الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تزعجوهم.. أنهم يتحاصصون

كريم كطافة

2006 / 4 / 25
كتابات ساخرة


أخيراً، تأكد لنا؛ أننا قوم كنا (وما زلنا..؟)، نخوض الحياة بلا بنى تحتية أو فوقية. نتوسد أرضاً بخيلة ونلتحف سماءً بعيدة. لا تحت غير طوائفنا وأقوامنا ولا فوق غير خالق كل منا يدعي وكالته. والعلاقة الحاصلة بين الـ(فوق) والـ(تحت)، ما زالت على حالها بمسار وحيد، هابط من فوق إلى تحت، لحمته وسداه الطاعة والإتباع. لا فرديات تعكس التنوع الطبيعي للبشر، لا آراء ولا مصالح، غير تلك التي ينطق بها وعنها إمراء، مرة يتلثمون بالدين وأخرى بالدنيا، في جدلية أين منها جدلية ماركس.
لطول انتظارنا صفقة الصفقات، التي تقاسم بها القوم الرئاسات الثلاثة، قد نسيناها وعدنا إلى ممارسة شؤوننا اليومية. وشؤوننا كانت شجوناً. كنا في كل يوم نطور ونشذب بوسائلنا لتحصيل تلك الشؤون، مرة وفق آخر ما وصلنا من تكنولوجيا الكفار ومرات وفق آخر ما وصلنا من صحاح القوم الأخيار. لقد طورنا تقنية الخطف مثلاً وحولناها من خطف بالمفرد إلى خطف بالجملة، وهذه لعمري تحسب لنا في تلك الجداول التي تعكف على إعدادها مؤسسات وهيئات معتبرة خارج حدودنا، كذلك طورنا تقنية قتل وتسليم الجثث، قديماً كانت الجثث تخفى أما تحت التراب أو في النهر، وهذه كانت تحسب علينا، لذلك تنادت الأقوام والطوائف المتناحرة على التناغم مع روح العصر وهو عصر الشفافية الفضائية كما تعلمون، لذلك صارت الجثث تظهر كل صباح في الشوارع أو في الساحات العامة أو في المبازل، وهناك هيئات ولجان استحدثت لعد وإحصاء ودفن الجثث. وهذه مساهمة باهرة في توفير فرص عمل جديدة. العمل كله يتم بشفافية وحضارية كاملة. أما من يقتل ويرمي هذه الجثث..؟ فكل المؤشرات المتوفرة تقول أن الجثث قتلت نفسها بنفسها بصاعق مجهول، لكن بإمكان الباحث الحريف أن يستدل على الفاعل من هوية الجثة. أما التفخيخ فقطعنا به أشواطاً بعيدة، لتوفير اليسر والسهولة وكما تعرفون أن ديننا هو دين اليسر وليس دين العسر، أننا تفوقنا في اليسر في هذا المجال الحيوي، حتى على شركة الوندووز التي تجهد نفسها أيما إجهاد فقط لجعل برامجها سهلة الاستخدام لأغشم المخلوقات، أننا أيها السادة حولنا التفخيخ من تفخيخ السيارات التي تقتل بشكل عشوائي وهي تقنية معقدة، إلى تقنية تفخيخ المبردات وهي تقنية سهلة وفي متناول أي كان، والقتل فيها يكون معلوماً بالاسم والرقم.. بل نحن في طريقنا لتفخيخ حتى الصوبات، ليستمر جهادنا في كل الفصول. نقوم بأعمالنا اليومية على أحسن ما يرام، تحت إمرة أمراء من أوزان مختلفة، كلهم يخافون الله ويدافعون عن أبناء دينهم ومذهبهم.
وفي ظل كل هذه التطورات والإنجازات المذهلة، ما زال ذلك العراقي الأعزل إلا من عراقيته، يسمع صباح مساء ذات الدعاء: لك الله أيها المسكين.. كان عليك أن تتأبط طائفتك أو قومك وتتلثم برقم يدخل في سجلات هذا الأمير أو ذاك.. ما لك ولهذه العراقية التي لا تسمن من جوع ولا تقي من برد ولا تحمي النفس التي حرم الله قتلها إلا على الهوية.. أنت حالم يا هذا.. لقد صدقت النبوءات الكاذبة، صدقت أن نفسك هي أشرف من الكعبة.. وصدقت أنك كائن مجنح قادر على الطيران بلا قومية أو دين أو مذهب.. وأغمضت عينيك لئلا ترى ذلك التصاعد المذهل لأرقام بورصات الطوائف والمذاهب وهي تصعد إلى عنان السماء، يتقدمها سهم الدين الذي بلغ أرقاماً فلكية وقيل في رواية أخرى أنها سماوية.. ألم تر كيف آزر ربك الطوائف المتصارعة بصفقة الصفقات.. ألم يجعلهم تحت قبة البرلمان يتقاسمون الرئاسات الثلاث على الهوية.. وأنت ما زلت تصرخ أنها والله لقسمة ضيزى.. ما هذه الضيزى التي لا أدري من أي نص مقدس خرجت بها علينا.. اتق الله في نفسك من التضييز يا هذا.. عد إلى طائفتك وقومك.. عد إلى رشدك ودعهم يتحاصصون..
24/04/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان