الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا وراء جولة لافروف لدول الخليج العربي

فتحي علي رشيد

2019 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


من كان يتصور قبل ربع قرن أن دولة عربية خليجية يمكن أن تستقبل روسيا (سوفيتيا ) على أرضها وأن ترحب به بحفاوة ؟ الروس قبل عام 1990 كانوا بالنسبة لأغلب العرب وحكامهم ـ بما فيهم كبار المسؤولين السوريين والمصريين ,و بخاصة الخليجيين : شيوعيين ,كفرة ,بلشفيك ,أنجاس مناكيد ,منحلين ..إلخ .
ما الذي حصل حتى تغير موقف هذه الدول من روسيا لتصبح صديقة وليقيموا معها أفضل العلاقات وليقيموا لها على أراضيهم مسارح فنية ومعارض لأحدث الأسلحة الروسية , بل في استيراد بعضها ؟
فسر البعض إنقلاب المواقف العربية بأنه كان نتيجة طبيعية لتحول روسيا من دولة معادية للأمبريالية والصهيونية والرجعية ,إلى صديقة لهم . من دولة داعمة للشعوب إلى داعمة للنظم الأستبدادية . وعندما تيقن عملاء أمريكا والغرب وأعداء الشعوب أن أسيادهم قد رحبوا بروسيا الجديدة فهذا يعني أنه مسموح لهم أن يرحبوا بها أيضا .خاصة بعد أن تيقنوا أن روسيا قد تحولت 180 درجة ,ولم تعد تشكل خطرا على أنظمتهم . وكون التعامل معها لن يمس بنية تلك الأنظمة العميقة .إضافة لأن التعامل مع روسيا بات يقدم لهذه الدول غطاءً سياسيا يُجملَها أمام شعوبها ويظهرهم بأنهم ليسوا عملاء للغرب وأمريكا كما كان يظن البعض .طالما أنهم منفتحين عليهم كما على الروس , وبدلالة العلاقات الجيدة التي يقيمونها مع الروس أيضا . وهذا ما يزيل صفة العمالة والتبعية ويثبت أركان حكمهم أكثر. كون روسيا من ناحية أخرى تقدم لهم ( كما قال لافروف ردا على سؤال وجههه له أحد الصحفيين في لقاء مع وزير خارجية دولة الأمارات ) موارد جيدة من خلال السياحة خاصة الترفيهية والجنسية حيث قدر لافروف عدد السياح في السنة الماضية ب( 800 ألف ) سائح وسائحة روسية لدولة الإمارات . وهذا ما لا تقدمه لهم الدول الغربية .وقد يكون هذا نوع من التقسيم الوظيفي للعمالة البشرية تركه الغرب لروسيا الجديدة ,حيث يظل الغرب محتكرا للمواد الصناعية التي تمكنه من الهيمنة على الاقتصاد والسياسة .ولهذا فإن الدول الغربية وأمريكا تغض النظر عن التواجد الروسي كونه أيضا ـ تواجد سطحي لايمس العلاقة المتينة بين هذه الدول وبين الغرب ,وهو بطبيعة الحال يثبت مواقع وكلائهم وعملائهم التجاريين أكثر.وهم يعرفون أن هذه العلاقات مهما تطورت لاتمكٍن روسيا الجديدة ,التواقة للأمبريالية أن تفكر بالدخول على ذلك الخط . وبالتالي لن تشكل خطرا جديا عليهم لا من الناحية الاقتصادية ولا السياسية والأيديولوجية ,كما لايمكنها أن تحل محلهم في الدفاع عن أمن الخليج حيث تتوفرلها على أراضي هذه الدول أهم وأضخم القواعد العسكرية , وهذا هو المهم بل والأهم .
وبما يجعل حتى من تواجد روسيا العسكري والسياسي في سوريا مجرد وجود دفاعي .لايشكل أي خطر جدي لا على قواعدها في الخليج أوفي تركيا , وكونه من ناحية أخرى يثبت أركان نظام أثبت طوال خمسين سنه قدرته في الحفاظ على أمن وأمان إسرائيل وجعل جبهة الجولان هادئة ( دون أن يكلفه ذلك أي عناء سوى عدم التوقيع على معاهدة سلام قائمة بفعل امر الاحتلال العسكري الواقع على الأرض ,وغير الصراخ ليل نهارفي وسائل الإعلام : مقاومة ,مقاومة وفي ذات الوقت اعتقال كل من تسول له نفسه إقامة تنظيم حقيقي ومقاوم ,أو يمكن أن يقوم بعمليات فدائية لتحرير الجولان المغتصب ) وهكذا فإن التواجد الروسي الهادف إلى تثبيت أركان هذا النظام يحقق لإسرائيل ما يعجز الأمريكان والأوربيين عن تحقيقه بصورة مباشرة . وهنا ندخل في صلب الموضوع الممنوع :
العلاقات الروسية الإسرائيلية :
ربما لم ينتبه كثيرون إلى أن موقف حكام إسرائيل من روسيا السوفيتية لم يكن يختلف عن الموقف السعودي والخليجي , من حيث الرفض والنبذ .إن لم نقل أن كان يوجد تطابق كامل في موقفيهما من روسيا السوفيتية والجديدة (ما قبل الأمبريالية ومابعدها) .
فمن كان يتصور أن يتم استقبال رئيس لكيان محتل لأراض عربية في روسيا السوفيتية دون أن تتم الإشارة إلى ضرورة انسحابها الكامل من تلك الأراضي العربية المحتلة , أوالحديث عن حل عادل للقضية الفلسطينية ؟.
من كان يتصور أن أشد رؤساء إسرائيل تطرفا وعدوانية يمكنه أن يزور روسيا عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية ويستقبله رئيسها بكل احترام ؟ إن لم يكن يدرك الإسرائيليين ,أن لروسيا اليوم , دور حاسم في تمرير الحل الصهيوني في المنطقة , بعد أن عجزت الدول الغربية والرباعية وأمريكاوالأمم المتحدة عن تمريره على العرب .حيث بات النظام الروسي ووزير خارجيته يدافع عن أمن دولة إسرائيل ـ وفي الوقت ذاته ـ يقاتل بشراسة عن بقاءالنظام السوري .وهو ما يمكن لافروف من أن يصبح ـ بذات الدرجة ـ صديقا لإسرائيل وحاميا لسوريا , وبالتالي عرابا لتسوية قادمة . ولاينقصه سوى العمل على دفع الدول الخليجية الغنية إلى دفع أموال لإعادة إعمارسورية . وإلى إعادة تأهيل النظام عربيا ودوليا من خلال حثها على إعادة العلاقات الدبلوماسية معه (خاصة بعد أن أدانت ما ارتكبه النظام ضد بلده وشعبه من جرائم ) .كما حثها على العمل لإعادتة إلى جامعة الدول العربية .وفي الوقت نفسه تليين موقفها من التطبيع مع إسرائيل و العمل على تقبل السلام معها كماهي , وكل هذا وذاك يأتي في سياق عملية أوسع , عملية التمهيد لتسوية قادمة تتيح لإسرائيل إقامة سلام في الشرق الأوسط دون أن تقدم للفلسطيين أي شيئ ؟
ولم يكن ينقصه ولاينقص رئيسه سوى توجيه بعض الانتقادات بين فترة وأخرى , للدورالأمريكي والغربي في المنطقة والعالم حتى يلقى استحسانا وقبولا لدى الرأي العام العربي الشعبي .
فتحي علي رشيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من