهته وهو يصرخ بأعلى صوته طالبا النجدة من الاهالي فلا يكترث له احد ولا يلتفت اليه سامع .
عندما صرت موظفا في احد دوائر الدولة العراقية في تسعينيات القرن الفائت استوقفتني حالة مشابهة لتلك الحالة التي كانت تؤرقني من قبل وانا انظر لذلك الرجل المسن وقد تشققت جبهته من قطع الحجر والحصى .
(سعودي ) كان شابا بدينا اسمر البشرة يميل الى جنس الرجال اكثر من ميله لجنس النساء لكنه كان طيب القلب حلو الحديث يقوم بعملة على أتم وجه فكان يقضي يومه في التنظيف حتى اخر ساعة من الدوام الرسمي الا ان العمال داخل الورشة كانوا يسخرون منه فيبالغون في الاساءة اليه ويتطرفون في ايذائه بل ويعتدون عليه بالضرب المبرح احيانا على الرغم من اصابته بدا السكري الذي كان وراء وفاته فقد فارق (سعودي) الحياة اثناء نقلة الى المشفى اثر مزاح سمج من قبل العاملين داخل الورشة في ظهيرة احد ايام شهر تموز .
قبل ايام قلائل استوقفني فيديو لرجل في السبعين من عمره ويبدو من لهجته وزيه انه من اهالي الجنوب او الوسط يعرفه اغلب العراقيين باسم (ابو نعال ) مع الاعتذار من القارئء الكريم لتلك المفردة وهو يواجه ذات المصير الذي واجهه صاحب الدراجة الهوائية المتهالكة والذي كان يستغيث فلا يغيثه احد من اهالي المحلة .
من المؤسف حقا ان مجتمعنا العراقي ما يزل يشهد هكذا ظواهر اجتماعية سلبية حيث يتعرض كبار السن والمصابين بعاهات نفسية او عضوية ممن لا يعرف له اهل ولا يحتمي بقانون لمختلف الاهانات التي تزيده هما على همه وحزنا فوق حزنه ولعل مثل تلك الظواهر تدلل وبشكل لا يقبل الشك على ان قيمة الفرد في مجتمعنا العراقي ما تزل متدنية الى حد كبير على الرغم مما يدعيه ذلك المجتمع من احترام وتقديس للفرد لا سيما اذا كان هذا الفرد من ذوي العاهات المستدامة او ممن ادركهم الكبر او اصابهم المرض او الخرف او الجنون او ممن يمتازون باختلاف ميولهم ومن احق بتلك الشريحة بالمعاملة الحسنة وتهيئة كل متطلبات ومستلزمات الراحة والطمائنية وسن القوانين والتشريعات التي تضمن لهم حياة امنة وكريمة وتنزل اشد العقوبات بمن يتعرض له بالسوء والاذى .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد
.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش
.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??
.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??
.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??