الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زوتشيه: السعي للاستقلال والسيادة، ومَركزة دور الإنسان، واشتراط وجود قيادة

السيد شبل

2019 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تركّز فكرة زوتشيه في كوريا الشمالية على دور الإنسان في دفع عجلة التاريخ إلى جوار العوامل المادية، ثم تنتقل من ذلك لمركزية دور القائد وأهمية وجوده و«تبجيله واحترامه» باعتباره عامود خيمة التجربة النهضوية والعقل الأعلى، كما تولي أهمية مكثفة لمسألة الاعتماد على النفس، وليس حتى على الحلفاء، وكذلك الاستقلال الوطني (وتلعب حرب التحرر من الاحتلال الياباني دور هام في تشكيل الوعي القومي للكوريين الشماليين)، كما تهتم جدًا بمسألة الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، لذا تم السعي مبكرا نحو التصنيع الثقيل.

في 1955 خطب كيم إيل سونج قائلا: «لجعل الثورة في كوريا يجب أن نعرف التاريخ والجغرافيا الكورية وكذلك عادات الشعب الكوري. عندها فقط يمكن تعليم شعبنا بطريقة تناسبهم وإلهامهم بحب وطنهم... »، وينظر لهذا الخطاب باعتباره بداية لفكر زوتشيه، وترجمة الكلمة الكورية هي تقريبا: (الاعتماد على الذات) أو (الاستقلال).

تم النظر لأفكار كيم إيل سونج بالبداية محليًا باعتبارها تطوير للماركسية اللينينية، لكن لاحقًا تم النظر إليها كشيء أكثر استقلالية، وله خصائصه واسمه الذي يجب أن يتميّز كما الماويّة والستالينيّة والخوجيّة.

هناك اعتقاد في كوريا الشمالية أن أنظمة أوروبا الشرقية سقطت لأنها طبقت النموذج السوفيتي بطريقة ميكانيكية، وكانوا أتباع تمامًا، ولم يراعوا ظروفهم الخاصة، حيث لكل مجتمع أوضاعه التاريخية والاجتماعية، ويشير كيم جونغ إيل (نجل كيم إيل سونج) إلى وضع كوريا الشمالية في بداية التأسيس كمجتمع شبه متخلف وغير رأسمالي وتحت الاستعمار، ويعاني التهديد الأمريكي من كوريا الجنوبية، فكان يجب تطوير النموذج الذي يلائمه، ويعتبر أن "زوتشيه" هي أعلى مراحل تطور الأيديولوجية الثورية للطبقة العاملة، وأنها تسعى للتحرر القومي وللتحرر الطبقي، ويعتبرها بمثابة «الاشتراكية الكورية» أو «الاشتراكية تبعًا لأسلوبهم الوطني».

ويقول كيم جونغ إيل بأن اشتراكيتهم تتمحور حول الإنسان، مما يجعلها تقطع مع الفكر الماركسي-اللينيني، الذي يجادل بأن القوة المادية هي المحرك للتقدم التاريخي وليس الناس، وتركز «زوتشيه» على أن القوة السياسية والأيديولوجية الدافعة للثورة ليست سوى قوة التوحّد بين (الزعيم والحزب والجماهير).

وبحسب "زوتشيه" فإن شرط نجاح الجماهير في حركتها للثورة والتغيير هو وجود قائد، لأنه بدون قيادة لا تستطيع الجماهير البقاء والمواصلة. وعلى عكس الماركسية اللينية التي تعتبر التغيرات في الظروف المادية للإنتاج والتبادل هي الأساس كقوة دافعة للتقدم التاريخي تعتبر زوتشيه البشر عمومًا القوة الدافعة في التاريخ، فـ ((الإنسان هو سيد كل شيء، ويقرر كل شيء))، وقد تم تلخيص الفكرة أنه يتم وضع الجماهير الشعبية في مركز كل الأشياء، والقائد هو مركز في وسط الجماهير. وتقول زوتشيه مثل الماركسية بأن التاريخ محكوم بالقانون، لكن الإنسان له دور مركزي في الدفع نحو التقدم، والجماهير هي من تحرك وتغيّر، وحتى تنجح فهي تحتاج إلى قيادة.

ومن المعروف أن كيم إيل سونج الذي توفي عام 1994، كان من أشد مؤيدي يوسف ستالين، وانتقد الخروتشوفية واتهمها كما ماو تسي تونج بالتحريفية، رغم ذلك لم يتورط كثيرا في الصدام الصيني السوفيتي، وكان أكثر بحثًا عن الموقف المتفرد والمستقل.

ويعتبر سونج أن الاستقلال، والذي يركز عليه بشدة، ليس في صدام مع الأممية بل هو أساسًا لتعزيز التعاون الأممي، ودومًا ما أكد أن بلاده تسعى للتعاون مع الدول الاشتراكية والحركة الشيوعية الدولية و الدول المستقلة حديثًا على أساس عدم التدخل والمساواة والمنفعة المتبادلة.

في كوريا الديمقراطية أو الشمالية فإن "زوتشيه" ليست مجرد أفكار سياسية، بل هي أكبر من ذلك، حيث تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الوعي العام، وهي تؤكد على المساواة، وتشجع على العمل والبناء.

خلال النصف الثاني من التسعينيات قام كيم جونغ إيل بإدخال سياسة «سونجون» أي الجيش أولًا أو للجيش الأولوية، التي تولي أهمية كبيرة لبناء جيش شعبي قوي يلعب دور فعال ومركزي وثوري في داخل المجتمع، وفي الدفاع عنه، وتعمل على حشد الممكن لتقوية هذا الجيش.

في السبعينيات كانت كوريا تعمل على نشر هذه الأفكار عبر مختلف دول العالم، وأنشأت معهدًا خصيصًا لهذا الغرض، وقد وصل تأثيرها حتى رئيس مدغشقر ديدييه راتسيراكا بأول سنوات حكمه فقط، ومجموعة الفهود السود في أمريكا وكذلك نيبال، ولا يعني ذلك أنها تم تطبيقها تماما خارج كوريا، لكنها أثّرت في تجارب سياسية، وفي أفكار كُتّاب أيضًا، ومنهم كُتاب عرب استعاروا منها أفكارًا حول الإنسان ومركزية دوره في التغيير.

من جهة أخرى فإنه يتم توجيه النقد لهذه الأفكار من زاوية ما يترتب عليها من تبجيل مفرط إلى حد القداسة لشخصية الزعيم لدرجة تشبه العبادة، مما يعطي الأمر بُعد ديني، متأثر بنمط ما من التفكير في الفلسفات الآسيوية، بينما يدافع عنها مؤيدوها بأن تلك الرابطة مطلوبة لتعزيز التلاحم المجتمعي، وأن البُعد الديني يلزمه إيمان بالمعجزات الخارقة للطبيعة وأفكار غيبيّة، وهذا شيء غير موجود على الإطلاق هناك في دولة تركز على الأفكار المادية، وبين هذا الدفاع والنقد يظل الجدل قائمًا.

كما يجب ملاحظة أنه منذ التسعينيات أخذت اللغة القومية تتصاعد في الخطاب السياسي الكوري الشمالي.

مصادر:

https://www.worldatlas.com/articles/what-is-the-juche-ideology-of-north-korea.html

https://en.m.wikipedia.org/wiki/Juche

http://www.alraimedia.com/Home/Details?Id=2af05612-610c-4f5d-b865-f659f07af472

https://www.masress.com/msaeya/3443

*ملاحظة:
المقال أعلاه على سبيل العرض للفكرة، وربما يتم تخصيص مقال آخر للنقاش في بعض نواحيها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية