الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان المعاصر نكرة

رامي أبو شهاب

2006 / 4 / 27
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إنسان القرن الواحد العشرين إنسان هامشي جدا واجتماعي جدا كيف ذلك ؟ إن الإجابة عن هذه التساؤل تتخذ شكلها من خلال البحث في أنظمة حياة الإنسان في وقتنا الحالي والتي باتت تخذ صورتها وهيكلتها شيئا فشيئا محددة أبرز ملامحها ، فإنسان هذه القرن عبارة عن شخص عالق ضمن أشياء يظن بأنها شرط أساسي للتواصل مع الآخرين، وكلما ازداد هذا التعالق ازدادت وحشة الإنسان واغترابه وتراجع قيمته الإنسانية وربما كان هذا أكثر وضوحا وتميزا في الدول التي بدأت تستقبل تسو نامي التكنولوجيا والاتصالات فالفرد فينا بات محاصرا في سيارته حتى انه لا يكاد يبرح دون أن يصحبها معه ومن ثم لا بد من النقال الذي أصبح ملاصقا لأجسادنا فكان سببا بأن جعلنا أسرى الأشخاص المتصلين لا أسرى أنفسنا وكثير منا يتسمر أمام شاشات الحاسوب بهدف العمل والقراءة و التسلية فيتخذ صورة الإنسان المتحول إلى نكرة تحديدا في حوارات طويلة في غرف الدردشة يتخلص فيها الإنسان من تبعة كونه شخصا معروفا حيث يتلاشى وجوده ضمن الدوائر الكهربائية والسيالات الالكترونية يتحاور مع حاسوبه ويفكر معه بمعزل ربما عن زميله القابع بجانبه في نفس الغرفة .
وتستمر الحركة المعاكسة للمفهوم الإنساني حيث يتسمر الإنسان أمام الفضائيات حائرا تائها أين يذهب وكلما كثرت الفضائيات كلما أخذت وقتا طويلا في التقليب وتناسيت من يجلس بقربك وهذا يعني أن طفلك يلهو بلعبته "البلاي ستيشن " في غرفته وابنتك على حاسوبها و زوجتك تتحدث بالنقال .
إن حركة الإنسان تحو التآلف الاجتماعي أصبحت حركة داخلية تنزع نفسها من المحور والمركز إلى المدارات الخارجية ولكن تلك المدارات مع انها تقصيك نحو الأبعد وتعمل على مقاربتك لأشخاص آخرين إلا انها ستساهم في النهاية إلى تحويلك إلى إنسان بلا ملاح أو هوية مميزة فالهاتف النقال أصبح كفيلا بأن تتجاوز زيارة أخيك أو صديقك وحتى والدتك ولكنه فعال ومفيد جدا بإرسال رسالة إلى شخص لا تعرفه و لا يعرفك وغير بعد عن هذا الانترنت الذي يقتل ساعات يومك وأنت تعيش وحيدا متشنجا .
لقد أصبحنا مهمشين في أوطاننا ومجتمعاتنا، فقدنا ثقافتنا في محاولة للانخراط في ميكانيكية الحياة المعاصرة وأصبحنا قطعا مجهولة الهوية والاسم وحتى بلاد الصنع، وربما ينبري شخص ما قائلا : " العالم جميعه كذلك " وستكون إجابتي نعم إن العالم جميعه كذلك ولكن القوي من يبقى في بيته ولا يذهب للعيش في بيوت الآخرين وإذا كان الانهيار قريبا فان منزلك هو المكان الأفضل لتموت فيه .
إن الصفة المميزة والحركة الداخلية لا تلغي الانفتاح على الآخر بل على النقيض من ذلك، فثورة التكنولوجيا تجعل العالم أكثر قربا وتآلفا وحميمية شريطة أن نعرف كيف ننصهر بها، والخطوة الأولى هي أن نبقي مسافة بيننا وبين الأشياء فكل شيء ينهار إذ لم نترك مسافة بين الأعمدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -دبور الجحيم-.. ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران


.. رحيل رئيسي يربك حسابات المتشددين في طهران | #نيوز_بلس




.. إيران.. جدل مستمر بين الجمهوريين والديموقراطيين | #أميركا_ال


.. مشاعر حزن بالفقدان.. إيران تتشح بالسواد بعد رحيل رئيسها وتبد




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مدينة بيت لاهيا