الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى أبريل بين ميلادي وحلم الوطن

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2019 / 4 / 1
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



يوم السادس من أبريل يصادف الإعلان عن خروج الإحتجاجات المليونية المعلنة من قبل كافة قوى إعلان الحرية والتغيير علي إمتداد ربوع الوطن الغالي، وستة أبريل الجاري يوافق عيد ميلادي الذي كان في العام 1988م وهو يوم في شهر النضالات الكبرى، وتزامن التاريخ (الأول مع الثاني) يمثل لوحة فريدة ومميزة جدا في حياتي وتاريخ الوطن، وسيظل هذا اليوم خالدا برمزيته الثورية، وما صرخة الإنسان في لحظة ولادته إلا ملمح ثوري يماثل صرخة الشعب الذي يولد اليوم من رحم التاريخ الجديد، والمرء حين يولد في السودان يجب أن يفرح بسودانيته ويناضل من أجل وطن حر وشعب سعيد، ومن غير هذا الشعب العظيم يقرر تاريخ ميلاده المجيد بارادته الحرة، ومن غيره يصنع المجد لوطنه الحبيب، فقد أرخ الشعب ميلاده يوم أعلن إستقلاله من الإستعمار التركي المصري بكفاح وجسارة السودانيين الأبطال في الثورة المهدية الخالدة، وسطر تاريخه الساطع يوم إعلان الإستقلال عن الإستعمار الإنجليزي المصري بنضالات وتضحيات السودانيين الذين إستبسلوا في الدفاع عن الأرض والهوية والحرية والسلام.

مسيرة حياة السودانيات والسودانيين حافلة بنور النضال الثوري ضد الأنظمة الإستعمارية المستبدة، وهزم الشعب أضخم وأطغى الحكومات الدكتاتورية هادما كل بروج المشاريع السياسية الإقصائية الفاشلة، وكانت ثورات شعبنا العظيم لوحات معلقة علي جدار التاريخ الوطني القديم والحديث، وكان الكفاح الثوري السوداني يحمل ملامح متعددة الألوان، طوعها الشعب بعبقريته لتحرير البلاد، فهناك ثورة "ريف ومدينة" أخذت الشكل السلمي كوسيلة لتحقيق التغيير والتحرر من الطغيان مثل الذي حدث في عهد الحكم الإنجليزي المصري وتم بموجبه تحقيق الإستقلال، والذي حدث في أكتوبر وأبريل وخلع الأنظمة البوليسية القاهرة، وهناك ثورة "مدينة وريف" أخذت الوضع المسلح لتحقيق أهداف وتطلعات الجماهير كما حدث في الثورة المهدية وحركة اللواء الأبيض ومقاومة عبدالفضيل الماظ وحركات التحرر في الريف السوداني، كل هذا الإرث الثوري يؤهل السودانيين لخوض معارك التحرر الوطني وإسقاط النظام الإسلاموعسكري الذي قتل وشرد وسجن الملايين بجبروته منذ يوم إنقلابه المشؤم بعد عام واحد من ميلادي.

يمثل السادس من أبريل رمزية وطنية وتاريخية لكل أبناء وبنات السودان، ولهذا التاريخ وضع خاص عندي، ولتكن ملونية ستة أبريل القادمة قسطل ثوري ناسف للظلم وناصف للحق، وليشعل الشعب في هذا اليوم قناديل النصر في عالم محاط بظلام القهر والفقر وضيق الحريات وغياب حقوق الإنسان، لذا يجب أن نعمل بكل جهدنا وطاقاتنا الفكرية والبدنية من أجل تحرير السودان وبناء دولة السلام والمواطنة والحرية والديمقرطية.

كانت هنالك فرصة جيدة لجعل البلاد تسير علي خط النهضة والعدالة والديمقراطية وتجنب الأزمات السياسية والإقتصادية وتلك الفرصة أفرزتها إتفاقية نيفاشا التي تم توقيعها في العام 2005 بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان لكن النظام بددها باشعال الحرب مجددا بعد إنفصال جنوب السودان، وفي ذلك التاريخ راج الحديث عن السلام والنهوض من الفقر إلي الرفاهية وبناء عوالم سياسية جديدة تعكس واقع التنوع السوداني، وأذكر في ذلك التاريخ كنت أحاول تلمس وفهم أبجديات السياسة، ومع بلوغ منتصف العام 2005م كنت معلق بين النشاط الثقافي الأكثر جاذبية لذهني والأنشطة السياسية الجديدة، وكانت فترة صراع ذاتي بين ما هو ثقافي وما هو سياسي إضافة لإختبارات الإيدلوجيات، وكنت من المعجبين باسم الحزب الشيوعي السوداني وشخصية المناضل عبدالخالق محجوب والمفارقة العجيبة في ذلك الوقت ميولي لحزب الإتحاد الإشتراكي الذي حكم باسم " مايو" وسقط مع إنتفاضة الشعب السوداني ضد سلطة النظام النميروي المايوي ولكنه بقى في بيتنا كحزب لأب عزيز نحبه ونجله كما نلاحظ بقاء أثر " مايو" في بيوت عدد من أتباعه القدامى، وفي ذلك الوقت، وبينما أبحث عن حزب أشعر فيه بالإنسجام الفكري والقيمي ليكون خيار لا أرجع عنه في وقت لاحق، حضرت ندوة سياسية في نهاية عام 2005م في ميدان المولد بمايرنو حيث خاطبها الرفيق الراحل وليام قوبيك وعدد من الرفاق المناضلين، أثرت هذه الندوة في فكري وجعلتني أحاول البحث عن منفستو الحركة الشعبية ومشروع السودان الجديد الذي كان يمثل محور إنشغالي وأساس لأسئلة كثيرة تدور في عقلي، ومع مرور الأيام والإطلاع الجيد علي مشروع الحركة الشعبية أعلنت إنضمامي لها وتعرفت وقتئذن علي رفاق عظماء لا يمكن نسيان حبهم والأيام التي جمعتنا في درب النضال الواحد من أجل الوصول إلي السودان الجديد، ومن هنا أخذ بحر النضال يتمدد وجرت أحداث كثيرة وخضنا تجارب كبيرة مع الرفاق في الحركة الشعبية والأحزاب الصديقة والمعادية والمحايدة، وأذكر هذه التجربة لأرسخها في دفتر تاريخ حياتي خاصة مع إنبلاج ضوء عيد ميلادي والسودان يجدد ذاكرة الشعب بفتح نوافذ التاريخ لدخول عبير ماضي وحاضر شهر الكفاح والتضحية أبريل الثورات السودانية الخالدة، وهذه الذكريات ستظل حاضرة في العقل كلما دار الزمان علينا وأعاد إطلاق شمس أبريل فوق رؤسنا في كل عام جديد يمر علي بلادنا.

ونحن علي أعتاب أول يوم من شهر أبريل العظيم، وتفصلنا أيام قليلة عن الموعد المضروب للحشد الجماهيري المليوني الذي سيكسر شوكة نظام الفساد والقهر الجاسم فوق صدورنا لسنين، ويجب أن نحشد كل طاقاتنا الثورية من أجل تحرير هذا الوطن، ويجب أن نتحمل مسؤلية كتابة تاريخ جديد لميلاد سوداننا الجديد بقلم السلام والعدالة والحرية والديمقراطية، ويجب وضع السودان القديم بكل مشكلاته في سلة الماضي مع أخذ العبرة مما سلف للسير بخطوات متماسكة وقوية نحو المستقبل، فنجاح يوم المليونية الثورية سيضع الحراك الثوري الجاري في وضعية الحركة السريعة وبهذه الضربة سوف تتراخى أطراف النظام وتتساقط كأوراق شجرة يابسة تهاب الريح وهو يهب عليها من كل جانب، وسأحتفل في ذلك اليوم الجميل بعيد ميلادي مرددا كل ما أحفظه من قصائد وأغنيات تمجد الثورة والحرية مما جاد به الشعراء والفنانيين الكبار مثل محمد وردي ومصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت ومحمد الحسن سالم حميد ومحجوب شريف وغيرهم من عظماء الفن والشعر في السودان.

سعد محمد عبدلله
1 أبريل - 2019م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا.. مقتل 3 متظاهرين إثر احتجاجات اعتراضا على نتائج ا


.. شاهد | تجدد الاشتباكات بين الشرطة الكينية ومتظاهرين في نيروب




.. ماكرون.. بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان تجمع اليسار


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: انسحاب أكثر من مئتي مرشح لسد




.. كينيا.. قوات الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين