الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طرفي الصراع هما طرف واحد ضد الجماهير

قاسم هادي

2019 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يبحث الإنسان عن أيّة قشة حين يبدأ بالغرق لكن هل ينطبق هذا على الغرق والفشل السياسي؟ تعيش الجماهير في العراق حالة لم تكن مجتمعة في بلد آخر إذ تشهد بعض الدول الجوع واُخرى تشهد غياب الخدمات والبعض الآخر تشهد غياب الامن او ماشهدت منها الفساد لكن ان يجتمع هذا كله وأكثر في بلد واحد فهو الغرق بعينه. مأساة الجماهير في العراق هي ليست في وضعها السيئ بل في تقاعسها عن التنظيم وضياع بوصلتها، بالتالي يتجه جزء منا معولاً على أمريكا ومستنداً على تغريدات ترامب الغبية حد القرف، وآخر يهلل بإخراج الامريكان بدعم الفقيه.
ان القشة التي يتعلق بها أصحاب "امريكا تكثف وجودها للقضاء على الميليشيا التابعة لإيران" هي نكته فحين أسست أمريكا القاعدة بالأموال السعودية من ضمن سلسلة جرائم وسفالات الحرب الباردة لم تكن تسعى ان يعيش الأفغان بأمان، ولم تسعى لان يعيش الأفغان بأمان حين هاجمت طالبان والقاعدة. كما لم تسعى امريكا لخدمة جماهير العراق حين أعطت الضوء الأخضر لاحتلال الكويت ولا حين تباكت على احتلال الكويت وجلبت معها 33 جيش ودولة، فكيف إذن كان يهمها دمار العراق في 2003 وتمزيق المؤسسات وتعويضها بالميليشيا؟ تشكلت تلك الميليشيا وكبرت اكثر حين تم دمجها بالجيش اذ بعكس تقوية الجيش بها تمكنت الميليشيا من استخدام إمكانيات الجيش إيرانية الولاء او عراقية الولاء لم تسمح ببناء الدولة التي مزقها الاحتلال. بدون الدخول بتفاصيل منح مقتدى عشر مقاعد و600 مليون دولار او إطلاق سراح الخزعلي ودعم انشقاقه عن جيش المهدي والبدء بقتال الأخير، ومنح قوات بدر اتفاقيات تخص آبار النفط بمعزل عن المجلس الأعلى قبل انفصالهما وغيرها علينا ان ندرك ان ذلك كله بمعرفة وموافقة قوات الاحتلال وبدعمها أيضا، فما الذي يجعل البعض من الجماهير يظن ولو لوهلة ان سياسة امريكا حنونة الان وتود دفن الماضي أو تغييره؟ قشة هرئة.
اما القشة التي يتمسك بها مؤيدي قادة الميليشيا أنفسهم وأبواقهم الذين ينادون بالسيادة الوطنية وإخراج المحتل فهي أدهى من الاولى. حين احتلت امريكا العراق أرادت تخويف دول المنطقة والعالم وتحجيم ايران ايضا لكنها انتصرت عسكريا على صدام حسين وخسرت سياسيا اذ لم تستطع شركاتها الاستفادة من اعادة الإعمار رغم انها استفادت من السرقات في العقود واكثر انها أطلقت أيدي ايران بدون قصد وحصدت ايران ايضا نتائج الوقوف بوجه أمريكا حتى من اليسار الأوربي الأحمق، نشر الفقيه أذرعه بكل مؤسسات الدولة خصوصا النفط والدفاع والداخلية وبالرغم من التهامها للعراق إلا أنها لم تأبه للحصول على الشعبية داخل العراق وبالفعل خسرتها وكل تصريح إيراني لصالح العراق يبقى مشكوكا بمصداقيته جماهيرياً. لكن تبقى بعض الأبواق التي ليس لها صدى جماهيري تمجد ضياع مجنون وجزء من الاراضي والمياه "الإقليمية" وضياع مئات الآلاف من الشباب خلف دعوات الجهاد والإصلاح وحماية المذهب وطرد المحتل.
يبقى انه من غير المناسب ان تنتفض بسبب الحقد ضد امريكا او ايران بقدر انتفاضتك لاستعادة حقك في الحياة، لجلب الأمان وترسيخه، لانتزاع طعامنا من كروشهم للظفر بسيادتنا على أنفسنا، لتأمين فرص عمل مناسبة للعاطلين، لترسيخ قانون الحد الأدنى للأجور الذي يُؤْمِن حياة كريمة، لمنح الطالب إصراراً على النجاح بالوظيفة المثلى التي تنتظره، بالحصول على كهرباء مستمرة في بلد تكلف الطاقة ربع كلفتها العالمية، لتحسين المناهج التربوية، لمنح المرأة حق التنفس، هل يصعب هذا؟ بالتأكيد صعب بل مستحيل، بدون تنظيم مستحيل، بدون رص الصفوف ودفع اوهام امريكا وإيران ومن حولهما غير ممكن، بدون وقفة وعي جادة ضد التجهيل والتحميق لن يحصل، بدون منع تشتت قادة الاحتجاجات وجمعهم في إطار مطلبين او ثلاثة رئيسية رغم الاختلافات الأيديولوجية بالتأكيد مستحيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي