الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات الحرب - النصر، والمنصور بالله

مصطفى علي نعمان

2003 / 3 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


يوميات الحرب

 

اليوم السادس: الاثنين، 24 آذار، 2003

النصر، والمنصور بالله.

خطَبَ صدام أمس خطبة تافهة أخرى، وعَدَ مرتزقته بالنصر، النصر القريب، وتلقفت أبواقه بالخارج، والداخل الخطاب، حللت كلماته "الدرر" كلمة، كلمة، عبارته "المعجزة" عبارة، عبارة، وخرجت بنتيجة واحدة فذّة: أن هناك فيتنام أخرى تحدث أمام أعيننا، وأن بطلها الآن صدام حسين، ابن العوجا، الفقير، القائد الرمز، الذي بنى نفسه بنفسه، وأصبح ينافس الثنائي الفيتنامي: رئيس فيتنام هوشي منه، وقائد المعارك البطل، الفذ، جياب، اللذان حققا ذلك النصر التاريخي الأكبر على أمريكا، وهزماها لأول وآخر مرة في تاريخها وإلى حد الآن.

أجهزة الإعلام جعلت من صدام بالوناً، منفوخاً بالدخان، بالأكاذيب، بالوناً، يحلق في سماوات الله العلا، مع بالونات أخرى لا توجد إلا في سماء العربان المساكين.

لم لا؟ صدام هو المنصور بالله، هكذا لقب نفسه، أو لقبته أجهزة الإعلام! سجل انتصاراته حافل! لا يبارى، انتصر صدام في كل معاركه داخل العراق، لا أحد ينكر ذلك! انتصر على الحزب الشيوعي، الحزب الديموقراطي الكردستاني، حزب التحرير الإسلامي، الإخوان المسلمين، حزب الدعوة، على رفاقه البعثيين، على كل الشعب العراقي، لكنه "مع الأسف الشديد" هزم بكل معارك الخارج، هزم هزيمة شنعاء أمام إيران، لولا تدخل القوى الخارجية، وحينما أوقفت إيران الحرب، انبرى" العباقرة "المحيطون به داخلاً وخارجاً، يفلسفون هزيمته، يحيلونها إلى نصر، جعلوه يعتقد أن مفهوم النصر يعني لا هزيمة العدو، ودحره بل يعني بقاءه حياً، أولاً: وأن يظل في منصبه ثانياً: وبتخلص بوساطة الحرب من كل منافسيه ثالثاً: ويبيد أكبر عدد ممكن من أبناء الشعب العراقي، كان من المحتمل لو لم يقتلوا أن يتثقفوا، ويحملوا لواء المعارضة رابعاً، وكل هذه المعاني في نظر الناس العاديين شاذة، ومنافية لأي شيء معقول، أو منطقي، لكنها في نظر صدام وحثالته معقولة. ثم ركزت الأبواق نفسها، تلك المفاهيم الشاذة أيضاً، فانتصر صدام مرة أخرى بعد غزو الكويت، إذ بقي حياً، وتخلص من منافسيه، وأباد أكبر عدد ممكن من أبناء الشعب العراقي، وووو

والآن قاد صدام، مرة ثالثة، الشعب العراقي إلى هذه الحرب الميؤوس منها، لكن الغريب أنه يعتقد أنه سيخرج منتصراً، هذه المرة أيضاً، أي أنه سيبقى حياً، متسلطاً على رقاب العراقيين، لكنه نسي شيئاً واحداً مهماً، نسي أنه انكشف هو وأجهزة إعلامه، وذلك يعني أن المنطاد الذي صعد به إلى السماء قد خلا "هذه المرة" من الدخان، في هذه المعركة بالذات، وأن لا أحد في كل الكون سينفخ في ذلك المنطاد لا من أعلاه ولا من أسفله.

زمن المعجزات:

في مثل هذه الظروف الصعبة تصدر أحكام جزافية غير مسؤولة كثيرة، تصدر عمن يفترض فيه أن يتعقل، ويتزن، ويتروى، إن أكثر ما يفت في عضد الناس كلام غير متزن، أو مسؤول! من هذه الأحكام غير المتزنة، غير المسؤولة ما كتب في أحد مواقع الانترنيت:

الشعب العراقي غير متحمس للتعاون مع الأمريكان، ويفضلون لو أن فرقة عراقية من الجيش العراقي، تحارب الصداميين لناصروها.

لست أدري أ هناك ذرة عقل عند من أطلق هذا الحكم العشوائي، الهابط؟

نعم من طبائع الشعب العراقي أن لا يتعاون مع الغزاة، والأمريكان بوجه خاص! وأنهم احتقروا البعث وقادته لأنهم جاؤوا بقطار أمريكي تلك نقطة متفق عليها.

لكن ما يثير الخلاف أن يخول أي كان النطق باسم الشعب العراقي، وليخلط السم بالدسم.

منذ الآن ليكن الجميع حذرين، فمن له الحق بالنطق باسم الشعب العراقي هم من سينتخبهم الشعب فقط.

ثم ما هذا التمني: لو أن فرقة عراقية..

أ غاب عنهم أن التمني رأس مال المفلسين؟

ومن أين نأتي بفرقة عراقية تحارب الصداميين، لينظم تحت لوائها هؤلاء "المناضلون"

أم يظنون أن زمن المعجزات لم ينتهِ، وأنه سيسعفهم بجند من السماء!

السحر والساحر:

ملأت الصحف، ووكالات الأنباء، والقنوات التلفزيونية أخبار الحافلة السورية المنكوبة، كان ركابها عائدين من العراق، حينما تعرض لها صاروخ فمزقها، لكن القتلى لم يزيدوا على خمسة أفراد، أما الباقي فجرحى!

صدَّقتُ الخبر، اعتبرتُه حقيقة لا مراء فيها، لأني قرأته في موقع الإذاعة البريطانية، ثم سمعته من إذاعة أمريكية، صدقته، فمادام "المعتدي" يقر بعدوانه فلم لا أصدقه، ثم قرأت بعدئذ أن المحققين السوريين شككوا بالخبر، عرضوه بصورة أخرى، لم يضرب الصاروخ "المجرم" الحافلة السورية المسكينة، بل هناك تفجير! أي هناك تخريب متعمد! مؤامرة قذرة بحق أناس أبرياء، كتب عنها محلل سوري "عماد شويبي" متهماً أجهزة صدام "بأنهم يريدون جرنا إلى الحرب" أما كيف توصلوا إلى هذه النتيجة، فالقضية بسيطة جداً، لم يدُرْ بخلد المخربين أنْ سيبقى هناك أحياء يشهدون أنهم لم يروا صاروخاً، وأن التفجير جرى من داخل الحافلة، كما أن المحققين لم يجدوا آثار أي صاروخ، وأكد هذه الحقيقة فحص الجثث من قبل الحكيم عبد الله العسلي.

إن صح هذا الخبر، فذلك يعني أن السحر انقلب على الساحر، وأن من حفر البئر وقع فيه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا