الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نريد طحيناً لا جعجعة فحسب!

مرتضى عبد الحميد

2019 / 3 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


(كل ثلاثاء)
منذ أن زرع سيء الصيت "بريمر" بذرة الفساد في العراق، وتسليمه السلطة إلى من كان يمتلك إستعداداً فطرياً للعمل "سركالاً" لديه، والأمور تسير من سيء إلى أسوأ، فلم يعد الفساد غابة فحسب، بل تحول البيدر إلى ما هو أكبر وأوسع حجماً، من الحقل الذي أنتجه، لان البيئة الجديدة كانت صالحة تماماً لانتشاره، وتشجيع الآخرين على الخوض في أوحاله.
كانت الشركات الأمريكية التي جاء بها الاحتلال، بمثابة فرس الرهان لإشاعة الرشوة والفساد في التعامل مع مثيلاتها العراقيات، ومع من بيده الحل والربط من المتنفذين، في مسعى خبيث ومبيت سلفاً لنسف الشعور الوطني، وبناء قاعدة سياسية واجتماعية تكون صمام أمان للهيمنة، ولما يسمى بـ "الفوضى الخلاقة".
ولان الدولة لم تعد دولة بالمعنى المتعارف عليه، إنتشر هذا السرطان في الجسد العراقي الرسمي والمجتمعي بسرعة قياسية، لكن تشخيصه جاء متأخراً، بل أن البعض مازال ينكر وجوده، أو يلقي مسؤولية تمدده على القدر وسوء الحظ وأحيانا على مؤامرات أجنبية، تريد سحب بساط "السعادة والرفاهية" من تحت أقدام الشعب العراقي الذي يرفل بها، ويحسده عليها الآخرون!
لقد أضطر المسؤولون العراقيون إلى رفع شعار مكافحة الفساد المالي والإداري، تحت ضغط الحركة الجماهيرية، والتظاهرات الغاضبة في ساحة التحرير وبقية المدن والمحافظات، وحاولوا أن يجعلوا منه جواز مرور لكسب ود العراقيين وتضليلهم، لاسيما أثناء فترات تشكيل الحكومة، والانتخابات بشقيها البرلمانية والمحلية، دون أن يكون لديهم إيمان حقيقي بالتصدي لهذه الآفة الخطيرة، أو الحد من أضرارها المدمرة في الأقل.
وحتى الذين إمتلكوا شيئاً من الجدّية والرغبة في مكافحة الفساد، سرعان ما تخلوا عن طموحهم ونواياهم، من اجل الحفاظ على مناصبهم ومواقعهم الوظيفية، ولم يفعلوا شيئاً سوى الاكتفاء بصيد بعض الأسماك الصغيرة لتكون أكباش فداء للحيتان والتماسيح الغارقة في مستنقع الفساد الآسن حد العفونة والرائحة التي تزكم الأنوف.
أن الفساد المالي والإداري والسياسي وتوأمه المحاصصة بتفرعاتها العديدة، هما السبب الرئيسي في كل ما يحصل في عراقنا المنكوب، بدءاً من الإرهاب والطائفية، إلى إجتياح "داعش" للأراضي العراقية، وصولاً إلى إفراغ خزينة الدولة من آخر دينار فيها، فضلاً عن غياب الخدمات، وعمليات التزوير وشراء الذمم، سبيلاً للاستحواذ على كرسي في البرلمان، أو في مجالس المحافظات أو السلطة التنفيذية، وتوظيفها لخدمة مصالحهم الشخصية الأنانية.
آخر الفضائح الكبيرة، كارثة العبارة، التي راح ضحيتها أكثر من (100) بريء، كانوا يمنون النفس بشيء من الفرح والبهجة، لكن الجشعين كان لهم رأي آخر. وكعادتها أكتفت السلطات المسؤولة بتقديم العزاء وتشكيل لجنة تحقيقيه، يأمل الجميع أن لا يكون مصيرها كسابقاتها.
إن مأساة العبارة، كشفت بما لا يدع مجالاً للشك عن هشاشة نظامنا السياسي، وحجم الخراب الشامل الذي يلف حياة العراقيين، والاستهتار بمصائرهم.
ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى، هو ضرورة تحلي صناع القرار السياسي بالشجاعة والإرادة الصلبة، للبدأ بعملية الإصلاح والتغيير، وأول خطوة فيها محاربة الفساد بأنواعه المختلفة، دون تهاون أو خوف من أحد وكفى جعجعة، فالناس تريد أن ترى طحيناً هذه المرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الفلسطيني محمود عباس: أميركا وحدها قادرة على إيقاف جر


.. فلسطيني يوثق إلقاء الطائرات الأميركية حلوى -منتهية الصلاحية-




.. السقوط وفقدان الأسنان.. علم النفس يفك شفرات أكثر أحلامك غموض


.. فلسطيني محاصر تحت أنقاض منزله يصلي الفجر




.. فعالية البحرين «كوميك كون» تحتضن أبرز مشاهير العالم