الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المثقف في الحراك الاجتماعي

صاحب الربيعي

2006 / 4 / 25
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


المثقفون هم المتصدون بالكلمة والتحريض للأنظمة المستبدة ويعملون على كشف زيفها وادعاءاتها أمام المجتمع، فتتصدى لهم بالعنف والقسوة لإقصائهم عن المجتمع أو تعمد لشراء أقلامهم واستخدامهم أبواقاً للدفاع عن توجهاتها الاستبدادية.
تفعل الكلمة فعلها في التحريض عند المجتمعات الرازحة تحت براثن النظام الاستبدادي الساعي لتجهيل المجتمع بغرض إحكام السيطرة عليه، والمثقف يناهض هذا التوجه بتثقيف المجتمع وتحريضه على المطالبة بحقوقه وحثه على رفض الاستبداد والظلم.
يقول ((لاو تزو))"أن الحاكم المستبد يفرغ عقول الناس ويضعف إرادتهم....ويجاهد في أبعادهم عن المعرفة ويمنعهم من التفكير ويثبط عزائمهم للحفاظ على سلطته".
الاستبداد لوحده غير قادر على قسر المجتمعات على الانصياع والخضوع، فالمجتمعات تتحمل قدراً من المسؤولية باستجابتها له دون ردود فعل موازية تقسر السلطة على تغيير نهجها.
إن تعاطي المجتمعات بفعالية ضد الاستبداد يشجع السلطة على المزيد من الممارسات الظالمة فهناك دائماً حدود ما للقمع والرفض، فردود الفعل الكامنة لابد أن تجد مخرجاً لها للتعبير عن الحقد الكامن في وجدانها بغرض الانتقام من السلطة، لكنها بحاجة إلى التنظيم والتحريض الايجابي الذي يجيده المثقف لحث المجتمع على العصيان ورفض إجراءات القمع والعنف.
يعتقد ((بارنغتون مور))" في كل مجتمع متراص الطبقات هناك حدود ما للفعل ورد الفعل بين الفئات الحاكمة والمحكومة لتجنب العقوبة مقابل حدود معينة من الطاعة لتحاشي العصيان".
يعد العامل الأساس لتدعيم أنظمة الاستبداد هيمنتها على الموارد المالية للبلد، وتوظيفها في شراء الذمم وتقوية أجهزتها القمعية. وإفقار المجتمع لدرجة كبيرة تجعله يستجدي قوت يومه منها، وبذل المال لتجهيله لدرجة يفتقد فيها القدرة على التمييز بين الحقوق والواجبات. وقسره على تفسير ما يحدث له من إفقار وجوع وذل ومهانة وخضوع بتفسير قدري، يسهم به في الغالب وعاظ السلاطين من رجال الدين الموالين لسلطة الاستبداد.
وكلما ضعفت هيمنة السلطة على الموارد المالية للبلاد أو كانت تستمد مواردها المالية من المواطنين على شكل ضرائب، كلما قلت قبضتها على المجتمع. وضعفت أجهزتها القمعية، فالدول غير الريعية تعتمد على المجتمع في الحصول على نفقاتها الإدارية وتسعى (إلى حد ما) لإيجاد وشائج منصفة بينها وبين المجتمع لتسير شؤون سلطتها. وبالعكس فالدول الريعية المهيمنة على موارد البلاد هي التي تنفق على المجتمع وتجعل منه قطيعاً في مرعاها، فتطعم من تشاء وتجوع من تشاء لإجبارهم على الخضوع والاستكانة.
وفي كلا النظامين (الريعي وغير الريعي) يمارس المثقف مهامه في تحريض المجتمع على المطالبة بحقوقه ونشر المعرفة بين أوساطه الاجتماعية لتعرية توجهات السلطة، وبذلك يجعل من نفسه هدفاً للسلطة التي تجده محرضاً على الفتنة وفاضحاً لتوجهاتها المتعارضة مع توجهات المجتمع.
يرى ((دوركهايم))"أنه كلما حصل الحكام على موارد تعينهم على الاستغناء عن شعوبهم، شعروا بالاستقلال عنها. الأمر الذي يدفعهم للتعالي على شعوبهم وإحكام السيطرة عليهم من خلال ممارسة أبشع أنواع القهر والاستبداد".
إن احتكار السلطة (أي كان شكلها) للموارد المالية للبلد دون نظام مالي-رقابي من المجتمع، يدفعها نحو التسلط والاستبداد. وفي مراحل متقدمة من استبدادها تصبح سلطة ديكتاتورية لأنها تعتبر السلطة نظام عنفي للتحكم بموارد البلاد والعباد، فهي في منأى عن المحاسبة وقادرة على فرض العقوبات القاسية على الخارجين على توجهاتها.
يعرف ((موريس دوفرجيه)) الديكتاتورية قائلاً:" أنها مرض من أمراض السلطة وليست ظاهرة طبيعية لها".
دور المثقف في الحراك الاجتماعي دور فعال ورئيسي في التحريض وطرح الأسئلة على الواقع السائد ومعارضة توجهات السلطة القمعية وجهة رقابية عليها باعتباره يمثل السلطة الرابعة في المجتمع. فمهامه الأساس هي الدفاع عن مصالح المجتمع، فهو بطبيعته ينتمي إلى السلطة العليا في المجتمع التي تمثل الأخلاق والقيم والدين...وبالتالي فإنه يجد من مهامه التصدي لتوجهات السلطة المتعارضة مع مهامه التي هي بالمحصلة مصالح المجتمع. إنه ضد أية سلطة قائمة، وبغض النظر عن شكلها وتوجهاتها طالما تتعارض ومصالح المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟