الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احذر السمنة.. واتبع الريجيم..! (1)

وديع العبيدي

2019 / 3 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


وديع العبيدي
احذر السمنة.. واتبع الريجيم..!
إذا كان وزنك يزيد على معدل ثلث طولك، فأنت خارج السياق المرغوب لمنظور العولمة..
(سمارت).. ليس ماركة تجارية للسيارات الجديدة، وانما هو عنوان الطراز المطلوب من الشبيبة..(smart)
وهذه تشمل الشكل الخارجي والتشكيل الداخلي، للفوز بأفضل الفرص في العمل والحياة.
ان تجمع الشحوم في أسفل البطن أو المؤخرة أو على جانبي الوجه من الأمراض الاجتماعية الخطيرة الداعية للتسجيل في أقرب (جيم/ فتنس) والالتزام بنظام حمية صارم.. ومراجعة طبيب خاص فورا..
لكن.. لماذا هذا الاضطهاد الغذائي والجسمي في فردوس العولمة، وكأن الاضطهادات السياسية والأمنية والاقتصادية، قصرت في تقزيم الانسان المعاصر وتدجينه في صورة (حمل مطيع) أو (روبوت رأسمالي) يتم التحكم به عن بعد..
ألم يكن أسلافنا أكثر حرية في حياتهم وبطونهم ومظاهرهم الخارجية من بشرية العولمة المضطَهَدة في كل شيء، حتى طرق الأكل والتلفظ والتنطع الأجنبية..
السمنة ولواحقها من الكوارث التي تهدد سكان العولمة، وفي صدارتهم ناشئة الولايات المتحدة الأمريكية على علف الأغذية السريعة والقلق والكآبة ..
فلا غرو ان تتحول السمنة إلى أمراض وكوارث، جنبا إلى جنب الاحتكار الرأسمالي للقوة الدولية والاستبداد الاقتصادي والعسكري والألكتروني. ففي خلال عقدين من سريان القطبية الأميركية، يمكن التحدث عن منتجاتها وآثارها على كافة الصعد والمستويات.
ففي المجال السياسي الدولي، اهتزت أركان الاستقرار والتوازن وانقلبت على رؤوسها، وأصبح الاضطراب والفوضى واليأس والفساد الشامل، معايير رئيسة لمدى انخراط الحكومات والمجتمعات في شبكة العولمة والتعاون العالمي مع مبادئ البنك الدولي وكارتل النقد الدولي..
وعلى صعيد الصحة والتعليم والاعلام والدين والمعارضة السياسية، أصبح كل محذور وممنوع أهدافا ستراتيجية مرجاة، وكل مشروع انساني شريف دالة للارهاب وتهديد الأمن القومي الأمريكي والسلم الدولي.
القلق ولكآبة والاغتراب والتوحد من أكثر منتجات الأمركة والرأسملة رواجا وتسويقا حول العالم.. وبينما تهدد الأمراض النفسية بانقراض الانسان الطبيعي العادي، وتشكل السبب الرئيس لثلثي الامراض الجسدية والعقلية في العالم.. تقف المراكز النفسية حائرة ازاء عجز المدارس النفسية الأمريكية في العلاج، وحظر اللجوء لمدارس نفسية غير أميركية.
لقد عاشت البشرية عهودا سحيقة في ظل التخلف والدكتاتوريات الوطنية ونظمها الاقتصادية المستقرة والمستمرة، وما أسفرت عنه من عوامل الأمان والتطبيع طويل المدى، عندما كانت أجيال من العوائل تعتاش وتتداول وظيفة الأب والجد والمأوى الآمن للتقاليد والعادات الثابتة والتوزيع الطبقي السائر..
أما اليوم، فلا يكاد المرء يهنأ بعيشته حتى يبدل عنوانه المهني وموقع عمله أكثر من مرة خلال العام أو بضعة أعوام.. حتى صار المرء يعيش قلقا متصلا مخافة فقدان عمله أو طرده من قبل رب العمل، لتبدّل وتبذّل املاءات الشركات، والتنامي المستمر لآجيال العمالة الشبابية المحلية والمهاجرة من الجنسين، والأكثر لياقة ومرونة لتلبية أغراض العولمة وأرباب الأعمال.
كما أن تشطيب المبادئ الاجتماعية من قوانين العمل والتعديلات المستمرة لدفعها نحو أقصى اليمين الرأسمالي واستجابة متطلبات صندوق النقد الدولي، عزل فكرة العمل عن الغاية الاجتماعية والانسانية لتأمين مستقبل آمن ومستقر للفرد وعائلته ومجتمعه.
بينما عصفت برامج السوق المفتوحة واملاءاتها الصارمة بمبادئ الاستقلال والسيادة والكرامة، التي كانت تضمن لمجتمعاتها، مستوى من الأمن والاستقرار والرفاه والأمل، وصار كل فرد في العالم الثالث ، قشة في مهب رياح الشركات الامبريالية عابرة القارات والحدود والكرامات، والمحميّة بقوات الناتو واستبداد الرأسمالية الامبريالية وعقوبات مجلس الأمن الدولي، مما دفع أكثر الحكومات للانحياز للبيت الأبيض، خشية فقدانها كراسي الحكم وسلطات الفساد الشامل..
في ظل هاته العوامل وأمثالها يقف المرء عاجزا مستلبا.. أمام معضلة الحياة واستبداد نظم الاقتصاد والمعيشة المسخرة لخدمة كارتل مالي احتكاري، يتملك ويتحكم بالقسم الأعظم من الامكانيات والنشاط الاقتصادي والاجتماعي لسكان الأرض.
ان الانسان لا يعيش بالخبز وحده..
تلك مقولة قديمة ومشوهة..
الانسان لا يعيش مرّتين..
نعم.. ولكن الانسان لا يعيش بغير (أمل)..
وقد اختزل نظام السوق والرأسمالية الوحشية الأمل ودلالاته من واقع حياة الأفراد والمجتمعات..
فأيّ أمل في دائرة الدوامة الرأسمالية الخانقة التي تبدأ بالدولار وتنتهي في سياسات البنوك الاحتكارية التي قوضت قفا الانسان الفرد والدول غير السيادية..
أيّ أمل في تقويض كل فضاءات الحياة والفكر، واختزالها في اقتصاد عبودي عولمي، في سخرة الدولار الأميركي، الذي لا يعيش إلا على دماء البروليتاريا العالمية وتواطؤ الحكومات، وخيانة التيارات السياسية التي كانت توصف بالوطنية والتقدمية في القرن العشرين..
ازاء الحصار الرأسمالي والالكتروني الذي يجد الفرد المعاصر نفسه داخله، لا يكنفي بوصفات الأدوية والعلاج النفسي التآمري، وانما يستأنس بأنواع وجبات الطعام الاضافية بين وجبات الطعام الاساسية، ملونة بوجبات وأصناف اطعمة وحلويات ومشروبات بين منتصفات الليالي ووجبات قبيل الفجر، وهي الوسيلة الوحيدة لاستشعار معنى الحياة واللذة وتسخيرريع العمل لخدمة الجسد..
فلنأكل ونشرب اليوم، طالما نموت غدا.. اليوم خمر وغدا أمر..
أليست هاته حكمة سيدوري لجلجامش العظيم..
فلتحيا الفوضى ازاء امتناع التمرد والعصيان..
وفي انتظار ظهور قطبية يسارية ثورية غير تجارية، تضع حدا لاستبداد سياسات السوق المفتوحة والدكتاتورية الرأسمالية الأمبريالية.. لا خيار عن تحويل الفوضى الخلاقة إلى فوضى تدميرية تبدأ بالجسد..
ان الطعام المفرط والتمرد على انظمة الجسد هي خطوة بسيطة للتمرد على النظام العالمي وفساد الحياة..
اما اعلانات الريجيم والحمية والتباكي على شكل الجسد المنتشرة في شبكة السموم الالكترونية.. فأولى بها مراجعة أسباب القلق والكآبة وانعدام استقرار الحياة المدرجة آنفا.. لاعادة الحياة النظيفة الى سواقيها السليفة..
ولا تنسَ.. (ميتة الشبع أفضل من ميتة السخرة الامبريالية)..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب