الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات الحرب - ستة أشهر

مصطفى علي نعمان

2003 / 3 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


.اليوم ا لسابع:الثلاثاء، 25 آذار، 2003

ستة أشهر:

فارليتس، أحد المهندسين اليوغسلاف، لا أعرفه أنا، ولا تعرفه أنت، ولا يعرفه الكثير من أبناء الشعب العراقي، لكنه يعرف العراق، يعرف صدام، يعرف ماذا فعل لصدام، قال إن لصدام ملجأً تحت الأرض، لا تطاله حتى قنبلة نووية، يستطيع أن يبقى فيه ستة أشهر من دون أن يحتاج إلى أي شيء، وربما يقصد أن الملجأ يتسع إلى إمدادات غذائية تكفي صدام، ومن لف لفه من المقربين لمدة ستة أشهر، وإلا فأي ملجأ أمن، فوق الأرض، تحت الأرض، يستطيع أن يبقى فيه الفأر مدة لا نهاية لها، ولولا قضية الملجأ الذي تكلم عنه فارليتس، لما تذكرت قضية كنت نسيتها منذ مدة طويلة!

بعد مجيء البعثيين مرة ثانية إلى السلطة بقطار، أمريكي، صهيوني، إجرامي هذه المرة، "1968" وبعد مدة لا أستطيع تذكرها، ربما بعد تأميم النفط! اتصلوا بأكبر مقاول عراقي آنئذ: حسيب صالح، هكذا أتذكر الاسم، ربما خانتني الذاكرة، فمعذرة، وشكراً، لمن يصحح لي، المهم، أنهم طلبوا من المقاول تقديم عرض، لبناء ملاجئ سرية، مطار تحت الأرض، شبكة أنفاق، تربط مجلس الوزراء، بمجلس قيادة الثورة، بالقيادة القطرية، ولضخامة المشروع، اعتذر المقاول العراقي، فطرحت المناقصة على بضعة شركات أجنبية، قدمت عروضاً بأرقام هائلة، فلكية! تتجاوز عشرات المليارات! لكن السلطة اختارت العرض اليوغسلافي، بالرغم من أنه لم يذكر أي رقم! لماذا؟ كان العرض جديداً في كل شيء، لا يشبه بقية العروض، يسمى بعرض القائمة! أي أن المقاول لا يقدم أي رقم! عوضاً عن ذلك يقدم قائمة صرفيات للمرحلة المنجزة، ويضيف إليها خمسة وعشرين بالمئة كأرباح، أما كم كلفت هذه المنشآت من لقمة الشعب العراقي! ورفاهيته! فلا أعرف أنا، ولا حسيب صالح، ولا أي عراقي! باستثناء صدام حسين، لكن علمه الآن لم يعد يفده، أو يهمنا، فقد يقتل خارج الملجأ، وقد يقبر فيه، فالقضية قضية وقت، والوقت آت لا محالة!

تصحيف الصحاف:

صحَّف لغةً: زيف الكلام، غيره متعمداً، أو أخطأ في قراءته، والصحَّاف، الصبي الذي يبيع الصحف، أو الأمي الذي يخطئ قراءة الصحيفة!

ولهذا نستطيع أن نقول صحف الوزير الصحاف الأنباء، أي زيفها، نعم هناك من لا عمل لهم سوى تزييف الحقائق! وهذا دأب الصحاف منذ أن عين في منصبه وإلى حد الآن، فقد يولد الناس، ويموتون وهم لا يعرفون سوى شيء واحد، مات ناظم الغزالي وهو لا يعرف سوى إنجاز الأغاني الجميلة، ومات السياب، والبياتي وهما لا يعرفان سوى إنجاز قصائد رائعة، أما الصحاف فسيموت وهو لا يعرف سوى إنجاز تصحيف الأنباء.

من أفظع ما صحَّفه الصحاف أنه تغنى ببطولة المقاومين في أم قصر، ولم يدرك أنه بتغنيه النشاز ذلك ألبّ عليهم الأعداء! كالكلب ينبح ليدل مطاردي صاحبه على مخبأه!

لكن هل يهم الصحاف مصير المدافعين عن أم قصر، وبطولتهم، وشهادتهم! أم رضا سيده عليه؟

حمامة أم غراب:

وصفت بعض الصحف الرسمية في العراق، عزة إبراهيم، حينما أرسلته إلى إحدى القمم العربية‍‍! تلك القمة العربية التي أنجزت المصالحة التاريخية مع المملكة العربية السعودية! قبل بضعة أشهر، بأنه حمامة السلام، لهزاله، لرقته، لهشاشته.

نعم إنه، هزيل، هشّ، ضعيف البنية، مكروه لدى أبناء الشعب! بحيث أمطروه ساخرة تليق وسحنته الكريهة، أهم ألقابه وأكثرها شيوعاً: أبو بريص! "سام أبرص" مخيط النبي "نوع من السمك، مشهور في القرنة"، السلبوح! "دودة تعيش في الأمعاء" أما أهمها، وأعظمها شأناً فهي "أبو الثلج"، وهذا اللقب حيرني! فقد كان العجب يأخذني حينما سمعت أنه كان يبيع الثلج، نعم يأخذني العجب! كصوم رمضان في رجب! أعجب كيف يستطيع شبه الرجل ذاك، ببنيته الهزيلة أن يحمل قالب الثلج الكبير! نعم! من يتذكر قالب ثلج الخمسينات، بطوله المتري! وسمكه الكبير، لا بد أن يعجب كيف يستطيع عزة الدوري من حمله! ووضعه! على العربة اليدوية! وكيف كان يدور فيه بشوارع غير معبدة آنئذ!

المهم أن عزة الرقيق "حمامة السلام" هذا نفذ حكم الإعدام بستة عشر مواطناً في كركوك، على ذمة أخبار واردة من كردستان! لكني لم أعجب هذه المرة، فهذا الهزيل، القبيح الشكل، ارتكب ما لا يمكن تصديقه لولا أنني كنت متأكداً من الرواة، في هزيمة الجيش العراقي الكبرى في معركة المحمرة، ولعلها أكبر هزائمه على الإطلاق، في تلك المعركة قدم هذا الهزيل، بالطائرة من بغداد إلى البصرة، نعم قدم هذا الهزيل، لكن مع فرقة إعدام، وقفت في طريق الجنود المتراجعين من تلك المعركة الميؤوس منها! فماذا فعل؟ أمر بإعدام كل وقع في طريقه، من أولئك المساكين، الذين ألقاهم سوء الحظ بطريقه، يقال أنه أعدم في يوم واحد أكثر من ثلاثة آلاف جندي!

ولست أدري كم اقترف قبل هذه الواقعة من جرائم، كما لا أدري كم اقترف بعدها! لكني منذ أن رأيته لم أرَ فيه حمامة سلام! بل رجلاً ممسوخاً، أشبه بغراب شؤم، تعس، يعيش على الجيف؟ وما أكثر الغربان في محيط صدام! فهل من صائد!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف