الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة ما بين المطرقة والسندان في رواية لا يهزمني سواي لرولا خالد غانم

محمود نبيل شابط

2019 / 4 / 4
الادب والفن



صدرت رواية لا يهزمني سواي للكاتبة الفلسطينية رولا خالد غانم عن دار كل شيء في حيفا المحتلة، عام 2019، وجاءت في 180 صفحة من الحجم المتوسط، حمل غلافها الأمامي لوحة للفنان العالمي الدكتور جمال بدوان، وغلافها الخلفي كلمة للسيناريست السوري محمد خير الحلبي.
تسلّط الرواية الضوء على المرأة العربية بشكل عام، وعلى الفلسطينية بشكل خاص. وقد تعدّدت صور المرأة في هذه الرواية، فنجد فيها المرأة المضطهدة المظلومة من قبل الزوج والمجتمع كصابرين وشقيقاتها اللواتي دفعن ثمن خطيئة ارتكبتها والدتهن بسبب غياب زوجها المتكررعن البيت، وبسبب انجرارها نحو النزوات؛ لتهدم بكلّ أنانية أسرة بكاملها، وتجلب اللعنات لبناتها، فيحملن وزر أخطائها.
ونجد في الرواية المرأة الظالمة المتسلّطة المستبدة كخلود زوجة الأب التي تصبّ غضبها على بنات زوجها، وتحملهن ما لا يطقن، دون رحمة أو إنسانية.
ونجد المرأة الصابرة المكافحة التي تضحي بالغالي والنفيس من أجل المحافظة على دفء أسرتها وأسرة غيرها كالشغالة منيرة تصفها الكاتبة :"كان لكلماتها وقع خاص، ينعش روحها، ربما كانت هي سبب تفوق البنات في المدارس". ص21، وكصابرين الضحيّة البريئة التي تقع بين كفيّ كماشة، فلا هي تريد أن تترك أبناءها الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة، ولا تريد أن تبقى على ذمّة رجل متوحّش يعنّفها جسديا ونفسيّا ليل نهار:" أثقل الهمّ قلب صابرين، التي اختلف شكلها فبدت بسبب الهالات السوداء تحت عينينها شاحبة وأكبر من سنّها، فوجع الفقد وسهر الليالي والكلام الجارح والحمل المتكرر وكمّ التعب شوّه ملامحها، خطف بسمتها، قصف جناح أحلامها، وقضى على فتات الأمل الذي كان متبقيا، فبدت ضعيفة، تتكدّس الهموم في تنهيداتها".ص 151
ونجد في الرواية المرأة الخائنة عديمة المسؤولية اللعوب كما هي سهاد، التي لم تحمد الله على نعمة الغنى والبنات المتفوّقات، فأرادت أن تكسر رتابة الحياة بجنونها والتفاتها لرجل آخر غير زوجها الذي أغدق عليها الأموال، التفتت لرجل عديم المسؤولية خادع أفلت يدها عند أوّل مأزق.
المرأة في الرواية تحمل العديد من التناقضات، فالرواية تقوم على الثنائيات، حيث نجد الصراع منذ قراءتنا للصفحات الأولى، الصراع ما بين الفلسطيني صاحب الحقّ والإسرائيلي محتل البلاد، ونجد الصراع ما بين الرجل والمرأة، وما بين الظلم والحق، وما بين الفقر والغنى، وما بين الجهل والتعليم ما بين التحرر والعبودية.
لم تغفل الرواية صورة المحتل، الذي يبتلع الأرض الفلسطينية ويضيّق الخناق على أهلها، فعرضت صورته القاتمة وكشفت عن وجهه القبيح حين وصفت ممارساته القمعية خصوصا على حاجز قلنديا قرب القدس، تقول:" لن تنسى صابرين ذلك المشهد الذي حصل مع ظهيرة يوم جمعة وظلّ عالقا في خبايا ذاكرتها، حين توافد الفلسطينيون على الحاجز من أجل الذّهاب للصلاة في المسجد الأقصى، هذا يخرج هويته، وذاك يخرج تصريحه، والعرق يتصبّب على جباه الجميع، تفاجأ الجميع بسماع دوي قنابل".ص24
توثق الرواية لأحداث حقيقية وقعت في مدينة طولكرم كاستشهاد البطل ثابت ثابت، فالكاتبة تسعى دوما لتمرير معلومات تتعلق بالقضية الفلسطينية حتى لا يغفلها القارئ، وهذا أحد أهم أهدافها.
تنتصر الكاتبة في الرواية للمرأة، فهي لم تهزم كما هو عنوان الرواية فجميع من حولها لم يتمكّنوا من هدم عزيمتها تماما، ما لم تهزم من داخلها.
تتحقق العدالة الإلهية في آخر صفحات الرواية، ويأخذ الله للنساء، اللواتي ظلمن بالرواية، حقهنّ، فترضي الكاتبة بهذه النهاية السعيدة كل النساء المسحوقات في مجتمعاتنا.
المكان: المكان في الرواية متعدّد فقد حلّقت الكاتبة في فضاء فلسطين وحرّكت شخوصها في سماء الضفة الغربية، خاصة مدينتيّ طولكرم والقدس، ولم تختر القدس عبثا بل عن قصد، فهي كاتبة تعي ما تكتب وتريد وتدرك جيدا مدى أهمية القدس، المدينة المقدسة ،قلب الصراع، التي تتعرض يوميا للتدنيس والتزوير من قبل العدو، فأرادت أن تقول:"إنّ القدس عربية بمقدساتها وأبنيتها وتاريخها العظيم". وهذا يحسب لها. وشمل المكان دولتي اسبانيا وكندا.
الزمان: الزمان في الرواية، التي تقوم على الاسترجاع وتبدأ من النقطة التي بدأت بها، حديث ويتضح منذ قراءة الصفحة الأولى حين تحدثت الكاتبة عن المسيرات التي خرجت في مدينة رام الله من أجل صرف رواتب موظفي غزة، وهذا الحدث حصل على أرض الواقع قبل أشهر.
اللغة: تنوّعت اللغة في الرواية، فجاءت ضمن مستويات ثلاثة. لغة السرد تنوّعت ما بين المتوسطة والفصيحة الغنيّة بالألفاظ الفخمة والصور الفنية، تقول الكاتبة على لسان الراوي واصفة صابرين:"صحيح أن عينيها كانتا عسليتين، لكن المياه التي سبحت بهما حولتهما إلى بحيرة أشبه بمصيف للألم، كما أن شفتيها تحولتا من كرزيتي اللون إلى شفتين زرقاوين تكاد تتخثر فيهما الدماء لشدّة ما تضغط بأسنانها عليهما".ص 7 أمّا لغة الحوار فجاءت بالعامية فقد نطّقت الكاتبة الشخوص بلغتهم العادية، تقول
" – هي وينك..وين شردت؟
- لا أنا معاكم..والله بس.
- بس شو، في مين كنت شاردة الك مدة؟
- أنا معاكم..بس صابرين حسستني بالانتظار شوي، فشردت بالفعل."ص 10
أرادت غانم بالنهاية أن توصل رسالة تنويرية للمتلقي مفادها أن المرأة جوهرة مصونة ودرة مكنونة إن صانها الرجل والمجتمع أعطت بلا حدود، هي إنسانة لها حقوق شأنها شأن الرجل، فمن حقها أن تتعلم وتتمتع بالحرية، وتنعم بالحياة الكريمة، فهي نصف المجتمع.
الرواية مشوّقة جدا و آسرة تأسر من يقرأها، ولا تجعله ينفك عنها حتى يقفل آخر صفحة من صفحاتها، حبذا لو تحوّل إلى مسلسل قريبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??