الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجوب ربط مستويات أجور القوى العاملة بتكاليف المعيشة

محمد رياض حمزة

2019 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في معظم دول العالم ان لم نقل كلها تعتبر القوى العاملة ، سواء تقنية أو مكتبية، هي الطبقة الأكثر عددا. كما إنها الطبقة التي تتشكل مستوياتها من ذوي الدخل المحدود إلى ذوي الحد الأدنى من الأجر. ونسبة هذه الطبقة 70% من مجموع القوى العاملة في العالم التي تصنف من دون الطبقة المتوسطة إلى طبقة الفقراء بمعيال الأجر. بينما تشكل الطبقة ذات الاجرالمتوسط 13%( موقع Pew Research Center الأمريكي )
يعرّف الحد الأدنى للأجور بأنه "الآجر الذي يغطى تأمين الاحتياجات الأساسية للعامل وأسرته أو الأجر الذي يكفل للعامل وأسرته عيشة أو وجوداً يليق بكرامة الإنسان أو مستوى لائقاً يتناسب مع متوسط تكاليف المعيشة في مجتمعه". وتقدير متوسط تكايف المعيشة يحتاج إلى دراسة متغيرين أولهما متوسط الدخل الفردي والأسري للقوى العاملة. والآخر حساب القوة الشرائية للعملة في ضوء نسب التضخم ( أسعار السلع والخدمات) . وإن عدم الدقة في تحديد المتغيرين قد يفضي إلى تشريعات غير عادلة لتحديد الحد الأدنى للأجور. وقد يميل بعض إلى تقليل مستوى الحد الأدنى للأجور كما دأبت عليه الشركات في النظم الرأسمالية . ويمكن إدراج هذا الرأي ضمن النقد الموجه للنظم الرأسمالية التي تهمل الاحتياجات الأساسية التي يوفرها الأجر للطبقة العاملة واسرها . بينما يميل البعض الأخر الى رفع مستوى الحد الادنى للاجور ليتجاوز توفير الاحتياجات الأساسية وذلك مسعى معظم الحكومات التي تسعى لتقديم متطلبات العيش الكريم لمواطنيها . وقد تفسر عبارة العيش الكريم على نحو يتفق مع المعنى الضيق أو الواسع للاحتياجات الاساسية للفرد أو الأسرة بما يتفق مع مفهوم المستوى اللائق للمعيشة وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان( 1948) .
أدرك واضعو الإعلان أن الحد الأدنى للأجور قد لا يكفى وحده لتأمين متطلبات المعيشة الأساسية للعامل وأسرته ، لذلك فقد تضمنت الفقرة الثالثة من المادة 23 من الإعلان العبارة التالية:" أن تضاف زيادة إلى الحد الادنى للأجر عند اللزوم للحماية الاجتماعية "ومعنى هذا أن الأجر الأدنى قد يحتاج في بعض الحالات والظروف إلى إضافات من اجل توفير مستوى المعيشة اللائق إنسانيا للعامل وأسرته . كما في حالات التضخم المتصاعد لأسعار السلع والخدمات
في دول العالم التي تنعم بالاستقرار الاجتماعي والسياسي وبقوة اقصاداتها فإن مستوى الأجور مرتبط بتكاليف المعيشة بما يضمن لمعظم مواطنيها حياة إنسانية كريمة. لذلك فقد دأبت مراكز البحث والتطوير والدراسات الميدانية على متابعة ورصد المتغيرات في تكاليف المعيشة، وتضخم الأسعار ليتم ربط أجور القوى العاملة كافة بتكاليف المعيشة، فترفع الأجور في القطاعين العام والخاص ، طواعية ، حسب نسب و مؤشرات التضخم.
وبما أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات ( التضخم ) يتواصل مع تقادم الزمن مع تضاؤل القوة الشرائية للعملة فإن رصد متغيرات تكاليف المعيشة واثرها على طبقات المجتمع تتولاه مراكز بحوث الاقتصاد الحكومية أو البنوك أو بيوت خبرة المستقلة . فتُعلن نسب التضخم دوريا ( شهريا ) لتكون مؤشرا لمستويات الاجور التي قد تتسبب بتآكل القوة الشرائية للفر وللاسرة في طبقات المجتمع ذات الدخل المحدود أو ذوي الحد الأدنى من الأجر.
وقد وجدت الدراسات التي أجرتها المراكز البحثية المتخصصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية أنه في الدول التي تشهد تظاهرات واحتجاجات تصاحبها أعمال عنف في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية " أن وجود أعداد كبيرة من القوى العاملة المُعطلة ( البطالة ) وتدني المستوى العام للأجور (الدخل الفردي أو الأسري)، عن المستوى العام للأسعار (تكاليف المعيشة) أحد أهم الأسباب التي تتسبب بحدوث أعمال العنف التي تصاحب التظاهرات والاحتجاجات التي تنظمها النقابات والاتحادات العمالية" في معظم دول العالم. وفي الدول النامية تأخذ الاحتجاجات والمطالبات أسلوب التظاهرات غير المنظمة التي تصاحبها أعمال عنف قد تتجاوز أهدافها إلى الإساءة للمؤسسات العامة والخاصة . ولعل ما حدث في عدد من الدول العربية خلال السنوات 2011 ـــ 2013 ( ما سمي بالربيع العربي) شواهد حية على أن المحرك الأساس لتلك الثورات هو الفقر الذي إنحدرت له الطبقة العاملة والموظفون وحتى متوسطي الدخل، ذلك بالتزامن مع النمو السكاني لتضاف أعداد كبيرة من السكان في سن العمل (ابتداء من 18 سنة ) ممن لا تتوفر لهم فرص العمل فهم إذن فقراء .
وإذا كانت النظم في الدول الصناعية المتقدمة ( معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكندا وغيرها ) قد ضمنت استقرارها بفعل إقتصادات قوية وتوزيع شبه عادل لدخولها القومية ومعدل "بطالة " منسجم مع الأنشطة الاقتصادية (إستثناء منها أوقات الأزمات) ، فإن معظم الدول ذات الاقتصادات المتعثرة ستكون عرضة لحالة من عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي. فضعف الاقتصاد وتضاءل توفير فرص العمل للقوى العاملة في سن العمل وانحراف نظم الأجور إلى حالة عدم التكافؤ مع تكاليف المعيشة للفرد والأسرة لابد أن تكون اسببا في الحراك الجماهيري المصاحب للعنف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة