الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احذر السمنة.. ولا تتبع الريجيم..! (3)

وديع العبيدي

2019 / 3 / 30
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


السمنة ظاهرة غير طبيعية وغير عادية، وكلما عدنا للتاريخ لن نجد السمنة غير ظاهرة مرضية محدودة أو ظاهرة سلطوية. ولكنها منذ رسالة ادم سمث [1723- 1790م] القرصانية عن (ثروة الأمم) صارت السمنة ظاهرة رأسمالية امبريالية، حتى بدت عادية وشائعة في عالم اليوم.
نعم .. السمنة ظاهرة مرضية غير طبيعية، قيادها بيد صاحبها، مهما كان من الوعي والارادة بيولوجيا أو نفسيا أو عقليا. ولابد أن تفرض تعليمات عقابية صارمة لاجتثاثها، بكل مستوياتها وانواعها، الشخصية أو السياسية أو الامبريالية السائدة اليوم.
السمنة نتيجة للطمع المحرم اخلاقيا، أو نتيجة للاضطراب الشخصي أو الاجتماعي أو العالمي- كما هو اليوم-. والسمنة صنو انعدام العدل وعدالة التوزيع، وذلك من صفات الظلم والاستبداد. والسمنة غلط من أغلاط التربية العائلية ودالة على عدم اتزان الام التي تتطرف في تفضيل ابنها على كل البشرية، وتجد في ملء الفم وسيلة لتنفيس اضطراباتها الداخلية.
وبعد.. فمن الممكن - والمفروض حتما- مواصلة معالجة موضوع السمنة وفلسفته على كل وجوهه، وبيان أثره في انجاز تشوهات المجتمع البشري وعالم اليوم، ومخاطر الطريق المسدود الذي يندلق فيه الجميع. وإذا كان ثمة ثلاثمائة شخص أو ألف وخمسمائة فرد، ولنقل خمسة ملايين من حيتان الأموال البشرية، يمتلكون النسبة العظمى من رأس المال العالمي، وهم حيتان الفساد والانحطاط؛ فكيف تكون صورة البشرية إذا احتكر أمثالهم الماء والغذاء والهواء والثياب ومجمل الناتج الاجمالي البشري لأغراضهم الخاصة.
في كل مجتمع بلدي اليوم، تستأثر ثلة نسبتها [10- 15%] من المجتمع، بما يساوي [80- 95%] من موارد البلد وناتجه الاجمالي. أليست هاته ظاهرة من ظواهر السمنة، والعامل الرئيس وراء كل أزمات المجتمعات المحلية والعالمية، أم أن البرجوازية الرأسمالية الامبريالية ظاهرة صحيحة وحالة مقدسة، تعلو على النقد والاتهام والثورة.
يرد في الانجيل ان يهوذا الاسخريوطي وهو الاورشلومي الخائن من تلاميذ يسوع الناصري، بعدما باع سيده بثلاثمائة قطعة من الفضة، ندم وألقى بنفسه على صخرة فاندلقت أحشاؤه أو أمعاؤه/(اع1: 18). ويقول يوحنا الحبيب أن يهوذا البطين هذا كان لصا، ويسرق من الصندوق/(يو12: 6).
لماذا وردت قصة انتحار يهوذا الاورشلومي بهاته التفصيلة المعوية، لو لم يكن يقصد بها سرقة الفقراء والأرامل واليتامى والاثراء على حساب الجماهير. وفي النص القرآني/(النساء 4: 10):
[إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ].
فالاشارة هنا تشير الى الافراط والتفريط وعدم اعتبار المبادئ والاخرين. والمبدأ الثابت هنا هو (كلّ مازاد عن حدّه، انقلب إلى ضدّه!). لقد وضع الله موارد الطبيعة في خدمة البشرية، ولكنه لم يسمح بالاحتكار والاستبداد والتطفل والتفريط، فيحتكر ثلة من البشرية، ما هو حق مشاع لكل البشرية بكل أجيالها.
هذا النص والمبدأ يقف على الضد من مبادئ الرأسمالية الغربية، التي تعتبر نفسها ظاهرة طبيعية غريزية، أكثر انسجاما مع طبائع البشر. لا.. أنها تنسجم مع طبائع المرضى وغير الاسوياء من البشر.. أولئك منحرفي الطبائع والرغبات والأطماع.
وردت الاشارة الى ابتلاع أموال الارامل واليتامى والمساكين والفقراء في أسفار الأنبياء من كتاب التاناك اليهودي، وعلى رأس أولئك الآنبياء: [أشعيا بن آموص وأرميا بن حلقيا]/ [اسفار الأنبياء هي الجزء الثالث والأخير من التاناك، بعد اسفار موسى والكتب التاريخية]، وأكد النبي يوحنا/ يحيى بن زكريا خلاصات دعاوى الانبياء: [من كان عنده ثوبان، فليعطِ من ليس عنده، ومن كان عنده طعام، فليعمل كذلك أيضا]- (لوقا 3: 11)
وإذا كانت البطون سمة لرجال الدين والسياسة والثقافة والاقتصاد والعسكر، فأية قيادة وسياسة وثقافة يساس بها الناس، وما حال الناس ممن لا بطن له بين الذئاب. من هنا ترد تعليمات (الترشيق) و (شدّ الأحزمة على البطون) التي أفتى بها عبد الفتاح السيسي كخطوة ضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي والسياسي في مصر. ويذكر العراقيون المخضرمون القرار العراقي السابق في منتصف الثمانينيات حول الترشيق الاداري والبدني لكبار المسؤولين وضباط الجيش، وبموجبه تم احالة الممتنعين عن الترشيق خارج الخدمة.
فالسمنة والترشيق ظاهرتان، تتصلان بالاضطراب وانعدام العدالة، تقع مسؤولية معالجتها على الفرد والمجتمع والحكومة على حد سواء.
لننظر للسمنة من منظور رأسمالي اقطاعي، قائم على الجناية والابتزاز والقرصنة والتجاوز، ذلك ما جعل انجلاند امبراطورية تتسلط وتتملك خمس مساحة الكرة الأرضية وما ليها من سكان وموارد وامكانيات في العهد الفكتوري، وهو ما أنتج ظواهر الاقطاع المحلي والرأسمالية اللاوطنية، التي تصدت لها التيارات القومية والوطنية واليسارية للكفاح ضدّها في أواسط القرن العشرين، فأين بشرية اليوم من روح الكفاح والتحدي والثورة، أم أنها ختمت في صناديق التراث والانتخابات المزورة؟.
اليوم ينتشر الحيتان الصغار والمتوسطون والكبار في اقتصاديات البلدان وعبر الحدود والقارات، ويتربع الحوت الأكبر على عرش العالم والجميع ينحنون له ويعبدونه.
أما الفقراء والمتسولون واللصوص الصغار، فيحلمون ويكافحون ليبلغوا مدرج مستويات الحيتان، والعافية درجات.. أم ماذا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب