الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقاب

جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد

(تôôèô‏ ؤôéôم)

2019 / 3 / 29
الادب والفن


فاق حسن البصري في صباح تجلى بخبر مزعج أشبه بشَأْنِ غريمٍ أحتلَ أحلامهُ في تلك الليلة الفائتة، على صوت اهتزت له الجدران آتيا من جاره في الطابق الذي يعلو شقته، والصوت تنتفض قوته ولا ينقطع، كانت زوجته قد أنهت صلاتها للتو وهي ترتدي ثوب الجنة، في حينها بدت مرتبكة وقد تغيّر لونها عندما ظهر ذلك الصوت في الثامنة صباحا، حيث أشاع شعورا قلقاً فيها، أنها ربما خسرت لقاء كانت تنتظره، ومع الصمت الذي استمر معها بارتياب شديد، سألها حسن البصري:
- ما الذي يفعلونه بهذا الوقت المبكر، وما هذا الصوت؟
أجابت وقد تلعثمت الكلمات على لسانها الذي حار برغبتها الراجفة، وشوقها الملح، وهي تنظر في ساعتها، نزعت لباس الصلاة، وارتدت بجامة ضيقة وحالها اقْتَضَى الإثارة، قالت وقد ظهر المُنْكر على وجهها المحتال:
– يبدو لي صوت "دريل" مزعج حبيبي.
كانت تجر الكلمات جرا من فيها خاصة في كلمة "مزعج" وحالتها تطلب الشفعة وذلك ما بدا في لمعة عينيها كم تمنت لو أنها قالت "مبهج"، فَالقوْلُ قَوْلُ مُشترٍ للمواعيد التي يحكمها مَبنِّيان كلاهما لا يلتقيان. راود حسن البصري الشك والريبة، وحاله يتسائل هل لها شأن مبرم بينها وبين صاحب الدعوة الدريلية، وإلاَّ لماذا تولاها الحرج والارباك والحيرة؟ بعد أن بدا عليها أمر كامن تصوره ملتبسا، يا ترى من له في الأمر بَصَر حكيم في نظرها، وهي المعروفة باحتيالها على العشرة الزوجية.
نظرت في الساعة ثانية وتأففت وهي تدور بصمتها المتوعك المنعكس على شخصها، بدت نظراتها محتارة في أمرها، جاء الصوت ثانية أكثر حدة وبنفس أطول من النفس الأول، وكأنه يعلن عن فقدان صبره، تأوهت الزوجة وشهقت بنفس مؤلم ينمُ عن لو أنها هرعت مسرعة إلى صاحب المثقاب، وجدها وقد فقدت صبرها لكنها في حقيقة الأمر لم تفقد حيلتها، قفز إلى ذاتها خداع مريب كأنها وجدته منقذا لأمرها فطلبت من زوجها بدهاء خبيث:
- لا يوجد عندنا خبز، ممكن تنزل وتجلب لنا عيش التفتوني اللي أنتَ تحبه، ثم تابعت أكاد أفقد حيلتي أنا جائعة جداً، بسرعة حبيبي، عمري، روحي، كل الدنيا أنتَ!
غادر حسن البصري شقته مسرعا مع علمه أن في الثلاجة الخبز بأنواعه، لكنه أراد أن يلبي طلبها فقط، وينظر في غايتها، نزل واختبأ خلف باب البناية مطلاً بسمعه يختلس صرير الباب، وماذا ستفعل هي، لم تصدق الزوجة أن زوجها غادر الشقة فهرعت مسرعة باتجاه الطابق الثاني، أنفتح الباب لها وضمها بطياته، عاد حسن وجلس على الدرج مقابل الشقة العليا التي دخلتها زوجته، خاصة بعد أن تأكد من سبب حيرتها وارتباكها وشوقها إلى ذلك الصوت، تلك الإشارة الذكية التي حركت حاسته الصادقة، مكثت دقائق وخرجت من الشقة ترتب حجابها وشيء من بجامتها، وجدت زوجها المغدور يجلس قبالتها، سألها:
- لماذا أنت هنا؟
تلعثمت الزوجة ودارت حول نفسها، وأوأت ثلاثة مرات ثم أجابت:
- كنت أطلب الحليب من جارتنا.. حبيبي!
- ولكن عندنا قنينتان من الحليب اشتريناهما ليلة البارحة أنا وأنت، ثم أين الحليب الذي طلبتيه من جارتك!؟
توأوأت ثانية وأصفر وجهها، والعرق يلمع على جبينها.
- أها.. لا.. شلون.. سوده عليَ نسيته..
بدت صورتها كأنها ليست هي، أرادت أن تدخل الشقة لكنه جرها من يدها ونزل بها إلى شقتهما، قائلا لها:
- لكن يا زوجتي هل كان المثقاب ممتعاً، وحليبهُ مغذياً؟
ثم تابع بألم شديد..
- إلى مَنْ ذَهَبَتْ صلاتك؟ وأين الذات الواجبة اتجاه زوجك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع