الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤتمر العام لليسار المصري

خالد الفيشاوي

2006 / 4 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بعد أكثر من نصف قرن من القمع المنظم والحملات المحمومة ضد اليسار المصري .. ونتيجة لضغوط دولية وصراعات القوى الكبرى خلال الحرب الباردة، وبعدها ،على المنطقة … تحالف فيها الاتحاد السوفييتي مع بعض الأنظمة العسكرية العربية ، ومنها نظام يوليو في مصر ، وتحالفت الولايات المتحدة الأمريكية مع الأنظمة الاستبدادية والملكية العربية ،وأيضا مع نظام يوليو، بوتائر متصاعدة منذ منتصف السبعينات … وأيضا نتيجة للتحالف الأمريكي وبعض هذه النظم العربية في دعم اليمين الديني في مصر والمنطقة العربية والشرق الأوسط عموما بهدف صد وتقليص المد الشيوعي …

ونتيجة لسيادة الفكر القومي ، وانقطاع العلاقات بين اليسار المصري واليسار العالمي والإقليمي … وما أحدثه انهيار الاتحاد السوفيتي إلى ارتباك في صفوف اليسار وتفشي التشكك في بعض يقينياته الفكرية والسياسية . . .

افضت كل هذه الأجواء والعوامل المتراكمة إلى تردي حال اليسار المصري وتفكك منظماته ، وضعف بنيته الفكرية والمؤسسية ، وانشغال معظم رواده ونشطاءه بملاحقة الأحداث السياسية المباشرة ، والانهماك إلى حد الإرهاق في انشطه سياسية ذات طبيعة مؤقتة وجزئية …

و تكرست في أوساط اليسار حالة التنافس المدمر ، والتصورات الخاطئة عن إمكانية صعود الجماعات اليسارية المختلفة على جثث بعضها البعض ، تلك التصورات التي تبرز في تشفي البعض لفشل يحققه هذا التيار أو ذاك التجمع ، وتراجع تلك الجريدة أو تفكك احدى الجماعات اليسارية . . .

وفي كل ذلك ، غاب التقليد الفكري والسياسي المميز للفرق والجماعات والأحزاب السياسية اليسارية على اختلاف توجهاتها وميولها … والمتمثل في المتابعة الدقيقة للأحداث الدولية والإقليمية ، ومدي تأثيرها في الأوضاع المحلية …ولهذا ، يكاد يفقد اليسار المصري القدرة على إدراك ما يجري في مصر وفي المنطقة ، نتيجة لعدم إدراكه بما يجري في العالم ، ولانقطاع الارتباط بينه وبين اليسار العالمي والإقليمي ، وغياب الحوار السياسي بشكل يكاد يكون كامل بين جماعاته وأفراده .

واصبحت تصوراتنا عن العالم ، شديدة البعد عن الحقائق ، تكاد تكون مغرقة في الأوهام ، فيصبح انتصارا يسار الوسط في إيطاليا انتصارا للاشتراكية ، والتحولات الهامة في أمريكا اللاتينية لا نعلم عنها شيئا لكننا ( عموما ) نتصورها أيضا انتصارا للاشتراكية ، ونعتبر التنافس الصيني – الأوروبي – الأمريكي ، صراعا بين الاشتراكية والرأسمالية !!

ويصبح التمحور حول الذات كارثة، حين لا ندرك الأبعاد الدولية لدعوة بعض فصائل اليسار المصري للتحالف مع التيارات الدينية..رغم أن هذه القضية أثارت جدلا داخل بعض فصائل اليسار الأوروبي والأسيوي وبعض جماعات الحركة العالمية المناهضة للعولمة ، قبل أن تثار في مصر…
والأدهى أن نناقش قضايا الخصخصة ، وكأنها مجرد عمليات نهب لصالح هذه العائلة المصرية أو تلك، وكأنها مجرد عمليات نهب لصالح هذه العائلة المصرية أو تلك ، وكأن الاحتكارات الدولية ليس لها شأن بالأمر . .. ولا نعرف بالضبط مدى قوة الاحتكارات العالمية وهيمنتها على الاقتصاد المصري . ..

ونكتفي بأن نعتبر التشرذم والانفراط هو الكارثة ونتعثر جميعا في محاولات لم الشمل ، الدءوبة ، والتي تنتهي دائما بالفشل ، وتبدو وكأنها لعنة لا فكاك منها .

نحن في حاجة لإطار مؤسسي منفتح ، يسمح لليسار المصري بكل تلاوينه وجماعاته وأفراده ( دون مسخ للتوسيع ليشمل كل معارض ، أو ليسار السلطة ، لمن يطلق عليهم اليسار الإسلامي أو الناصري ، أو غير ذلك ) …
أن يلتقي سنويا في مؤتمر فكري وسياسي ، للحوار العميق وغير الخطابي والمستند إلى تقارير وتحليلات وافية ، عن الوضع الدولي والإقليمي واتجاهات تطور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر …وليته يتسع أيضا لمشاركة ( غير مفرطه ) لبعض شخصيات من اليسار العالمي والإقليمي …

ولكي نؤمن ارتقاء الحوار وفاعليته ، يجب أن يعد له جيدا عبر موقع خاص على شبكة الإنترنت ، بتقارير على مدار العام عن أهم الأحداث الدائرة في العالم ، تقارير ومتابعات وتحليلات مترجمة ومؤلفة ، تكون أساسا لتقارير أكثر شمولا تقدم للمؤتمر العام …
بهدف استعادة التعرف بعمق على ما يجري في العالم ، وعن رأي القوى اليسارية المتنوعة في العالم له …ليكون المؤتمر العام إطارا لإدراك الأحداث الجارية في العالم ، والتعرف على مواقف اليسار الدولي والإقليمي ، وتعامل جاد مع اتجاهات القوى الاشتراكية في العالم فكريا وسياسيا .

و طرق وأساليب تعاملهم مع المشكلات والقضايا الدولية والمحلية ، والتي لا تبعد عن مشكلاتنا وقضايانا …

وعلينا ألا نتعجل النتائج المترتبة على الحوار ، بالسعي لوحدة شكلية أو تمايزات وخلافات مفتعلة … ولكن تأكيد منطق ضرورة الحوار والإدراك والفهم والتدارس المشترك ، وأن نمو اليسار و ازدهاره لن يتم على جثث بعضه البعض ، ولكن على العكس ،بمد جسور التفاهم والحوار والدعم المتبادل . وأن يكون المؤتمر العام مؤسسة قائمة بذاتها تستهدف تقديم ترسانة من الزاد الفكري والسياسي لكل مناضلي اليسار و مفكريه ، للارتقاء بأوضاعه من تداول الفضائح والجرس والتقييمات الانطباعية ..

وفي إطار هذه المؤسسة التي يمكن أن يقوم عليها مناضلين ومفكرين من اليساريين ، الأقل تعصبا لفرقتهم وجماعتهم عن غيرها من الجماعات اليسارية ، وأيضا الأكثر بعدا عن مشروعات وجمعيات الاستثمار السياسي ، المتحيزة لفكرة انتهاء عصر الأحزاب الاشتراكية و مجئ عصر المنظمات غير الحكومية ..( لا نقلل من شأنها أو نستنكرها ) ولكن قضية الاشتراكية وبناء مجتمع اشتراكي قضية تتجاوز هذه الجماعات التي أصبح لها سطوة كبيرة على المثقفين والمناضلين ، وقد تكون أحد مظاهر تفسخ اليسار سواء في مصر أو في العالم … أي باختصار ، يكون لهم الحق في المشاركة ، ولكن دون إحكام قبضتهم على تنظيم مثل هذا المؤتمر أو تمويله ..
في النهاية ، لا أظن أنني في حاجة للتأكيد أن المؤتمر العام ليس أكثر من مسعى لتنظيم حوار سياسي، وعلاقات فكرية وسياسية، بين فرق وجماعات وأفراد اليسار المصري ،ومد الجسور للتعاطي ، والتفاعل مع الفكر الراهن والخبرات النضالية للقوى الاشتراكية في العالم، وفي المنطقة. ولا يمكن تصور أن المؤتمر العام هو الصيغة السحرية لإنقاذ اليسار المصري من عثرته…


خالد الفيشاوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتس: تركيا رفعت العديد من القيود التجارية المفروضة على إسرا


.. واشنطن تفتح جبهة جديدة في حربها التجارية مع الصين عنوانها ا




.. إصابة مراسلنا في غزة حازم البنا وحالته مستقرة


.. فريق أمني مصري يتقصّى ملابسات حادث مقتل رجل أعمال إسرائيلي ف




.. نزوح الأهالي في رفح تحت القصف المستمر