الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم “سافرجت”، نابض بالحياة ويؤرخ لحق المرأة في التصويت .

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2019 / 3 / 8
الادب والفن


فيلم “سافرجت”، نابض بالحياة ويؤرخ لحق المرأة في التصويت .
علي المسعود

تناولت السينما العربية و العالمية قضية المرأة و نضالها من أجل نيل حقوقها في الكثير من الافلام ، في السينما العربية مثلا، كان فيلم ( أريد حلاً ) انتاج عام 1975 إخراج سعيد مرزوق عن متاهات المحاكم والمشاكل والعقبات التي تتعرض لها عندما تفكر فى الطلاق فتهدر كرامتها وتتعقد الأمور عندما يأتي الزوج بشهود زور يشهدون ضدها في جلسة سرية وتخسر قضيتها بعد مرور أكثر من أربع سنوات؛ ولقد استطاع الفيلم تعديل قانون الاحوال الشخصية. وكذالك فيلم «شيء من الخوف» سنة 1969 إخراج حسين كمال بطولة شادية فيقدم نموذج المرأة المقاومة المناضلة للسلطة الرمزية. أما السينما العالمية فقد تصدت الى نضال المرأة في الكثير من ألاشرطة السينمائية ، و من هذه الافلام ، فيلم «سافرجت» ، لخص الفيلم البريطاني “سافرجت”، حكايات العضوات الأوائل في الحركة النسوية في بريطانيا، وقد عكس تاريخا من المعاناة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي تبلورت في السلطة المتمثلة في الأمن والصحافة و الزوج ورب العمل. وسلط الضوء على الأعراف الاجتماعية القائمة التي أدت إلى الحبس والضرب والتعذيب، حتى سقوط أول ضحية للحركة النسوية “إيميلي ديفيدسون” والتي غيرت بموتها مجرى التاريخ. وهو فيلم يرصد مرحلة مهمة وثرية من نضال المرأة البريطانية من أجل حصولها على حق التصويت في البرلمان البريطاني في وقت مبكر من القرن العشرين، ويؤرخ لحركة (سوفرجت) التي قادت نضالاً شرساً من أجل الحقوق المدنية عبر حكايات لمجموعة من النساء لسن من الطبقات المتعلمة أو المرموقة، ولكنهن تمكن من وضع بصمتهن في التاريخ المعاصر للحركات النسوية في بريطانيا والعالم، ويرصد الفيلم الرحلة الطويلة لهذا النضال الذي يتخلله كثير من محطات الألم والمواجهات والتظاهرات بقيادة الزعيمة السياسية ايملين بانكيرست التي جسدت دورها ميريل ستريب باقتدا ، و"ايميلين بانكهرست جولدن هي ناشطة سياسية بريطانية وقائدة الحركة البريطانية «سوفرجت» التي ساعدت المرأة في الحصول على حق التصويت. وقد تعرضت لنقد شديد بسبب خططها المتشددة، كما تباين المؤرخون حول مدى فاعلية هذه الخطط، ومع ذلك يعد عملها عنصرًا حاسمًا في إعطاء المرأة حق التصويت في بريطانيا. وقد تعرفت بانكهرست إلى حركة اقتراع المرأة وهي في الرابعة عشرة من عمرها، لأنها ولدت في شولتون أون مدلوك مانشستر، لأبوين مولعين بالعمل السياسي، وقد تزوجت من ريتشارد بانكهرست، المحامي وأستاذها لمدة 24 عامًا الذي يعرف عنه دعمه لحق المرأة في الاقتراع، وانجبت منه 5 أطفال خلال 10 سنوات. وقد كان له دور في دعم نشاطات زوجته خارج المنزل، فقد ساعدها على تأسيس الجامعة الفرنسية للمرأة، التي تولت الدفاع عن حق المرأة المتزوجة وغير المتزوجة في الاقتراع. ثم أسست بانكهرست الاتحاد السياسي والاجتماعي للمرأة وهي منظمة للنساء فقط للمطالبة بحق الاقتراع، وهي مكرسة «للأفعال، لا الأقوال» وتعرف باستقلالها عن الأحزاب السياسية ومعارضتها لها أغلب الوقت. كما أصبحت معروفة بالمواجهات البدنية؛ فقد كانت عضواتها يقمن بتحطيم النوافذ والاعتداء على ضباط الشرطة. وقد تعرضت بانكهرست وبناتها وناشطات أخريات للسجن عدة مرات، وهناك قمن بتنظيم إضرابات عن الطعام في سبيل تأمين ظروف أفضل. فيلم «سوفرجت»، وهو اسم الحركة النسائية التي قادت ذلك التحرك، يأخذ المشاهد، عبر حكاية مود واتس (التي تؤدي دورها الممثلة كاري موليغان) التي واجهت المستحيل وعاشت ظروفا قاسيا من أجل أن تحقق حلمها وحلم الكثيرات بالحصول على الحقوق السياسية الكاملة، حتى أنها فقدت أسرتها ومستقبلها أمام الرفض والمواجهات السياسية وسطوة الرجل وهيمنته، لكنه جسد جميع المواجهات والنضالات التي قامت بها المرأة معتمدا على ما يذكر في التاريخ حول هذه الحركة. أحداث الفيلم تتنقل بين مراحل عدة، تبدأ مع السلطة المتمثلة في الأمن والصحافة والزوج ورب العمل، وبعدها مجابهة الأعراف الاجتماعية المتمثلة في بداية الثورة والحبس والضرب والتعذيب والتضحية ومواجهة الأزواج والجيران.
تبدأ أحداث الفيلم في مصنع أشبه بمغسلة كبيرة، الغالبية التي تعمل فيه من النساء، يرافق حركة عملهن أصوات رجال من البرلمان البريطاني من خلال المذياع، وهم يؤكدون على ضرورة عدم الموافقة على منح حق التصويت للنساء، ومن بين ما قاله أحدهم: «إذا أعطينا حق التصويت للنساء، سينافسوننا في أرزاقنا»، وآخر قال: «هذا الحق سيجعل المرأة غداً تطالب بحقها في مقاعد في المجلس، والقضاء والمسميات السياسية، لذلك يجب علينا منعها من الوصول إلى حق التصويت». كمية البؤس في وجوه نساء المصنع، رغم صغر أعمارهن، تؤكد الطريقة التي كانت تعامل بها المرأة، إذ تتحمل أجرها الزهيد مقابل ساعات العمل التي تفوق عدد الرجال في المهنة نفسها، والذين يأخذون أكثر من ضعف أجرها. ومن جانب آخر، ترى لكمات على وجوه بعضهن بسبب المعاملة السيئة التي يلقينها من أزواجهن، بالإضافة إلى سلطة رب العمل الذي يعتقد أنه يمتلكهن ويمتلك أجسادهن، ويقصد دائماً الفتيات الصغيرات، مثل ما قصد سابقاً واربس التي كان عمرها أقل من 12 عاماً عندما تحرش بها، تنشأ علاقة صداقة بين واربس وفايليت التي تحاول إقناعها بالانضمام إلى الحركة، لكن واربس تقف أمامها وتقول: «أي حركة هذه التي تقمن من خلالها بكسر واجهات المحال، وإثارة الفوضى»، لترد فايليت: «هذه المرحلة وصلنا إليها بعد تظاهرات سلمية لم تُجد نفعاً، فالقانون الذي يطلب منا احترامه يجب عليه أن يحترمنا، ويحقق رغباتنا، وقتها سنحترمه بل وندافع عنه)). ومن ضمن المشاهد المحورية التي غيرت مجرى حياة واربس، عندما اضطرت أن تدلي بشاهادتها بدلاً من فايليت، ضد قانون العمل المجحف بحق النساء، إذ جلست أمام رئيس الوزراء وقالت: «أمي بدأت العمل وهي بعمر 14 عاماً، وورثت المهنة عنها بعد أن توفيت، وكان عمري أربع سنوات، عندما أصبح عمري سبع سنوات بدأت العمل بدوام جزئي، وعندما أصبح عمري 12 عاماً بدأت العمل بدوام كامل، وعمري حالياً 24 وأنا مسؤولة قسم الغسيل والكي، لم أتخيل يوماً أن يكون لي صوت، فكرة أنك من الممكن أن تحقق هذا الشيء بحد ذاتها منحتني القوة، ثمة أمل بطريقة مختلفة في معنى الحياة، فالمساواة بين الرجل والمرأة هي التي ستمنحني الحياة التي أحلم بها)). أصبحت واربس رسمياً ضمن الحركة النسوية المطالبة بحق التصويت، وتتسلل ليلاً للاجتماعات السرية، وكانت متحمسة للقاء زعيمة هذه الحركة" أيميلين بانكهرست"، التي اختصرت خطابها بضرورة الانتقال من المرحلة السلمية للعنف، وطالبت النساء بالتصعيد، مع مراعاة عدم إيذاء الناس، وقالت: «لقد تغربتن عن حياتكن الطبيعية، وهم لايزالون يتجاهلوننا كبشر، التضحية هي عنوان صوتنا، لا نريد أن نخالف القانون بل نريد أن نكون شركاء في صناعته». وعندما وقفت واربس أمامها، نادتها الزعيمة باسمها وقالت لها: «دافعي عن صوتك» وكانت هذه لحظة التحول الفعلية في حياة واربس التي خسرت ابنها وزوجها وعملها، بعد أن قررت المقاومة لنيل حقوقها. لم يعد لدى واربس شيء تخسره، لذلك قررت تسخير جميع طاقتها في برنامج الحركة النسائية، والمطالبة بحقوقهن، ، إذ بدأ عندما ضربت واربس رب عملها المتحرش بها سابقاً، بمكواة ساخنة على وجهه، وعندما خرجت من السجن بعد تعذيب جسدي ونفسي، وقصدت المصنع وقامت باصطحاب فتاة صغيرة اسمها ماجي كان رب العمل يتحرش بها، وأنقذتها من براثنه ووظفتها في مكان آخر، هنا بدأت البطلة تلمس قوتها للمضي أكثر، إلى أن يصل شكل عملهن لذروته، عندما انضمت مع صديقتها إيميلي لاستغلال حدث رسمي سيتم تغطيته من وسائل إعلامية مختلفة حول حضور الملك جورج الخامس لسباق للخيول (دربي إبسون) في الرابع من يوليو 1913، لكن وبمشهد مأساوي بعد محاولات بالفشل في الوصول لمكان قريب من تواجد الملك، تقوم إيميلي بالدخول إلى ميدان السباق، لرفع لافتة مطالبتهن بحق التصويت، وتجابه حصان الملك وتموت تحت حوافره، لتصبح أول «شهيدة» للحركة النسوية. وينتهي الفيلم مع مشاهد حقيقية ووثائقية لتشييع جنازة إيميلي ديفيسون التي شارك فيها الآلاف، وتقفل شاشة العرض مع ذكر تواريخ منح التصويت للنساء، بدءاً من نيوزيلندا التي منحت المرأة حق التصويت عام 1893، مروراً ببريطانيا التي منحت النساء حقاً مشروطاً للتصويت بعمر 30 سنة عام 1918 ثم تحول إلى 21 عاماً في 1928. هذا المكسب والإنجاز الذي نالته البريطانيات، منذ قرن، لم يكن بمحض الصدفة أو الانفتاح أو تفضل من السلطة، ولكنه كان نتاج حركة تاريخية من النضال النسوي المرير، من أجل نيل حقوق المرأة في بريطانيا، والتي تنشط في ظل “الاتحاد السياسي والاجتماعي للمرأة وهي منظمة نسوية تناضل بشراسة من أجل المطالبة بحق الاقتراع، ترأستها الناشطة في حقوق المرأة “ايميلين بانكيرست". أهمية الفيلم أنه لم يركز على الشخصيات البارزة في الحركة النسائية كشخصية الزعيمة بانكهرست أو «الشهيدة» ، بل قام على حكاية امرأة من بسيطة، غير متعلمة، وغير مثقفة، لكن كان لديها الأمل بأن تكون جزءاً من التغيير واسمها واريس، فقد استطاعت المخرجة بالفعل أن تدخل المشاهد إلى تلك الحقبة بكل تفاصيلها. عبر الزمن ناضلت المرأة نضالاً مستمرا -ومازالت- لتحصل على حقوقها التي طالما نزعت منها، فأثبتت قدرتها على تحدي جميع الأنظمة التي لا تتناسب وحقها في الحياة لتغيرها وتسهم في تشريع قوانين جديدة تستحقها. فالفيلم يحمل رسالة، وقصة ربما مفادها: عندما لا يكون لديك الحق في التصويت، ستتحولين بشكل مباشر لملكية خاصة للرجل، لن تستطيعن كامرأة أن تمنعيه من ضربك، وإهانتك، والتحرش بك، حتى لو كنت فتاة عمرها 12 عاماً، لن يسمع القانون شكواك، حتى إن الأمر سيصل إلى أن القانون الذي يطلب منك طوال الوقت احترامه هو نفسه سيحرمك من رؤية طفلك، لأن زوجك قرر ذلك، بل وسيتعدى الأمر أن يعطيه الحق بمنحه لعائلة أخرى مع أنك كأم مازلت على قيد الحياة، القانون الذي يريدك أن تحترميه يجب عليه أن يحترمك، ويبدأ ذلك بحقك في التصويت، فصوتك هو كرامتك. وجدير بالذكر أن فيلم “سافرجت”، هو إنتاج بريطاني لعام 2015، أخرجته “سارة جافرون” وكتبت السيناريو “آبي مورجان”، التي شاركت في إنتاجه. لعبت شخصية الزعيمة النسائية “إيملين بانكهرست” النجمة الأمريكية “ميريل ستريب” كضيفة شرف، لكنها خلقت توازنا لأحداث الفيلم بسبب أدائها المتميز. وقد حاز جائزة “أفضل ممثل” في مهرجان السينما البريطانية المستقلة، كما نال جائزة “الجمهور” في مهرجان “ميل فالي” السينمائي، ونال جائزة “ممثلة العام” في حفل هوليوود السينمائي لعام 2015.

علي المسعود
المملكة المتحدة
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر


.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية




.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال