الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب يطلق الرصاص باتجاه الجمهوريات العربية.. والبقية تأتي لاحقًا

السيد شبل

2019 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


في ديسمبر 2002 عندما انعقد مؤتمر للمعارضة العراقية بتخطيط من المخابرات الأمريكية والإنجليزية بالعاصمة البريطانية، تمهيدًا لسقوط العراق بفعل الغزو الأمريكي، فيما سمي بـ «مؤتمر لندن».. أُهملت الإشارة إلى « الحركة الملكية الدستورية العراقية » التي اشتركت في هذا المؤتمر الخياني، ثم تم تمثيلها بعضو في لجنة المتابعة والتنسيق.

تلك الحركة كانت ولا زالت تطرح برنامجًا من أجل إعادة نظام الحكم الملكي للعراق، وهو النظام الذي تمّ القضاء عليه بفعل ثورة 14 تموز 1958. نحن إذن بصدد حركة بلا وزن لكن أمريكا رأت ضرورة تمثيلها بالمؤتمر!.

هذا المؤتمر المشبوه حضره أيضًا أحمد الجلبي و"مؤتمره الوطني"، وجماعة المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة ساسة من آل الحكيم، وإخونج العراق الذين يمثلهم الحزب الإسلامي، والحزبان الكرديان بقيادة جلال طالباني ومسعود برزاني.. إلخ.

ولعلّ ما تم إهماله حينها، ينبغي استعادته الآن، بعد اكتمال حلقات "الربيع"، وما يبدو وكأنه حرب مخططة تستهدف الجمهوريات حصرًا، وتسعى لإسقاطها واحدة تلو الأخرى، وتصفية الحسابات بشكل أو بآخر مع ما تبقى من ثورات التحرر الوطني التي انطلقت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

منذ مدة محدودة، أيضًا، قام البرلمان الليبي المنعقد في طبرق شرق البلاد، وهو أحد مخرجات العملية السياسية التي نتجت عن تدخل حلف شمال الطلسي "الناتو"، بما اعتبره رد الاعتبار للملك الراحل إدريس السنوسي وأسرته، وقد تربع السنوسي على عرش ليبيا في الفترة بين (1946 - 1969) ، حيث تم إسقاط حكمه من قبل العقيد الراحل معمر القذافي في ثورة الفاتح من سبتمبر.

وقال المتحدث باسم البرلمان الليبي، إن "البرلمان استعرض المذكرة المقدمة لرد الاعتبار للملك للراحل إدريس السنوسي وأسرته، وبعد المداولة والمناقشة أقرت هذه المذكرة بغالبية الحاضرين".

ويقيم ما تبقى من أحفاد الملك إدريس السنوسي في المهجر.. ويعد الأمير محمد الرضا السنوسي المقيم في المملكة المتحدة، وهو ابن ولي عهد ليبيا حسن الرضا السنوسي، أبرز الشخصيات الملكية التي تطالب بعودة نظام الملكية الدستورية في ليبيا.

هذه الشواهد المتكررة تجعلنا ندرك الآن أن رفع علم الملكية بميدان التحرير في مصر، والصفحات والمسلسلات التي تهلل لـ"فاروق" وتستقبل تمويلات ضخمة، وحملات تلميع الملكية في العراق، والهجوم على جبهة التحرير الوطني في الجزائر، هي خيط واحد، وله جهات تحركه في بعض الأنظمة الرجعية والغرب.. وتريدنا أن نعود قبائل ورعايا وتحت الاحتلال!.

فالسياسة الغربية، مدارس برنارد لويس وصامويل هنتنجتون، ترانا محض مهرجين، كقبائل وطوائف وقابعين في الماضي وغير قابلين للصعود ومواكبة الزمن..

وترى أن شخصيات ومفكرين مثل محمد علي وجمال عبد الناصر وهواري بومدين وجمال حمدان وهادي العلوي هي شخصيات خطأ في سيرتنا القومية، وأن الشخصيات الصحيحة هي محمد بن عبد الوهاب وآل فلان وعلّان بشبه الجزيرة وأتباع أبي الأعلى المودودي..!!

لذا فإن دعم «العثمانية الجديدة»، وتدمير الجمهوريات العربية واحدة تلو الأخرى، أمور تصبح مفهومة جدًا في هذا السياق الذي يريد فرض التسلّف والتفكك، من العراق حتى اليمن..

اللافت أيضًا أن كثيراً ممن يرفعون شعارات "الليبرالية" و"اللا سلطوية" قد تخصصوا في شيطنة جمهوريّات عربية، ووصف "الطغاة" لا يعمل عندهم مع الأنظمة الملكيّة.. وأزعم أنه، وبصرف النظر عن التقييم التفصيلي لأحداث البحرين من 2011، لن تقرأ عند أحدهم اتهامًا لنظامها بالديكتاتورية والطغيان والاستبداد.. أتحدى أصلا إن كانوا يعرفون اسم "ملكها"!.

هذا الربيع المشبوه الذي يتمدد كالأفعى هو انتصار لـ"السي آي إيه"، ويبدو أنه يريد تدمير الجمهوريات بما تمثله، ورغم كل السلبيات، من حسّ تقدمي وأقرب للحداثة والممانعة (باختلاف الدرجات).. ليترك الساحة خالية لأنظمة رجعية كي تهيمن وتتسيّد، حتى حين!. وهنا يلعب تحييد مصر وتقزيمها الذي حصل منذ معاهدة "كامب ديفيد" المشؤومة دور رئيسي في ذلك المخطط.

الحكاية ليست حكاية مشكلات.. المشكلات موجودة دومًا.. الحكاية تكمن في آلية توظيف تلك المشكلات، وطبيعة التعاطي معها، والجهة التي ترفع راية المعارضة باسمها.

ولننتبه إلى أنه منذ 2011، ظهرت الاحتجاجات في عدد من البلدان التي تحكمها أنظمة ملكية، وبعضها أخذ شكلًا "ربيعيًا"، لكنها لم تجد المساندة من الإعلام العربي الطافي، كما لم تجد الدعم الغربي، وتم إهمالها من "الربيعيين" الآخرين .. فقط، استغلت واشنطن تلك الاحتجاجات لابتزاز هذه الأنظمة العميلة، وتركيعها أكثر، بالضبط، كما تفعل حين تقوم بالتلويح بين وقت وآخر بورقة حقوق الإنسان، أو ترعى معارضين للأنظمة الملكيّة.

وهذا لا يعني أننا نتمنى ربيعًا تفكيكيًا في الأقطار العربية المحكومة من أنظمة ملكية، ولا يشي بأي ترحيب بتلك الدعوات الانفصالية على أسس إثنية أو طائفية في تلك الأقطار، بل نحن دعاة وحدة وليس تفكيك، كما لا تدلّ عمالة تلك الأنظمة على نزاهة معارضيها بالضرورة.. لكنه فقط للقياس، ولدينا يقين أن الكل سيأتي دوره في المشروع الغربي التفكيكي لتفجير الدولة الوطنية، وأن أي قطر له (موقع مميز ومساحة كبيرة)، وبصرف النظر عن نظامه الحاكم، ستخطط المخابرات الغربية لتمزيقه تحقيقًا لمصالح الشركات الرأسمالية الكبرى في حكم العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال


.. عبر الخريطة التفاعلية.. تحركات عسكرية لفصائل المقاومة في قطا




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس


.. قصف إسرائيلي على حي الصبرة جنوب مدنية غزة يخلف شهداء وجرحى




.. مظاهرة في العالصمة الأردنية عمان تنديدا باستمرار حرب إسرائيل