الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة أمام مرآة قطع مكافئ

محمد ليلو كريم

2019 / 3 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الثورة أمام المرآة ..
(( رويترز عن شهود عيان : الشرطة الجزائرية تطلق الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع على محتجين )) الى هذه اللحظة - وأرجو أن تكون هذه الرصاصات عابرة- أتقنت فرنسا دور الدولة العُظمى الراعية لمصالحها ، والمثابِرة لديمومة درء الخطر عن الاقليم المرتبط بها ، فالفرنسيين اثبتوا جدارة في إبعاد المنطقة الثلاثية ( تونس جزائر مغرب ) عن دوامة الربيع العربي على العكس من الأمريكان الذين فتحوا الاقليم المرتبط بهم للفتوحات الرديفة والصراعات الداخلية والانزياحات الحرجة في الحدود واشتباك الطوائف ، وظهور دويلات سلفية .
ولكن ؛ لنطرح سؤوالين أعتقدهما مُهمين :
هل يتطور الوضع سلبًا في الجزائر ويمتد للمغرب ويرتد لتونس في حال ضعف فرنسا أكثر بسبب الظروف الداخلية وعلى رأسها القمصان الصفراء ؟
وهل هناك مشروع لإضعاف فرنسا ؟
في تونس اندلعت ثورة شعبية لم يتعند بوجهها بن علي طويلًا وغادر البلاد وترك الشأن للبديل ، وظلت المغرب والجزائر خارج دوامة الربيع العربي الى بداية هذا العام وانطلاق الثورة الجزائرية السلمية ، وتونس والمغرب مستقرتان الى هذه اللحظة ( ٢٨ مارس ٢٠١٩ ) ..
في الخامس عشر من نوفمبر ٢٠١٨ دشن الملك المغربي القطار الفائق السرعة الأول من نوعه افريقيًا وكان بجانبه رئيس الجمهورية الفرنسية ، إذ يحرص الرؤوساء الفرنسيون على التواجد في المناسبات للدول الثلاث بعد استقلالها .. ولا زال التعليم في تونس والجزائر والمغرب تحت المظلة الفرانكفونية . ومصطلح الفرانكفونية (( La Francophonie )) ظهر في القرن التاسع عشر ، والفرانكفونية السياسية رابطة تضم ( الدول والشعوب التي تتحدث الفرنسيّة كلغة رسميّة أو حتى لغة عادية ) ومن البديهي أن الروابط السياسية الوثيقة تلتصق بها روابط اقتصادية وهذه بدورها تؤطر بأتفاقيات محكمة ليتحول المُستعمِر من الوصاية المباشرة الى حامٍ للنظام بطرق غير مباشرة والى اليوم تتمركز في المغرب مصالح اقتصادية فرنسية وتقف فرنسا الى جانب المغرب في قضية الصحراء الغربية كما وقف الرئيس الفرنسي الى جانب الملك المغربي في المناسبات الوطنية المغربية ومنها تدشين القطار الفائق السرعة الذي هو ثمرة اتفاق بين الدولتين عام ٢٠٠٧ . ولا مجال لذكر معاهدة إكس ليبان التي أنجزت من خلالها فرنسا أمتيازات فائقة لصالحها في المغرب والتي كانت الجزائر عامل قوي في الدفع بالفرنسيين لإبرامها مع المغرب وكذلك التفاهم مع تونس لشدة الضغط الجزائري المُقاوم ..
يبدو أن الذكاء الفرنسي أكثر مرونة ومطاولة من نظيره الأمريكي ، واثناء متابعتي لما يتعلق بهذا المقال توقفت عند مقطع يوتيوب أرفِق بنبذة مكتوبة جاء فيها أن الرئيس جاك شيراك حظى بإستقبال حار في وهران ، ولكن خليفته نيكولا ساركوزي ( لم يكن ابدًا ذا شعبية في الجزائر ، منذ كان يُنظر إليه كموالٍ لأمريكا ) !!!! هل هذا مؤشر على رابطة شبه وطنية تشد الوجدان الجزائري لفرنسا ؟؟ .. ( المقطع في اليوتيوب بعنوان : هل لا تزال الجزائر محمية فرنسية ؟ . والنشر بتاريخ ١٩ / ٥ / ٢٠١٨ ) ..
(( يقول المؤرخ الفرنسي " بنجامين ستورا " في حوار له مع مجلة " لوجون أفريك " إن تأثير الحنين ل الجزائر الفرنسية لا زال قويًا بفرنسا ؛ ورابط الحب بينهما هو اللغة مثلما يُعبر عنها نصر الدين قاسم في قوله : الفرنسية لا تزال أداة من أدوات السلطة في الجزائر ، ولا تزال أداة سياسية لممارسة الحكم في الجزائر وتأشيرة للوصول الى السلطة والبقاء فيها . ولا يزال محبوها والشغوفون بها يُعششون في مختلف دواليب السلطة والإدارات الحيوية والمؤوسسات السيادية القوية / من نفس المصدر السابق )) ..
وإلى هُنا نكتفي من تبيان أواصر العلاقة بين فرنسا والمنطقة العربية الغربية ، ونرجع لسؤالّي مُقدمة المقال : هل يتطور الوضع سلبًا في الجزائر ويمتد للمغرب ويرتد لتونس في حال ضعف فرنسا أكثر بسبب الظروف الداخلية وعلى رأسها القمصان الصفراء ؟
وهل هناك مشروع لإضعاف فرنسا ؟
الأقليم العربي المرتبط بفرنسا يحظى بعدة ميزات جعلت منه شُبه مُحصن أمام باقي الدول الكبرى ، فالساحل البحري يمتد بطول الشرق التونسي ويلف شمالها ويعبر الى الجزائر فيُكوّن حدودها الشمالية كلها ويُغادرها الى المغرب حيث يلف الشمال المغربي وينحدر ليقطع كل مسافة حدودها الغربية عبورًا لموريتانيا ، وعامل مؤازرة رديف يتمثل في قرب الأقليم من فرنسا نفسها ، وعامل ثالث يُحسب لفرنسا إذ لم تفتح الأقليم لشركاء بتحالف عسكري غازٍ ، كما أن فرنسا تُشرِك ثُقلها الثقافي في حساباتها الإستعمارية وما بعد الإستعمار المباشر لما للثقافة من تأثير عميق وبعيد المدى في العقل وكذلك النفس والعواطف ، فما بالُك واللغة قد درجت على لسان الجزائريين وتلقوا عبرها الثقافة الفرنسية مباشرًة بلا تُرجمان وتلاعب بالمتن الذي أرادت فرنسا غرسه بالعمق الجزائري الذهني ، ولكن ؛ ما الذي طرأ ، وما الذي حدث في الجزائر فحرّك فيها الثورة ؟؟
الى الآن ، والجزائر كتونس في سلمية المظاهرات ، ففرنسا لم ترفض القرار العالمي حيث بدى أن القوى الكبرى قررت أحداث تغيير عالمي عبر حرب عالمية ثورية !!!!
من المؤكد أن وضع الجزائر أقرب للخطر من وضع تونس حين ثورتها ، فتونس حصل فيها التغيير وفرنسا بلا مشاكل داخلية كالتي تشهدها الآن ، ولا نُفوِت استذكار المحاضرة التي حضرها قادة الدولة التونسية مرحبين ومهللين بالمحاضر عزمي بشارة وقد اختار ( العلمانية ) كمادة للمحاضرة !!!!! فبشارة القادم من ( قطر ) تعبير لقبول عالمي ؛ وغربي خصوصًا بقبول الشرط الفرنسي في أحداث شكل التغيير التونسي فتُبعَد عن الحرب الأهلية والغزو أو التحول للحكم الإسلامي فكان أن خرجت مظاهرة فيما بعد ترفض الدين ومقرراته وتطالب بالحق بالأكل والشرب العلني في شهر رمضان ، كما وطالبت النساء بالمساواة بالأرث عبر مظاهرة ، أي أن المحاضرة العلمانية تُدعم برأي عام مؤيد ، ولا اعتقد أن هذا الحراك ببعيد عن رأي فرنسا فيما يتعلق بأقليمها العربي ، ولكن الحال الآن غير ذاك الحال ..
ليس هُناك من دولة عظمى ناطقة بالفرنسية غير فرنسا ، في حين تنطق بريطانيا والولايات المتحدة وكندا واستراليا باللغة الانجليزية ، والى حد ليبيا شاركت فرنسا قوات التحالف بالعمليات العسكرية المشتركة ولكنها وبالتأكيد لم تسمح بعمليات عسكرية مشتركة في الدول الثلاث المرتبطة بها ، وهُنا بالتحديد علينا تذكر الحروب التي نشبت بين فرنسا وبريطانيا ، وبريطانيا وامريكا ، ولإكتمال اضلاع المثلث (( ردت كل من فرنسا وألمانيا على نداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعادة مسلحي تنظيم داعش في سوريا ، وبينما جاء الرد الألماني فاترًا ، كان الفرنسي حاسمًا )) (( وقال لودريان في تصريحات صحفية اليوم الأحد : " لا نتدخل في السياسة الداخلية الأمريكية ونريد معاملتنا بالمثل . دعونا نعيش حياتنا الوطنية " )) !!!!
هل هُناك ما يمكن أن نُسميه عُقدة إنجليزية لوجود إنجليزات مقابل عدم وجود فرنسات ، إذ فرنسا واحدة ؟؟
السؤال الاخير يطرح نظرية عامة قابلة للنقاش ، وحتى للدحض ، ولكن إذا ما صدقت هذه النظرية فالجزائر أمام خطر قادم ، خطر كبير ، وتزداد الهواجس والتيار السلفي الجهادي خامل لحد الإن وهو الذي عودنا على تكتيكات الخلايا النائمة والتي ما أن تصحو حتى تمتلئ السماء بطائرات ألسُنْية ، وتقتحم السيادة جحافل متعددة اللغات ، وروسيا السوفيتية كانت قد خسرت نفوذها في الدول المرتبطة بها قبل أنهيارها ..
بدى الآن حجم الدور الذي لزِمَ أن تؤديه الجزائر في هذه اللحظة التاريخية ، وتوضح ما لهذا الدور من أوجه جغرافية وسياسية وتاريخية واقتصادية ، بل هو دور شامل لا مفر من لعبه وإتقان اللعب ، فأنا أعتقد بأن انزلاق الجزائر الى الهاوية سيُطيح بتونس والمغرب ويؤثر بقوة على فرنسا ، وهنا نفهم عظم المسؤولية المُلقاة على ثوار الجزائر ، فهم بحق يُمسكون الآن بحلقة من التاريخ ويختبرون أنفسهم ، إنه شعب يختبر نفسه ويخط تجربة من جلل التجارب العالمية في تاريخٍ مديدٍ قادم ..
حذار : (( رويترز عن شهود عيان : الشرطة الجزائرية تطلق الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع على محتجين ))
محمد ليلو كريم
الجمعة ٢٩ آذار ٢٠١٩








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام