الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


​شريط -تونس الليل- للمخرج الياس بكار -أارواح عارية في ليل طويل -.

بثينة الزغلامي

2019 / 3 / 9
الادب والفن



الثورة معطى فكري تبنى عليه جملة من الأنساق الاجتماعية والاقتصادية وتفرز معجمها الجمالي والفني والسينما احدى حقولها . وهي ليست دائما يوتوبيا حالمة اذ بمجرد الشروع في الفعل الثوري تتحول الى نار هشيمية تعريّ أشباحا وتابوهات متنوعة كانت تتمترس وراء الساعة الصفر أو حالة الانتظار التي تحوّل الواقع الموبوء الى بؤرة للصراعات والارتطامات النفسية والسلوكية بحالة فراغ .وهي غالبا تخبط يخلفه صفاء واصطفاف وراء مشروع متطور قد تطول مدة مخاضه واذ يركن المثقف الى استلهام مخزونه المعرفي فانّ هناك أشكالا أخرى للانتظار منها الالتحام بأقسى التجارب الفردية كحل لخلاص مؤقت .​"فعندما عرض فيلم "تونس اللليل " الأول للصحفيين والنقاد في أكتوبر 2016 .ذكر الياس بكار الظروف التي تم فيها انجاز الشريط والتي لم تكن مهمة سهلة اذ تزامن تصويره مع اعلان منع الجولان في تونس في شهر كانون الأول سنة 2015.كما ذكر انه يحكي عن تمزقات تونس الثورة وما بعدها .يضعنا المخرج اذن امام عمل يتسم بمشقة البحث في عوالم منجرحة ومتلاشية .فسحة فرجوية كل ما فيها شائك ويستدعي ترتيبا جديدا لعلاقات أسرية واجتماعية وسياسية مشروخة .تنطلق منذ لااللحظات الأولى للشريط .صباح جد يد في حياة عائلة الصحفي يوسف بن يونس .اعلان أذاعي عن حالة احتراق شاب قام بفعل علني أقرب الى المشهد السينمائي الملحمي .انها النار .بداية الثورة وتحريك زاوية الانتباه خارج المأزق الروتيني المشبع بالإحباط .عليك اذن ان تتسلح بالانتباه المفرط لحركة الكاميرا ا وتقاسيم الوجوه .ارتدادات وانكسارات تبدأ مع فنجان القهوة المعد بملل شبيه بطقوس زوجية ميتة وصراع بين خطابين متنافرين لكل من أمين وعزيزة لينتهي بتذكير الخالة لحالة الزوجة أمل التي لا تبعث الا رسائل سلوان لا يجدي نفعا .
لا يتجزأ الزمان لان تاريخ ديسمبر 2010 رغم انه مرتبط بلحظة فارقة في تاريخ تونس الا انه يتواصل فهو يولد أكثر من حوار في الوقت ذاته .حرية الجسد .حرية التعبير .حرية قول لا امام سلطة ذكورية لا مبالية ومنكفئة على عوالمها الداخلية فهناك أكثر من مشهد يعيدنا الى نقطة البدء وهي كيفية تشكل ازمة يوسف بن يونس والحيوات التي تقاسمه المنزل .المشاهد في الحانة والملهى والبيت تساهم في تطوير لتصعيد الدرامي للاحداث بينما الحوارات الحادة بين افراد العائلة تعلن عن عدوانية جارحة قد تكون اعلانا عن فقدان حياة أسرية عادية تعلن ثورتها على غياب الأب الغارق في عالمه الداخلي وبينما الابن امين يبرز إسلاميا عانى من تبعات أحداث 11 أيلول 2001 التي هزت العالم والولايات المتحدة الامريكية ولكنه لا يسقط في فخ التوظيف الأيديولوجي للاسلام برفضه الانضمام للنشاط ضمن المجموعة .
اما الام أمل فتحاول الاستعاضة عن حياتها الزوجية المبتورة بإقامة حفلات نسائية ليلية في البيت كانما تحاول الوصول الى نقطة ارتكاز عبر تمرير شبق انثوي غير معلن وهلع من إعادة تجربة عذابات سرطان الثدي .رغم انه ثمة شعور بالنقصان امام الأجساد الانثوية المفعمة ببهجة الاكتمال تغذيها تلميحات المغني الشبقة .
لا ينقطع الامل عند البطلة أمل وهي تستمع بشغف الى الحلقة الأخيرة من الحصة الاداعية الناجحة "تونس الليل " لزوجها يوسف بن يونس والتي تبدو مهداة اليها والى تونس الجديدة بعد 30سنة من العمل .أراد يوسف ان تكون ليلة مصالحة مع كلمة حرية ومكاشفة صوفية .يقول فيها "أنا لست يوسف .أنا يونس الذي خرج من بطن الحوت .ربي اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين .ويبلغ الوله الصوفي ذروته حين يعلن التوحد مع الجسد /القربان المحترق بينما يلعب مقص الرقيب لعبته الأثيرة حيث يتم قطع بث الحصة لتتواصل اغنية وطنية تذكّر بانجازات بلد الأمان .الذي لا حظ للكلمة الحرة فيه الا الوشاية حيث يقاد يوسف الى مخفر الشرطة .وبالموازاة تقطع عزيزة النمرة الشابة الموتورة بفكرة الحرية والرفض حتى الموت بقطع وريدها بعد ان أخفقت في التواصل عبر جسدها ولغتها مع عالم اصم .اما صوتها فهو للغناء .لغة أخرى خلقتها للعبور من حياتها الخانقة .فشل في الحب مع الذكر "الصديق / لاب / الأخ وتلميح صارم للام .كانما عزيزة الشخصية الإيجابية الوحيدة التي تبلغ من الام منتهاه ولا تتعب .
تبدو المشاهد الأخيرة لشريط "تونس الليل " مسقطة فهناك تصالح مع صورة الاب الذي افاق فجاة على خواء عالم يتهاوى .اذ يحتضن عزيزة في جو من الدموع يعاضده خوف امومي من الفقد .وإذ يحافظ أمين على توازنه النفسي بالصلاة والعمل فان تفسيرات شتى يمنك ان تشرّح الجرح التونسي .اذ ينتهي الشريط بتوقيت الليل الذي يبدو انه اظار مثالي للمصالحة مع الذات ومع الاخرين ولكن هل ان التجاوز ممكن مع شخصية معقدة مثل يوسف بن يونس الذي يقول في لحظة صفاء داخل الكنيسة الكثوليكية بتونس العاصمة "الاهي انت محبة وانت لا تحبني
لا ينقطع الامل عند البطلة أمل وهي تستمع بشغف الى الحلقة الأخيرة من الحصة الاداعية الناجحة "تونس الليل " لزوجها يوسف بن يونس والتي تبدو مهداة اليها والى تونس الجديدة بعد 30سنة من العمل .أراد يوسف ان تكون ليلة مصالحة مع كلمة حرية ومكاشفة صوفية .يقول فيها "أنا لست يوسف .أنا يونس الذي خرج من بطن الحوت .ربي اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين .ويبلغ الوله الصوفي ذروته حين يعلن التوحد مع الجسد /القربان المحترق بينما يلعب مقص الرقيب لعبته الأثيرة حيث يتم قطع بث الحصة لتتواصل اغنية وطنية تذكّر بانجازات بلد الأمان .الذي لا حظ للكلمة الحرة فيه الا الوشاية حيث يقاد يوسف الى مخفر الشرطة .وبالموازاة تقطع عزيزة النمرة الشابة الموتورة بفكرة الحرية والرفض حتى الموت بقطع وريدها بعد ان أخفقت في التواصل عبر جسدها ولغتها مع عالم اصم .اما صوتها فهو للغناء .لغة أخرى خلقتها للعبور من حياتها الخانقة .فشل في الحب مع الذكر "الصديق / لاب / الأخ وتلميح صارم للام .كانما عزيزة الشخصية الإيجابية الوحيدة التي تبلغ من الام منتهاه ولا تتعب .
تبدو المشاهد الأخيرة لشريط "تونس الليل " مسقطة فهناك تصالح مع صورة الاب الذي افاق فجاة على خواء عالم يتهاوى .اذ يحتضن عزيزة في جو من الدموع يعاضده خوف امومي من الفقد .وإذ يحافظ أمين على توازنه النفسي بالصلاة والعمل فان تفسيرات شتى يمنك ان تشرّح الجرح التونسي .اذ ينتهي الشريط بتوقيت الليل الذي يبدو انه اظار مثالي للمصالحة مع الذات ومع الاخرين ولكن هل ان التجاوز ممكن مع شخصية معقدة مثل يوسف بن يونس الذي يقول في لحظة صفاء داخل الكنيسة الكثوليكية بتونس العاصمة "الاهي انت محبة وانت لا تحبني "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال