الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس والعهر الوطني

محمود علي الخطيب

2019 / 3 / 19
القضية الفلسطينية


في بداية أحداث اعتصامات حراك "بدنا نعيش" منذ خمسة ايام، خرج الكثير من حماس ومؤيديها باتهامات للحراك بانه مسيس وخارج عن الصف الوطني ومشبوه ومأجور إلى آخره من الاتهامات التي تكشف ضعف البصر والبصيرة اللذان اصابا الحركة على كل الأصعدة. فمطالب الناس مشروعة، والضرائب التي تفرضها حماس خيالية، فطن الاسمنت مثلا في الضفة الغربية حيث الأمان الوظيفي ومعدل الدخل أعلى لا يتجاوز 600 شيقل، اما في غزة فطن الاسمنت يتراوح بحدود الفين شيكل ويكسر هذا السعر الى ما هو اعلى أحيانا، رغم استيراده من مصر بأسعار التراب مقارنة بأسعار الضفة.
الجماهير طالبت بما هو حقها في محاربة الغلاء، تخفيض الضرائب تلك المطالب هي أيضا واجب سلطة الامر الواقع، فان كانت سلطة الامر الواقع لا تستطيع تحقيق المطالب البسيطة وتتهمها بالمسيسة والمأجورة، فهو يكشف المنزلق الفكري الذي انحطت اليه الحركة الإسلامية، فهي تتخلى عن مسؤولياتها كحاكم في الوقت الذي تريد فيه الحفاظ على مزايا ومكتسبات الحكم.
خرج الدكتور الفاضل باسم نعيم وهو وزير الصحة السابق لحكومة حماس وهو محاضر جامعي في الجامعة الإسلامية في غزة، ليقول ان بيان الفصائل المؤيد لمطالب الجمهور بضرورة ان تجد حماس حلا لمطالب الجماهير وان تخفض الضرائب وتعمل على توفير الحياة الكريمة للمواطنين بصفتها حاكمهم الفعلي في غزة. فخرج الدكتور الموقر ليتهم الفصائل بالانتهازية السياسية والعهر الوطني. فإن كان هذا الكلام يصدر من مثقفيهم واكاديمييهم فماذا تركوا للجهلة وعابري السبيل؟ كان الأولى بالدكتور الفاضل والحركة الربانية من خلفه ان تستوعب وتستجيب لمطلب الجماهير التي لا تجد قوت اطفالها في وقت ترى بأم عينها ترف وبذخ حياة القادة من عقارات وسيارات واملاك واستثمارات بأسمائهم وأسماء أبنائهم وانسبائهم وتضاعف ثرواتهم مئات الاضعاف، في وقت لا يرى فيه اهل غزة سوى الفقر والحرمان.
يبدو أن الدكتور الفاضل نسي او تناسى ان تلك الفصائل التي يتهمها بالعهر نددت وتندد بالحصار وباجراءات سلطة رام الله تجاه غزة، ونسي او تناسى ما قدمت من تضحيات ودماء، ونسي انها معه في غرفة الفصائل المشتركة، فان كانت الفصائل عهرا فماذا يكون شريكهم -حماس- في الغرفة المشتركة وفي النضال؟ فهل يجب علينا ان نغير خطابنا الوطني ليتسق مع رؤية قيادة حركة حماس فيما يخص العمل الفصائلي؟ فهل نخاطب الفصائل بما فيها حماس بانهم رفاق سرير بدلا من رفاق سلاح؟ وأن ماخورا واحدا يجمعهم بما فيهم حماس بدلا من خندق واحد؟ فهذا يتفق مع الرؤية العشرية الجديدة لحماس حسب متحدثها ومتفيهقها باسم نعيم. فليكن يا سيد الدكتور والوزير المحترم باسم نعيم، إن ماخورا واحدا يجمع حماس بفتح، انه ماخور الانقسام البغيض، انه ماخور الاتجار بدماء وآلام ومعاناة الناس، وماخور واحد يجمعكم أنتم وفتح والاحتلال، انه ماخور القمع الغوغائي والبربري لمساكين وفقراء ومنكوبي هذا الشعب. فصورة القمع نفسها تكررت وتتكرر كثيرا في القدس، في رام الله، وفي غزة، فطغيان الحاكم يتسق مع سياسات الاحتلال، فالفساد والاحتلال وجهان لعملة واحدة، فالطغاة والفسدة وقطيع الرعاع من الخدم وخصيان الحاكم قد تختلف أسماءهم وصفاتهم، لكن الضحية تبقى واحدة هي هذا الشعب.
فالانتفاضة الأولى حين انطلقت، لم تكن غايتها الحكم، ولم يكن سببها ان الناس أرادت ان تولي عليها من لا يتق فيهم إلا ولا ذمة، بل لان الشعب أراد كرامته، لان الشعب رفض مبدأ القمع والاضطهاد العبثي. تلك الانتفاضة حققت مراد الشعب إلا انها ما لبثت ان جلبت بعض الفسدة وولتهم مناصب، ثم اكتمل نصاب مجلس الفسدة واللصوص وقطاع الطرق بانتخابات عام 2006. يبدو ان سياسيينا لا يفهمون ان الوطن كرامة قبل كل شيء، فما قيمة الوطن لو كان الانسان يهان فيه بكرة وعشيا؟ ما قيمة الوطن لو بات أطفال فقراءه جياعا؟ وما قيمة الوطن لو حُرم المصاب من الدواء لتُبتر يده او ساقه، وما قيمة الوطن لو كان عنصر الامن الذي من واجبه حماية مواطنيه ينتهك حرمة بيوتهم ويُكسر عظام اطفالهم؟ الوطن كرامة يا سيد باسم نعيم ولن يفهم ذلك من فقد الكرامة.
فنضالنا ومقاومتنا قبل ان تكون لتحرير الأرض هي لتحرير الانسان أولا، ولكي نكون مناضلين ومقاومين شرفاء علينا ان نكون انسانيين أولا، فلا يستقيم النضال ولا تستقيم المقاومة ولا يستقيم الدين والوطنية من ادعيائها الا اذا كانوا انسانيين، فليس مقاوما ولا شريفا من ينتهك حرمة البيوت او يضرب النساء والأطفال، وليس شريفا ولا مناضلا من يهدد الأهالي بتكسير عظام ابناءهم ان هم خرجوا محتجين على أوضاعهم المعيشية، وليس انسانا ولا آدمي من حرّض بشكل مباشر على احداث اعاقات دائمة لمعارضيه السياسيين كما يفعل عناصركم بالتحريض على اطلاق النار على مفاصل ركبة المعارضين، وكأننا لسنا منكوبين بما يكفي بما خلفته من معاقين ثلاث حروب واقتتال داخلي رخيص الهدف. فلا تتحدثوا عن المقاومة او الشرف الوطني والعوار فيكم بيِّن، فالمقاوم والشريف إنسان، والوطن كرامة الانسان ولن يفهم ذلك من فقد البوصلة وفقد الكرامة.
أجهزة حماس الأمنية في غزة ارتكبت ما يندرج تحت بند الجرائم ضد الإنسانية بالاخفاء القسري للمحتجزين، فلا محاكمات ولا لوائح اتهام ولا يعلم الأهالي اين ابناءهم، الوطن كرامة الانسان يا سيد يحيى السنوار. التعذيب في الشوارع وفي اقبية السجون والمساجد حدث عنه ولا حرج رغم التعتيم الأمني وعدم الشفافية في تبادل المعلومات وتعمد وزارة الصحة في غزة تغطية الشمس بالغربال، فلم يصدر عن الوزارة اللا مسؤولة اية بيانات فيما يخص اعداد الإصابات التي وصلتها، إلا ان بيانات المراكز الحقوقية والصور التي نشرها الناشطون تكشف فضيحة عدم أهلية تلك الوزارة، فالضحايا لا بواكي لهم. أجهزة حماس أيضا تعمدت التخريب الغوغائي للبيوت والسيارات والممتلكات الخاصة، وهو ما كشفته الكثير من مقاطع الفيديو التي نشرها النشطاء. ان تلك الممارسات تتسق وتتساوى مع ممارسات الاحتلال او تزيد، فظلم ذوي القربى اشد. الوطن كرامة يا سيد يحيى السنوار، الوطن كرامة يا سيد إسماعيل هنية، ولن يفهم ذلك من فقد الكرامة، فعودوا الى رشدكم وصححوا اتجاه بوصلتكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - براءة
محمود علي الخطيب ( 2023 / 10 / 22 - 13:37 )
بعد المعجزة التي صنعتها حماس والمقاومة في غزة، شجاعة تغفر لها كل زلل. طريق التحرير قد بدأ وإنني ابرأ الى الله من اي نقد لا موضوعي نابع عن جهل او عدم دراية. فعلى حماس ما عليها، لكن ما لها يجٌب ما سواه

واتمنى من الحوار المتمدن احترام رغبتي التي وضحتها لهم منذ اشهر، بحذف هذه المقالات

اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها