الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يتبق للإنقاذ إلا الوقت

فؤاد عيد

2019 / 3 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لم يتبق للإنقاذ إلا الوقت
ما زالت الثورة السودانية تسيطر على الشارع باقتدار وتُمسك بزمام الأمور بإحكام شديد، وهذا يعني أنها تمتلك النفس الطويل الذي يجعلها قادرة على المواصلة بلا توقف حتى اسقاط النظام وتقديم رموزه العاجزة إلى المحاكمة جراء ما كسبت أيديهم الآثمة من ظلم ومظالم في حق شعب السودان وأرضه.
لقد نجحت الثورة حتى الآن بفضل قيادة تجمع المهنيين أن تجعل نظام البشير يترنح ويفقد قوته بشكل مطرد ومتلاحق، وتحوله من نظام متجبرومتسلط إلى كيان عاجز يفتقر إلى أدنى مقومات البقاء.
تزداد الآن الإرهاصات وتتباين وتتقاطع وتلتقي في دوائر مغلقة وأخرى مفتوحة، فالبعض يقول سيدفع السودانيون ثمن حماقاتهم في مواجهة الإنقاذ عاجلا أم آجلا، بالتأكيد الذين يروجون لهذا التحليل الهزيل سيدفعون ثمن عمى عيونهم العاجزة عن قراءة الشارع بشكل صحيح. فالإنقاذ مازالت تستفز الشارع بشكل أو أخر مرة بالقمع، وأخرى بالوعود الكاذبة، ومرة ثالثة بقوانين الطوارئ التي فُصلت بطريقة مخادعة لمحاكمة الثوار، ورابعة بخطاب التحدي والعنجهية، وبالتأكيد استفزاز الشارع سيعطي الثورة مبررات مجانية للاستمرار.
كما أن كل الحبال التي لعبت عليها الإنقاذ ستتقطع بفعل ثبات الشارع السوداني واستمرار ثورته، وهذا حتما سيؤدي إلى حصر الإنقاذ في دائرة الوقت التي ما زالت تجيد اللعب عليها ولكن أي وقت مهما طال فهو قصير بل يمكن هدره وضياعه بطرق شتى تمتلكها الثورة وتستخدمها بوعي تحسدها الإنقاذ عليه.
أدركت الإنقاذ حتمية هزيمة نظامها السياسي المتأسلم بسبب الأزمات الداخلية التي يعاني منها فقامت بالتخلص منه عن طريق "انقلاب أخضر" أعاد السودان إلى خانة المربع الأول "مربع 89" ونعني بالانقلاب الأخضر "عسكرة الإنقاذ" بطريقة كاملة الدسم مع الإحتفاظ "بحبة البركة" كتميمة حظ تغازل بها "امارة قطر" تلك الدويلة التي تتحرك بطموح أكبر من مساحتها وأحلام أميرها الطائش.
ظنت الإنقاذ أن الاصطفاف في خانة "دويلات الدعة" أو ما يُعرف بامارات الخليج، أو اللهث وراء "شيطان الشرق الأوسط" إمارة آل سعود سيجنبها السقوط وسيجعلها في مأمن من عبارة "تسقط بس". بالطبع لم يكن ظن الإنقاذ مجرد اعتباط فهي تُدرك أن السعودية تحتاج إلى نظام "أبي عصاية" سيادة الرئيس البشير الذي يشكل وجوده ضمانة لحفظ أمن السعودية في البحر الأحمر، ومدها بآلاف الجنود السودانيين الذين تقدمهم كقرابين لأحلامها في اليمن.
لكن الإنقاذ لم تقرأ التاريخ بشكل جيد وبالتالي نسيت عبارة مهمة جدا هي أن الدول والجماعات دائما ما تلتف حول المنتصر لأن مصالحها فوق الجميع، وما أظن أن الإنقاذ ستربح "تحدي الثورة" لأنها ببساطة في طريقها لاستنفاد أخر خياراتها في وأد الشارع.
كما أن الوقع يشهد أن الإنقاذ لا تزال تنتظر رد الجميل من السعودية أو دويلات الخليج، وأنه لم يصدر حتى هذه اللحظة أي موقف داعم لها من الرياض أو أبو ظبي، أو حتى تلك الإمارة الخبيثة "قطر" رغم تعهدها بدفع مليار دولار كمساعدة عاجلة، إذن الحقيقة أن "بشير الإنقاذ" ما زال يطارد سراب "دعم البقاء" الذي لا يأتي أبدا حتى تتحقق أحلام "فتى قطر" المدلل.
إذن إلى أين تسير الإنقاذ؟
ما من شكٍ أن الإنقاذ قد استنفدت كل السبل والوسائل التي تجعلها على قيد الحياة ولم يتبق لها الإ عامل الوقت الذي تراهن عليه كآخر أمل أو طاقة نور في ظل العتمة التي تعيشها في أخر عهدها بالحياة قبل سقوطها في أبشع صورة لنهاية نظام حاول الإبقاء على نفسه طيلة ثلاثين عاما خسر خلالها السودان كل شيء، قيمه وأخلاقه وترابطه وتماسكه وشرفه وكرامته وأجزاء عزيزة من أرضه.
لم ينفع الإنقاذ وبشيرها ما ظلت تصنعه على مدار سنوات حكمها، بل فوت عليها "أبو عصاية" حتى فرصة توفير بديل من داخلها فقد انقلب عليها عندما عمد إلى عسكرة أحلامها في البقاء، كما أن انتفاضة السودان في نسختها الثالثة تبدو أكثر اصرارا على عملية التغيير وازاحة الإنقاذ ومحاكمتها وتفكيك بنية نظامها الدموي المتأسلم.
جميعنا يعلم أن "كنكشة أبي عصاية" والتصاقه بكرسي السلطة سببها "القبض عليه" من قبل "الجنائية الدولية" بسبب جرائمه وأفعاله في حق شعبه في دارفور. فعلا "أبو عصاية" في مأزق كبير مفاده أنه "ضائع" في الحالين لأنه لا يستطيع مهما حاول وحاولت الإنقاذ أن يستمر في الحكم لأن الثورة سحبت أخر رصيد كان يملكه من "الموالين والنفعيين". فهو سيحاكم في جميع الأحوال سواء بقى في السلطة أو غادرها مكرها ويكفيه ما يعيشه الآن من عذاب الاحتضار لأنه روحه الخبيثة ستُعذب وهي تخرج من جسده المتعفن لأنها روح شريرة ومعلوم أن الأرواح الشريرة لا تخرج ولا ترقد بسلام.
إذن ماذا ننتظر؟
كل خيارات النجاح واردة الآن أمام الثورة أي لم تتبق إلا "اللمسة الأخيرة" التي هي توقيع قرار اسقاط النظام عن طريق الضربة القاضية "الاضراب السياسي والعصيان المدني" والذي أصبح كل الشارع السوداني في تمام جاهزيته له، فقد تجاوز الشارع كل العقبات والتحديات فقد قتلنا واعتقلنا ولم نتراجع ولم نخن، اعتقد أن "مران" الأشهر الفائتة كافٍ لخوض مبارة القمة التي ينتظرها كل العالم.

فؤاد عيد
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في