الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر واحة الفساد فى الشرق الأوسط

محمد حماد

2006 / 4 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


رئاسة حسنى مبارك صارت شيئاً من الماضي، لم يعد هو موضوع النقاش، والمطروح أن يذهب الرئيس إلى توريث الرئاسة لأبنه الصغير أو يتنازل عن الحكم لمن يختاره ليستريح ويريح!
الأقرب إلى التصديق ألاَّ يحزم الرئيس حقائبه خارج قصر العروبة إذا مضى مسلسل التوريث إلى غايته المنشودة عائلياً، والأهم أن حقائب الرئيس السياسية ستبقى كألغام قابلة للانفجار تحت أقدام القادم إلى القصر الرئاسي، سواء كان الموعود بالكرسى أم غيره ممن يبحث عنهم الرئيس فلا يجد حتى الآن ضمن ملايين المصريين أحداً تتوافر فيه صلاحيات نجله جمال!
ولست أشك فى أن أكبر مقلب يمكن أن يعطيه مبارك الأب لمبارك الابن هو أن يمضى قدماً فى عملية التوريث التى بات الكلام على قرب حدوثها يملأ عناوين الصحف، فالأب لن يترك البلد إلا وهى فى أسوأ أحوالها، وأردأ أوضاعها، فلا تكاد تجد طوبه على طوبة فى البلد، كأنها دخلت مقاولة هدم مفتوحة منذ ربع قرن، والنتيجة أمامك واضحة:مصر على الأرض!
ليس ثمة ما يسد الطريق أمام مبارك الابن نحو الرئاسة، إلا المصيبة التى سيجدها فى انتظاره على باب القصر، مصيبة انهيار كل شيء، وبيع كل شيء، وفساد كل شيء، بسبب السياسات نفسها التى لا يعرف الوريث غيرها، ولم يتعلم غير المضى فيها، وساعتها سيعرف أنه أخذ أكبر مقلب فى حياته، وسيحس طعم المرارة من أن المقلب جاء من القريب، وهى أشق من المقالب التى تأتيك من الغريب!
سيواجه الوريث بأن المصريين جميعا بمن فيهم المدافعين عن حكم مبارك يرفضون أن تبقى مصر فى الحوزة العائلية أكثر مما بقيت، وربما يرون أن بقاءها تحت حكم آل مبارك قد طال أكثر من المعقول والمقبول!
سيترك الرئيس مصر وهى واحة الفساد فى منطقة الشرق الأوسط الكبير والصغير، فساد فى البحر كما فى البر، فساد يملأ ساحة المكان والزمان.
سيتسلم الوريث مصر والفساد سياسة ثابتة للنظام، والمادة الأولى فى دستور دولة الفساد أنه إذا وقع من الجماعة فاسد تداعى له سائر الأعضاء بالسفر والتهريب، إلا صغار الفاسدين فيقَدَموا قرباناً لآلهة الظلام طمعاً فى استمرار الفساد واستقراره!
سيتسلم الوريث أياً كان مصر والفساد على كل لون، والفاسدين فيها أنواع: منهم كبار رجال الحكومة ومنهم كبار رجال الحزب، منهم المقربين للرئيس ومنهم المقربين لرجال الرئيس، وزراء ورجال دولة، منهم من يتمتع بالحصانة، ومنهم من يتمتع بالحماية الرسمية من رؤوس الفساد، ومنهم من يتمتع بحق الهروب إلى الخارج وقت ما يريد ومن قاعات كبار الزوار وكبار الهاربين، وسيجد أن أجهزة الرقابة معطلة عن الرقابة أو معطلة عن المضى فى الشوط إلى نهايته المعروفة، وملفاتها حبيسة الأدراج تحت الطلب!
سيجد الوريث قلعة مصر الصناعية وقد صارت خراباً يباباً، وبيعت ولم يبق منها غير القليل، والبطالة قضية أكثر من ملحة، وتكاد تنفجر فى كل وقت، مستوى التعليم فى حالة يرثى لها حتى أننا تزيلنا قائمة التعليم والبحث العلمي.
لن يجد الوريث غير هذا الوضع الاقتصادى المتدهور، وساعتها لن يكون البيع هو الحل، خاصة وأن عملية البيع أتت على كل ما يمكن ولا يمكن بيعه، ولم يبق غير أن يبيعوا البشر باعتبارهم أشياء زائدة عن الحاجة!
لن يفاجيء الوريث بالدم الذى يغلى فى عروق المصريين، والغضب الذى يملأ صدورهم، وسيواجه الوريث هذا الشرخ العميق فى جدار الشرعية المليء بالتشققات ولن يجد غير انهيار النظام الحزبي، وسقوط التعددية السياسة وضعف فكرة الأحزاب، وانفضاض الناس من حول اللعبة الديكورية التى سقطت كل أقنعتها المخفى منها قبل الظاهر!
قد لا يتمكن أحد غير جمال مبارك من التقدم على الطريق إلى قصر العروبة لكن لا يمكن التقليل من أن ثمة عقبة أمام توريث السلطة تتمثل فى أن موقف بعض مؤسسات النظام السيادية من قبول التوريث هو الذى سيحسم الأمر عند خط النهاية.
وهو فى النهاية لن يكون غير أكبر مقلب يمكن أن يلبسه الوريث الذى طال انتظاره للمقلب الكبير!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال