الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوءٌ على جَلسةٍ برلمانية

امين يونس

2019 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


راقبتُ عن كثب معظم مادار في جلسة برلمان أقليم كردستان العراق ، اليوم ، الخاصَة بالقراءة الثانية لمشروع قانون تفعيل منصب رئاسة الأقليم . ولللذين ليس عندهم إطلاع على أصل الموضوع : إنتهتْ الولاية الثانية لمسعود البارزاني في 30/6/2013 ، وإتفقَ الحزب الديمقراطي مع الإتحاد الوطني ، على تمديد ولاية البارزاني لسنتَين وبنفس الصلاحيات الواسعة ، أي لغاية 19/8/2015 ، رغم معارضة حركة التغيير وأطراف أخرى . على ان تجري بعدها إنتخابات الرئاسة والتي لايحق للبارزاني الترشح لها لأنه قضى في المنصب أكثر من ولايتَين .
ولكن ومع إقتراب نهاية التمديد ، ماطلَ الحزب الديمقراطي بحجة الوضع الأمني الخطر بوجود داعش في الموصل والمناطق المحاذية للأقليم ، وأصّرتْ حركة التغيير على ان رئيس الأقليم غير شرعي منذ 20/8/2015 .. وتفاقمَ الخلاف ووصل الى حَد منع دخول رئيس البرلمان المنتمي لحركة التغيير " يوسف محمد " إلى أربيل حيث مقر عمله وكذلك طرد وزراء حركة التغيير من التشكيلة الوزارية ، في 12/10/2015 . ثُم جرى ترتيب إصدار أمر قضائي بتمديد ولاية مسعود البارزاني سنتَين اُخرَيَين ، تنتهي في 1/11/2017 .
جرى الإستفتاء على إنفصال أقليم كردستان عن العراق في 25/9/2017 .
من تداعيات الإستفتاء ، تمتْ سيطرة الحكومة الإتحادية على كركوك وسنجار وسهل نينوى ، بإستخدام الجيش والشرطة الإتحادية والحشد الشعبي ، في 16/10/2017 .
في 29/10/2017 بعث مسعود البارزاني رسالة الى البرلمان ، تنحّى فيها عن منصب رئاسة الأقليم وطلب ان تُوّزع صلاحياته على البرلمان والحكومة ومجلس القضاء .
أي بإختصار : في 2005 جرى إنتخاب مسعود البارزاني كرئيس للأقليم في البرلمان ( كجزءٍ من صفقة بينه وبين الإتحاد الوطني لتقاسم المناصب في بغداد وأربيل ) . وفي 2009 جرى إنتخاب البارزاني في إنتخابات عامة مباشرة ( أيضاً إمتداداً لإتفاقه مع الإتحاد الوطني ) . في 2013 ومع المعارضة الشديدة لحركة التغيير وأطرافٍ أخرى ، إلا ان الإتحاد الوطني تبرَعَ بإصطفافه مع الحزب الديمقراطي ، فمّددَ ولاية الرئيس سنتَين . في 2015 ، حتى الإتحاد الوطني نفسه إقتربَ من مواقف حركة التغيير .. لكن الديمقراطي منع رئيس البرلمان من دخول أربيل وطرد وزراء التغيير ، فتوقفَ البرلمان عن مُزاولة عمله . ولجأ الديمقراطي إلى إستصدار قرار قضائي بتمديد ولاية مسعود البارزاني سنتين تنتهي في 1/11/2017 .
* حركة التغيير كانتْ أساساً تدعو أن يُنتخَب رئيس الأقليم من خلال البرلمان ويكون خاضعاً بالتالي إلى المُسائلة والمحاسبة ، من خلال جعل صلاحياته تشريفية . وكان الحزب الديمقراطي حينها أي في السنوات 2013/ 2015 ، يصُرُ ان يُنتخَب الرئيس من قِبَل الشعب مباشرة ، لأنه ببساطة كان يخشى أن يتفق الإتحاد مع حركة التغيير والأحزاب الإسلامية ، في مُنعطفٍ ما ، فيشكلوا أكثرية مريحة تتيح لهم مسائلة او حتى طرد رئيس الأقليم إذا جرى إنتخابه في البرلمان ووفق ضوابط برلمانية .
* الآن .. وبعد تشرذُم الإتحاد الوطني الكردستاني وفقدانه الكثير من قوته السابقة ، ونجاح الحزب الديمقراطي في كسب وِد حركة التغيير " التي فقدتْ هي أيضاً نصف عدد مقاعدها مقارنةً بالدورة السابقة " فأنهُ أي الديمقراطي إستطاع اليوم تمرير القراءة الثانية لمشروع تفعيل منصب رئيس الأقليم ، وهذه المرة بدعم كامل من حركة التغيير ! . فرغم المُمانعة التي أبداها الإتحاد الوطني وعدم حضوره جلسات البرلمان في الشهرَين الأخيرَين ، إلا أنه حضر اليوم و " إستمعَ " إلى مُجريات تمرير مشروع القانون .
* الإنتخابات العامة الأخيرة التي جرتْ في نهاية أيلول 2018 ، لم يُشارك فيها غير نصف عدد الناخبين تقريباً مُقارنةً مع الإنتخابات السابقة ، وذلك لفُقدان الثقة لدى شريحة واسعة من المواطنين بالأحزاب عامة ولا سيما الحزبَين الحاكمَين . ورغم الإعتراضات الكبيرة للأحزاب المُشاركة والإتهامات بحدوث تزويرٍ ضخم وإختراقٍ الأجهزة الألكترونية وتهديداتهم بالإنسحاب الكلي من العملية السياسية ، فأن مفوضية الإنتخابات وبالتنسيق مع القضاء ، طمطموا الموضوع ومرروا النتائج ، التي ضمنتْ 45 مقعداً للديمقراطي و21 للإتحاد ، وتراجع التغيير الى 12 مقعدا فقط وكذلك الإتحاد الإسلامي خسر نصف مقاعده السابقة .
* حركة التغيير تقول أنهم " نجحوا " في جعل رئيس الأقليم يُنتَخَب في البرلمان ، حيث كان هذا مطلبهم منذ عشرة سنوات .
لكن الواقع وبالصلاحيات الواسعة التي سوف تُعاد لرئيس الأقليم ، فأن إنتخابه من قبل البرلمان لا يعني شيئاً ! . فكما فّصّلَ الإتحاد الوطني في 2013 قميصاً مُناسباً على مرام الحزب الديمقراطي ، فأن حركة التغيير تقوم اليوم بحياكة قفازٍ جميل لِكَف الديمقراطي " رُبما هو نفس الكّف الذي صفعهُم في 12/10/2015 " ! .
* بعد القراءة الثانية التي جرتْ اليوم ، فأن تفعيل رئاسة الأقليم باتتْ وشيكة للسيد نيجيرفان البارزاني وبصلاحيات واسعة ، الذي سيكلف فورا السيد مسرور البارزاني بتشكيل الحكومة الجديدة ، التي سيشارك فيها الإتحاد الوطني وحركة التغيير وربما أطراف أخرى من الأقليات .
* الديمقراطي " أقنَعَ " التغيير ، وإلى حدٍ ما الإتحاد الوطني مُؤخَراً ، بأن مشروع مسودة الدستور التي من المُزمَع تفعيلها في هذه الدورة ، هي التي ستحدد كيفية إنتخاب رئيس الأقليم وبيان او تحديد صلاحياته ، بعد هذه الولاية . المُفارَقة : ليسَ هنالك سقفٌ زمني لإكمال وإقرار الدستور ، فهي مسألة عائمة وضبابية ، رغم أهميتها القصوى .
* أثبتَ أعضاء البرلمان من الإتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية والحركة الإسلامية وكذلك حركة الجيل الجديد ، أنهم نواة مُعارَضة واعِدة ... حيثُ أبدوا إعتراضهم على مشروع القانون ، وطالبوا بوضوح أن تكون صلاحيات رئيس الأقليم تشريفية ويخضع إلى المُسائلة وحتى العزل من قِبَل البرلمان . وتساءلَ رئيس كتلة الإتحاد الإسلامي ، بمرارة : في آخر ميزانية اُقرَت في البرلمان سنة 2014 ، كانت تخصيصات رئاسة الأقليم بملحقاتها ، تبلغ مليار دولار في السنة ، فهل من المعقول والمُنصِف ان تبقى هذه المؤسسة بدون أية رقابة ولا مُحاسَبة ؟! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا