الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغيبون بين داعش وقسد

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2019 / 3 / 15
حقوق الانسان


داعش تلفظ أنفاسها الأخيرة، وخطابات النصر على داعش مجدداً، توالت من وارسو وميونيخ، دون أن تشير الى مصائر محددة من علائم القضاء عليها، سوى أنها تلاشت، لم تعد موجودة في الباغوز آخر قلاعه، ومع ذلك تمرر وكالات الأنباء أخبار متواترة بشأن استسلام مئات الدواعش، مقتل العشرات منهم، ومحاصرة آخرين. وخلف هذا التواتر الإخباري الذي يحمل نقيضه أحياناً، تغيب أخبار أخرى، عن المفاوضات التي تجري بين داعش وقسد من أجل تمرير الإرهابيين الى الصحراء جنوب الفرات مجدداً، أو إلى أي مكان آخر، مقابل 3 آلاف دولار لكل مقاتل، وخبراً آخر عن قيام داعش بتسليم عشرة معتقلين لديها، الى الأمريكيين، مع ثلاثين طناً من الذهب، نقلتها ثلاث حوامات الى قاعدة الشدادي الأمريكية!
في هذا الوقت الضيق، المتبقي من حملة قسد – ترامب، الأخيرة ربما، لتفتيت بقايا داعش، التي انتهت مهمتها مؤقتاً في سوريا، دون أن تتلاشى أذيالها، تتصاعد المطالبات في الغرب، بشأن إعادة عناصر داعش الغربيين، ويتحدثون عن مصائر عرائسهم، وعن أبنائهم الذين ولدو في ظل حكم الإرهاب الداعشي، الموجودين في ظروف إنسانية صعبة في مخيمات خاصة. ثمة حملة يتم الإعداد لها، لن تلبث أن تنطلق من أجل إعادتهم الى بلدانهم في أوروبا وكندا وغيرها، دون أن يتطرق أحدٌ إلى وجوب محاكمتهم!
دفعتنا الأخبار التي تواترت مؤخراً، مع بدء العملية العسكرية في الباغوز، بشأن الأب باولو، لإحياء بعض أمل حذرٍ بشأن المغيبين لدى داعش وأخواتها، ووحدات حماية الشعب إحداها. الأب دالّوليو المختطف لدى داعش منذ تموز 2013، إبان زيارته الرقة، وذهابه الى مقر التنظيم الإرهابي، كوسيط كما هو معروف، ساعياً إلى لقاء أمير النصرة حينها، وفي قلبه يحيا أمل كبير بشأن المختطفين الذين ألحقه الإرهابيون بهم، الذين لايعرف أحدٌ عنهم شيئاً حتى اليوم.
الى جانب الأب باولو ثمة نشطاء الحرية الذين رأت التنظيمات الظلامية في حراكهم خطراً يتهدد وجودها، وهم في حقيقة الأمر، من طليعة المناضلين الذين انتفضوا ضد الديكتاتورية الأسدية، وتعرضوا للإعتقال والملاحقة والإبعاد، ومن ثم كان عليهم مواجهة الإستبداد الظلامي الذي مثلته ثلاثية " أحرار الشام – النصرة – داعش " إضافة إلى الأسدية، في المناطق الشمالية السورية، انطلاقاً من الرقة، أولى مدن الثورة المحررة.
قضية المغيبين لم تنل الالتفاتة التي يتوجب على المجتمع الدولي ، أن يكون معنياً بها، خاصة مجتمعات القوى المتدخلة في محاربة داعش: الولايات المتحدة، وأوروبا بشكل خاص. لم يعبأ أحدٌ حتى اليوم بالبحث عن مصائرهم، ولم تكشف القوة العسكرية ( قسد ) التي ورثت داعش، عن أي شئ بخصوصهم على الرغم من مرور قرابة ثمانية عشر شهراً على خروج داعش من الرقة ( اكتوبر 2017 ).
هو تجاهل متعمد لحقوق الضحايا السوريين، ولمشاعر ذوي المعتقلين والمغيبين، وهو إغفال متعمد أيضاً في الكشف عن جرائم داعش. لقد استسلم مئات المقاتلين لقوات قسد، وهي تتحفظ عليهم في سجون ومعسكرات سرية، كما أن المئات منهم، قد انضموا الى ميليشيات صالح مسلم. لم تظهر أية نتائج لتحقيقات أجرتها قسد، وبالطبع وحدات حماية الشعب، باعتبارها العصب الأمني والعسكري، لقوات الأمر الواقع اليوم في الجزيرة الفراتية، ولا يزال التعتيم مستمراً حول المعلومات التي أمكنها الحصول عليها من عناصر التنظيم الإرهابي، وهذا الأمر ينسحب على الولايات المتحدة بشكل أساس، التي تحوز كل المعلومات حول المفقودين: معتقلين ومختطفين، لم يكن الأب باولو أولهم ولا آخرهم.
عشرة أشخاص سلمتهم داعش لقسد قبل أسبوعين، هم من المختطفين لديها. لا نعرف من هم، ويبرز التساؤل مجدداً عما إن كان أحدهم الأب باولو، أو المحامي عبدالله الخليل، أو الدكتور اسماعيل الحامض، فراس الحاج صالح، وابراهيم الغازي، وغيرهم.
كما نعلم لا يوجد لقسد أي مختطفين لدى تنظيم الدولة الارهابي، أو لدى جبهة النصرة وغيرها. جميع المغيبين، هم من أبرز نشطاء الحراك المدني الثوري السوري، في الشمال السوري، بصورة خاصة.
قضية هؤلاء أساسية، كما قضية كل المعتقلين لدى جبهة النصرة، او المعتقلين في سجون الطاغية الأسدي. وقسد مطالبة بالكشف عن مصير المغيبين الذين كانوا في سجون داعش، وهي تتحمل مسؤولية مباشرة عنهم، في ظل استمرار صمتها حيال مصيرهم، وعمن تم اغتياله، منذ بدء حملة غضب الفرات، ودحر داعش من مدينة الطبقة في مايو 2017.
المفارقة الملفتة أن ميليشيا قسد تمكنت من رفع رفات العشرات من الجنود النظاميين الذين قتلوا شمال الرقة، وقامت بتسليمهم الى النظام الأسدي، لكنها لم تستجب إلى دعوات السوريين في التحقيق بشأن المفقودين. إن الاستمرار في تجاهل الكشف عن مصيرهم بعد عام ونصف من خروج داعش من الرقة، يعني إشتراكها في جريمة الإخفاء، وفي التستر المنظم المتعمد على جرائم داعش.
لم تكتف قسد بذلك، لكنها قامت بدور الوجه الآخر لداعش، بصورة فريدة، فقوة الأمر الواقع المسيطرة على المنطقة الفراتية، بدعم أمريكي مباشر، تنتهك حقوق الأفراد والجماعات، وتمارس الإرهاب ضد قادة المجتمعات المحلية والنشطاءالمدنيين، بملاحقتهم والاعتداء عليهم واغتيالهم، والسطو على الممتلكات العامة والخاصة.
يحدث هذا في جميع المناطق التي تحتلها باسم محاربة الإرهاب، وفي الوقت نفسه، تبيع الممرات الآمنة للمقاتلين الدواعش، كي تبقى في المنطقة، خلايا إرهابية نائمة، يمكن إيقاظها عند اللزوم، أو دعشنة المناهضين لوجودها وسياساتها، كالسيف المسلط فوق الرقاب.
قسد مُطالبة أيضاً بالكشف عن نتائج التحقيقات، ومعرفة مصير المغيبين، وكذلك مُطالبة بتقديم تفسيرات حول المقابر الجماعية التي تضم الآلاف من أبناء المنطقة الذين قضوا على يد كل من داعش وعمليات التحالف، وآخرين تمت تصفيتهم بعد خروج مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي من الرقة. هذه الاستحقاقات لا يمكن التغاضي عنها، مهما امتلكت قسد من قوة تكميم الأفواه والاتكاء على دعم واشنطن، خاصة في ظل الحديث عن شكر ( المُحرِّرين المحتلين ) و"التصالح" معهم !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح ا


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة




.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين


.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت




.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا