الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقلال الفلسفة العربية

كريم عرفان

2019 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يثور التساؤل .. هل هناك فلسفة عربية ؟ وهذا سؤال لا يبحث عن وجود فلاسفة عرب من حيث النسبة والعرق ؛ وإن ثار هذا التساؤل فستكون الإجابة هي نعم ..فهناك أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندى وأبو القاسم صاعد بن أحمد الأندلسى القرطبى وأيضا أبو زيد بن إسحاق العبادى المعروف بحنين بن إسحاق العبادى وغيرهم فهم عرب من حيث النسب والإتصال ..

ولكن المقصود الأشمل من هذا السؤال هل أنتجت العروبة ( من حيث هي حضارة وثقافة ولغة ضمت العديد من الجنسيات والعرقيات ) ..هل أنتجت فلسفة مستقلة ؟

يزعم المنتقدون أنه لا يوجد ما يسمى بالفلسفة العربية -وهو أمر لا يخلو من عنصرية عرقية وثقافية -فهذا الفريق من المؤرخين والباحثين يزعم أن العرب ليس لهم علاقة بالفلسفة من حيث الخلق والإبداع ولم يبتكروا أي جديد في عالم الفلسفة ..فنجد إرنست رنان يقول : " وماكانت الفلسفة قط عند العرب إلا اقتباسا صرفا وتقليدا للفلسفة اليونانية " ويقول أيضا في تعصب واضح : " وما وضع العرب شيئا إلا أنهم تلقوا جملة المعارف اليونانية في صورتها التي كان العالم كله مسلما بها في القرنين السابع والثامن " وكذلك يقول شمويلدرز : " لا نستطيع أن نذكر قط فلسفة عربية على وجه الدقة ؛ ومهما ذكرنا فإنا لا نريد شيئا غير الفلسفة اليونانية كما فهمها العرب " (1)

فهذا الفريق يرى أن العرب لم ينتجوا فلسفة خاصة بهم وغاية مافعلوه هو أنهم كانوا شراحا جيدين للتراث الهللينى إلى جانب ترجمته من قبل ونقله إلى العالم ؛فالفلسفة العربية – من وجهة نظرهم - ماهى إلا تعريب للفلسفة اليونانية .

وهو أمر مردود عليه من أكثر من وجه بل حتى بناء على أقوال المنتقدين أنفسهم ..

- فالحضارة العربية كانت حضارة منفتحة على كافة الحضارات والمنتجات الثقافية والعلمية التي أنتجتها الأمم الأخرى لذلك فلم تقتصر الفلسفة العربية على أن تستمد من المعارف اليونانية وحدها بل كانت تحتوى على تأثيرات هندية وفارسية وغيرها باعتراف المنتقدين أنفسهم ..
بالإضافة إلى أن عملية المزاوجة والتنسيق بين هذه الآراء والأفكار وإخراجها في شكل مختلف تماما هو مجهود فلسفى لا شك فيه وهو ماتنبه له هورتن ..
أيضا أضافت الحضارة العربية إلى التراث الفلسفى السابق الكثير من حيث الشرح والتخريج على الأصول أو حتى نقض بعض الأجزاء في كثير من الحالات .
وسنجد أن التعصب العرقى أوقع المنتقدين في الكثير من التناقضات فبعد أن قام تنمان بمهاجمة استقلال الفلسفة العربية بعنف نجده يقول في تناقض واضح : " على أن الآثار الفلسفية العربية لما تدرس إلا دراسة ضئيلة جدا لا تجعل علمنا بها مستكملا " فهو يعترف بعدم احاطته الكافية بالتراث الفلسفى العربى وهذا قصور منهجى كبير كان من المفترض أن يجعله يكف عن اصدار الأحكام المجحفة التي قالها .

أما النظرة المنصفة -التي نجت من التعصب العرقى والثقافى- فتقرر دون مواربة أن الحضارة العربية لها فلسفتها الخاصة التي أقامتها بناء على ما أنتجته عقول أبنائها وأفهامهم فهاهو هورتن يقرر : " ما بذله المفكرون من جهود عقلية مبنية على ماكان معروفا في عصورهم من معانى البحث العلمى من أحوال الوجود على ماهو عليه ؛ أو على الأقل البحث عن مسائل متصلة بإدراك شامل للعالم فهى بهذا الإعتبار ينبغي أن تعد من الفلسفة " ..

وهذا ما يقرره أيضا ولف الذى دافع بشدة عن استقلال الفلسفة العربية بقوله : " على أنه من الخطأ أن يظن أن الفلسفة العربية هي نسخة منقولة عن مذاهب المشائين " ..ثم يردف قائلا : " وبهذه المثابة انتهى العرب إلى نسق فلسفى فريد في بابه .."(2)
فالفلسفة العربية هي فلسفة مستقلة تماما ولها كيانها الخاص الذى يتميز عن بقية الفلسفات وذلك ما قرره المؤرخون والباحثون من أهل الإنصاف.

هامش ------------------------------------------------------------------

(1) تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية للدكتور/ مصطفى عبد الرازق -الهيئة المصرية العامة للكتاب
(2) تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: وصول الشعلة الأولمبية إلى ميناء مرسيليا قا


.. تحقيق استقصائي من موريتانيا يكشف كيف يتم حرمان أطفال نساء ضح




.. كيف يشق رواد الأعمال طريقهم نحو النجاح؟ #بزنس_مع_لبنى


.. الحرس الثوري يهدد بإغلاق شرقي البحر المتوسط والولايات المتحد




.. محاولات البحث عن ناجين تحت الا?نقاض بعد قصف ا?سراي?يلي على ر