الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اندثار معالم الحدود... (الجزء الأول)

عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)

2019 / 3 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يعيش العالم اليوم على وقع التغيير، شئنا أم أبَينا. حاول النظام العالمي طيلة القرن الماضي خلق سوق عالمي لمزيد من الربح. وبالفعل نجح في ذلك، لقد اقتحم كل الأمكنة ووحد السلع وخلق أذواق تتجدد وفق معادلة الربح الأقصى. انتفت الحدود بفضل الاتفاقيات المشجعة لذلك بأسماء مختلفة. بل الأكثر من ذلك، استطاع هذا النظام أن يعيد إحياء ذاته بأشكال عديدة محاولا البقاء والاستمرار بفضل قانونه الرافض لمنطق الإشباع والتنافس المؤدي للاحتكار. لقد استطاع الإنسان أن يتفوق على الطبيعة ويحلم بغزو الكواكب، ولما لا الانتقال للعيش هناك خصوصا أنها أماكن تتوفر على مصادر كبيرة من الطاقة والمواد؟

نعم، لقد انتصر الإنسان على الوقت، لقد استطاع بفضل جزئه الداخلي الفضولي أن ينتقل بسرعة الضوء بين القارات بدون جواز السفر، ينتقل صوتا وصورة يقتحم كل الأمكنة والفضاءات مهما ارتفعت حدة التشدد والمراقبة بين الدول. لم تعد اللغة عائقا، فالتواصل يتم بلغة 0-1 أو ما يسمى langage binaire.

ربما خسرنا عالما هادئا ومسالما، ونشئنا عالما قابل للدمار في أية لحظة إذا ما تعرضت مصلحة طرف من أطراف المتحكمين بعالمنا. اليوم نعيش في صراع بين ثلاث أقطاب، يعيشون في سباق مع الزمن من أجل التسلح للدفاع عن مصالحهم التي تنتفي في معادلتها لمتغيرين مهمين: الأمن الاجتماعي والحماية البيئية. ورغم أن مصلحة الفرد والجماعة كانت خارج حساباتهم، إلا أن نتائج تنافسهم أنتج قفزة إيجابية في حياة البشرية إذا ما تم التعاطي معها بمنطق المرحلة للحد من تمجيد الفردانية والدفاع عن العيش المشترك. فالثورة الرقمية التي اقتحمت حياتنا وأزعجت هدوءنا تدفعنا إلى إعادة التفكير في طرق تنظيمنا ونضالنا وتعاملنا واستقبالنا لمسَلَّماتنا.

نعم، لقد كشف لنا هذا النظام العالمي قدرته على محو الحدود الاقتصادية، لكنها كانت أيضا محو لحدود اجتماعية. أي الانتقال من فضاء يتحدد في مجال الأسرة والحي والفضاء العمومي المرتبط بالبلد إلى فضاءات أو عوالم أخرى تتعدد بتعدد الاختلافات التي توجد على كوكبنا الأرض. ربما هو تحرر من الثقافة المسيطرة أو المتحكمة في المحيط الفرد والجماعة لاكتشاف ثقافة أخرى، أسميناها "الآخر". ربما هو تحرر من قيود وهمية أننا مختلفون، ليصبح منطق المجتمع الإنساني هو ثقافة الكل. ربما هي ثورة هادئة ليرتبط مصير الفرد بالكل ومصير الكل في الفرد.

نعم، ثورة رقمية انطلقت من لغة بسيطة وسهلة مبنية على رقمين أو رمزيين غيَّرت وستُغيِّر مجرى التاريخ الانساني. هذه اللغة العالمية الجديدة والمتجددة التي توحد الشعوب والأفراد الآن، ألا تستدعي مناَّ التوقف ولو للحظة لنعد طرح الأسئلة والبحث عن مخارج لأزماتنا قبل أن نفقد البوصلة؟ ألا تستدعي مناَّ إعادة تنظيم أنفسنا أولاًّ وجماعتنا أو مجموعاتنا ثانيا؟ ألا تستدعي مناَّ إعادة النظر في قهمنا للديموقراطية؟...


**** تابع الجزء الثاني...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة