الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احذر السمنة.. ولا تتبع الريجيم..! (2)

وديع العبيدي

2019 / 3 / 28
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


السمنة بالمنظور الاقتصادي البسيط، هي: أن شخصا واحدا يستولى على حقوق وحصص أكثر من شخص واحد، وفي هذا عدوان على النظام ومبادئ العدل الاجتماعي والدولي والكوني، باعتبار ان الكون الفيزيائي قائم على التوازن والعدل، فلا تجاوز لجرم على سواه، إلا في حالات الكوارث الطارئة.
وفي نفس المعيار، تكون السمنة بالمنظور السياسي البسيط: عندما يستولي/ يستهلك بلد واحد، حقوق أكثر من بلد بموارده الطبيعية وغير الطبيعية وانتاجه الاجمالي، بذريعة القوة أو التفوق أو المعاناة المرضية المزمنة.
وقد بدأت أعراض السمنة الدولية ببلد صغير لم يسبق له ذكر في التاريخ، وذلك عام 1496م عندما هاجمت قراصنة البرتغال المحيط الهندي مرارا وتكرارا، وأوقعت في سكان السواحل وحواضرها مجازر وحشية، سجلتها مذكرات احد البحارة يومئذ، وتم الكشف عنها بعد قرون.
البرتغال الصغيرة التي قتلتها غيرتها من جارتها الكبرى اسبانيا، هي بداية ما سوف يعرف خطلا بـ(الاستعمار) العالمي، في عودة غير معلنة للحملات الصليبية سيئة الصيت، وعلى غرار ظاهرة الشركات العابرة للحدود، بتأشيرة العيون الزرق والجلد الأبيض.
كل الذين بدأوا واعتدو وانعدوا بعدوى (الاحتلات الرخيصة والبائسة) لبلدان بلا حكومات أو جيوش أو مدفعية بحرية، كانوا من صغائر الغرب: [برتغال، هولنده، بلجيكا، انجلاند]، وهم الذين مخروا أطراف الأرض، لاقتناص مساحات أرضية، يزيدون بها رقعة بلدانهم الصغيرة، ونفوذهم غير المصرح له داخل أوربا، فاتجهوا للبحر أولا، وخارج أوربا ثانيا. (الشيطان جبان).
وقد كانت السمنة السياسية والعسكرية سبب سقوط تلك الامبراطوريات الطارئة، وتحولها إلى رمم اسمية لا حول لها ولا قوة ولا مكان أو ذكر نظيف. ولا يستثنى منها طبعا قراصنة انجلاند، الذين جمعوا بين الوحشية والحيلة، وسياسة الستين وجه، والسخرية بعقول مجتمعات أسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية التي يصفونها بعقول الأطفال.
انجلاند هاته ما زالت حوصلتها وجهازها الهضمي العجوز، تختنق بثروات الأمم الفقيرة والبائسة والمتخلفة والغبية في وقت واحد. والمتحف البريطاني دالة واضحة لتزوير حقوق النشر وأنماط السلب والنهب الحضاري المتعجرف، لصنع تاريخ مارق قائم على الجريمة والابتلاع اللامحدود.
بداية تاريخ النهب والابتلاع اللاعقلي، كانت بالعظيم كورش/(مسيح الربّ)- (أشعياء 41: 1)، عندما اقتحم أسوار بابل بالتحالف الستراتيجي مع يهود بابل يومذاك، وقام بنقل مسلة حمورابي من بابل الى سوسه/ (شوشن) يومها. وأوصى عماله بمسح اسم حمورابي ونقش اسمه مكانه كواضع لأعظم شريعة قانونية في حينها.
لكن أحد العارفة بالقراءة والتدوين، أخبر سيّده، بفحوى السطور الأخيرة التي تحكم باللعنات على كل من يغير أو يمسح أو يضيف حرفا أو نقشا في تلك المسلة، فاختشى ملك فارس، وأمرهم بكف أيديهم. لكن المسلة بقيت في سوسه، حتى عثر عليها أحفاده الانجليز ونقلوها إلى لندن، بعد أن أضافوا إليها جملة أثار بابل وآشور، ولم تصبهم لعنة؛ بل كانت لهم سبب بركات ونعم غير محدودة، حتى أن العراقيين صاروا يدعون الانجليز الجلاوزة (أعمامهم).
الأميركان هم أشبال انجلاند يونايتد يونين، والشبل كما يقول المثل العربي، أفظع من أبيه. الاميركان جاهدوا الجهاد الأعظم لسرقة مذخرات المتحف العراقي العتيد، للتغطية على قصة سرقة وثائق وزارة النفط وتسجيل ابار النفط العراقي باسم البيت الأبيض بموافقة مجلس بريمر وأريحية المراجع الرجعية النافذة في البلاد.
إذا كانت السمنة تشوّه الجسم وتسبب له السرطان العاجل والسكتة القلبية، وتصيب المنظر المجتمعي بالنفور، فلماذا لا يقال ذلك عن السمنة الأمبراطورية، وما تمثله من بشاعة حضارية واعتداء على الأرض والسماء. لماذا لا يتدخل الاطباء وحكماء غوغل في نشر اعلانات وتوصيات لمعالجة السمنة السياسية الدولية وترك شيء من فتات التاريخ، للعاجزين عن الانتفاخ والابتلاع والتوسع النسيجي العرقي والطائفي والصليبي.
السمنة منذ بروزها كظاهرة حداثية كولونيالية، اقترنت بمصطلح (ريجيم) المطروح كعلاج لها. هذا يعني ان الغرب الذي يخترع الأمراض والأزمات وينشرها على مجتمعات الخيبة والتخلف، لا يتوانى عن تقديم الحلول والعلاجات والعقاقير المخدرة إلى جانبها.
لكن الملاحظة ان منتج الأمراض والتشوهات وعلاجاتها، يطبعها بعلامة دولية غريبة هي (للتصدير فقط).
فمحاذير السمنة واتباع الربجيم موجهة لبلدان التبعية الكولونيالية/(مستعمَرات عبر البحار)، وليس للاستهلاك المحلي الخاضع لقوانين وأنظمة أخرى.
هل السمنة ناتجة عن (الطمع)، وهو رأس الشرور في الميثولوجيا الهندية، أو مرض (حيازة المال) كما أسس له نبي الكولونيالية الحديثة ادم سمث [1723- 1790م]، أم هي عرض ظاهري لعقدة النقص والصغارة، أم هي التهاب بيولوجي ينتشر في الجسم رغما عنه، أو هي حلول ابليس اللعين في الجسم ليمنحه قدرات غير طبيعية، فتنقلب معاييره، ليجعل الجميل قبيحا ، والقبيح جميلا في نظر العالم.
الغريب ان انتشار البشاعة والأمراض والدمامل الكولونيالية، تصبح موضع ثناء الثقافات التابعة للامبريالية الرأسمالية، والغاية العظمى لبناء أجيال المستقبل، كما أسست لها الحداثة والتحديث والترجمات المشوهة للنظام العالمي -الجميل-/ أقصد الجديد، والله أعلم..!
كل ما يستحق القول هنا، احذر السمنة، ولا تتبع الريجيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا