الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


23 مارس بطعم دماء الأستاذ

محمد شودان

2019 / 3 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


المغرب ليس استثناء، وظاهر الديمقراطية وحقوق الإنسان فيه ليس إلا قناعا زائفا تسعى به الدولة دروب العالم متسولة من البنوك والمؤسسات المالية الإمبريالية، وما يحدث هذه السنوات الأخيرة في عهد حكم الحزب الإسلامي ليس إلا مرحلة من مراحل تغول النظام الملكي الذي يحكم المغرب منذ قرون مستفيدا من جيناته السياسية الحربائية التي تسمح له بالتلون بنفس لون المرحلة.
وها هو التاريخ يصر على أن يعيد نفسه بعد أربع وخمسين سنة على ذكرى 23 مارس 1965المجيدة حين تدخل النظام المخزني بكل عنف ليلجم أفواه التلاميذ والأسر الرافضين لضرب مجانية التعليم وعموميته، ويأبى إلا أن يعود بنا إلى مرحلة دامية ظننا أن النسيان قد طواها واحتفظنا بها في الصور والأرشيف معتقدين أن النظام المخزني قد استفاد الدروس وأن عملية الإنصاف والمصالحة وموت الحين الثاني قد طوت الماضي الدموي.
لكن هيهات، لقد تمادت الدولة بكل مؤسساتها في الزحف على كل مكتسبات الشعب المغربي خاضعة لإملاءات المؤسسات المالية المقرضة، ومستفيدة من شرعية زائفة وشكلية حصل عليها الحزب الملتحي المشؤوم في مرحلتين انتخابيتين... وكان آخرها ضرب قطاع التعليم، ولربما أمكننا اعتبار فرض نظام التعاقد آخر مسمار دقته في نعش الحقل الحيوي، أو من جهة أخرى القشة التي كسرت ظهر البعير، وربما البعير أنسب لوصف دولة متهالكة يقودها (والله أعلم) حزب بدون مشروع اجتماعي وتم تحميله أكثر مما يحتمل.
لقد فطن المغاربة قاطبة أن التوظيف بموجب عقدة تجمع المدرس بالأكاديمية الجهوية للتعليم بداية الطريق نحو خوصصة المدرسة وضرب حق أبناء الشعب في الحصول على تعليم شعبي ديمقراطي مجاني، وفي محاولة منها لامتصاص غضب الشارع عامة وغضب الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد خاصة حاولت الدولة التلاعب بالمصطلحات فسمته موظفي الأكاديمية... وغيرها من ألاعيب شد الحبل ولي الذراع، لكن إصرار الأساتذة على خوض المعركة حتى النصر أو الشهادة أفشل كل المخططات وأحبط كل الحيل مما عجل باستخدام المهرج بنكيران المطرود من الحكومة الثانية بتقاعد سمين يناسب في قيمته حجم اللحم الذي يحصل عليه كل كلب حرس باب القصر في ليلة مخيفة. ولكن كلامه الذي حاول تشبيعه بمعجم ديني صار لازمة النكتة الشعبية فالجميع بات يعرف مدى استفادته من الريع السياسي.
وكآخر حل لأي نظام عاجز، واجهت قوات القمع اعتصام ال23 مارس 2019 بمختلف أنواع الأسلحة من خراطيم المياه في عز الليل، إلى الدهس بالدراجات النارية واستعمال العصي والهراوات وغيرها، ليختلط دم التلميذ بدم الأستاذ على أرضية مطلب واحد (مجانية وتعيميم الحق في التعليم) في اليوم نفسه 23 مارس رغم تفاوت السنوات، ومن ذا يهتم بمرور السنين ما دام الشعب رازحا تحت سوط الاستعباد ما يزال.
كأن الدولة نسيت أو تناست أنها تواجه الفئة المثقفة الواعية، فئة تؤمن أن الحق ينتزع ولا يعطى، فئة أحيت النضال وأعادت للشارع شعلته وتلألؤه، ولكم كان منعشا ومؤسفا في ذات الأوان رؤية الشباب الصامد وهم يستفيقون لليوم الثاني ــ رغم مأساة ليلتهم ــ محتجين غير خائفين، في مشهد تقشعر له الأبدان، أبدان الأحياء طبعا أما من ماتت قلوبهم فهم على الكراسي جالسون.
إننا اليوم في مفترق الطرق، وبقاموس المصارعة، نحن في انتظار من سيعلن نفسه منتصرا ومن سيندحر، لأبناء الوطن كل الوطن سندا، وليس للجلاد غير "الزرواطة" والتي ننتظر أن تنقلب عليه سريعا، إن النصر المبين في الأفق ماثلا كضوء الفجر لا يحجبه إلا ما تبقى من فلول الظلام. إن أسرة التعليم وعموم الشعب في نضالها هذا تحتاج إلى رص الصف، تحتاج توحيد القوى، تحتاج تجاوز الخلافات الضيقة بين التنسيقيات والمركزيات النقابية والجمعيات الحقوقية والأحزاب التقدمية، نحتاج عدم اتهام وتخوين بعضانا البعض وضع أرضية مشتركة للنضال، نضال وصمود من أجل تحصين المكتسبات التي أريقت عليها دماء الأجداد وليس التعليم إلا جزء يسير منها، ومطالب ترفعنا إلى مصاف الدول التي تحترم شعوبها ولا تكتفي بمجرد استنزاف خيرات أوطانها.
محمد شودان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري


.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج


.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي