الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارثة غرق عبارّة الموصل والفساد الحكومي (الحلقة الثانية والأخيرة )

صبحي مبارك مال الله

2019 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تناولنا في الحلقة الأولى أسباب غرق العبارًة والإستهانة بأمن وسلامة المواطن، لقد كانت كارثة وفجيعة أدت بحياة أكثر من مئة مواطن بين أطفال ونساء ورجال وفقدان وإصابة العديد من كان فيها حيث تحول عيد الربيع والنوروز إلى يوم حزن شديد وفجيعة ، نُكست فيه الأعلام العراقية . نعم كانت صدمة مروًّعة. وبسبب غياب المراقبة وإهمال الدوائر المختصة فأن الحكومة المحلية والإتحادية والعاملين في جزيرة الموصل السياحية ، يتحملون جميعاً سبب ونتائج هذه الكارثة ، التي فتحت الأبواب على مصراعيها لكشف الحجم الكبير للفساد وتغلغله في كل مؤسسات ودوائر الدولة . و سوف نرى كلما يستمر التباطئ والتلكأ في مكافحة الفساد ،سوف تزداد الكوارث والفجائع حيث ستكون بحجم كبير من الدمار.
وذكر البرنامج الحكومي الذي قدمه رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي وضمن الفقرة (1) التي أشرنا لها في الحلقة الأولى فيما يخص الفساد حيث تطرق إلى الإجراء أوالنشاط :- من خلال
1-معالجة الفجوة بين التشريعات النافذة وأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والإتفاقيات الأخرى ذات الصلة وإجراء التعديلات على التشريعات النافذة . وإقتراح القوانين بما ينسجم مع سعي الهيأة في مكافحة الفساد أو الوقاية .
2- إكمال قاعدة البيانات الخاصة بإعداد وأسماء المشمولين والموظفين في السلطات الثلاث (التشريعية ، التنفيذية ، القضائية ) وقد وضع البرنامج سقف زمني للتنفيذ الفقرة 1 من 25/10/2018 -25/10/2021 ، الفقرة 2 من 25/10/2018- 25/10/2019 أي تنفيذ الفقرتين بين 2018-2019 (الفقرة 2) في حين تنفيذ الفقرة (1) من 2018- 2022
وجاء في الفقرة (5):- العمل على إعادة تعريف دور مكانة ومهام المفتش وهيئات الوقاية والنزاهة والمدعي العام بما يضمن عدم التقاطع وما يضمن فاعلية الإجراءات وعدالتها .بحيث لاتقتصر على ملاحظة الحيدومخالفة التعليمات والشروط الصحيحة أو الفساد في تعطيل المشاريع وتأخرها وفرض المعوقات والتحجج بأمور لا أساس لها تضعفها مما يلغي تحققه من نفع عام للشعب والإستخدام العام والعمالة وغيرها .
1-تأسيس المجلس الأعلى لمكافحة الفساد بهدف توحيد العمل الرقابي .
(الجهة المعنية مكتب رئيس الوزراء)
2- رصد المشاريع المتلكئة في المحافظات ومحاسبة المقصرين بإعتبارالتعمد في تعطيل إنجازها من ممارسات الفساد ..(الجهة المعنية هيئة النزاهة )
الفقرات أعلاه تنطلق بأن كل شيئ يسير على مايرام وهناك رؤى بأن جميع العاملين على عمليات الرصد والتقييم ومحاسبة الفاسدين هم بعيدين عن شبهة الفساد وعن المحاصصة والطائفية وتأثير الأحزاب السياسية المتنفذة ، هاهي الأيام تمضي وحسابات مكافحة الفساد تبتعد عن ما خُطط لها حسب البرنامج . هل إن تأسيس المجلس الأعلى لمكافحة الفساد ومن خلال السلطة التنفيذية سينجح في أن يخطو خطوة واحدة نحو القضاء على الفساد؟ والأجواء في دوائر الدولة والوزارات والمديريات بأجمعها ملغمة بشبكة الفساد؟ فالمجلس الأعلى لمكافحة الفساد نراه حلقة زائدة ضمن الملاكات في حين هيئة النزاهة لوتمت حمايتها وإطلاق يدها تكفي للمعالجة بعيداً عن تأثيرات السلطة التنفيذية بعد تنقيتها . إن السيد رئيس الوزراء يتمنى ذلك ولكنه لايستطيع مقارنة الإجراءات بحجم كارثة الفساد ونهب مئات المليارات التي تحتاج إلى حملة وطنية وإعلام قوي وغير متحيز وقضاء عادل والوقوف بجانب موظفي النزاهة ذوي السمعة والإخلاص للشعب والوطن، هناك ملفات فساد مكتملة التحقيق ولابدّ من الحكم فيها وحسب ماصرّح به رئيس مجلس الوزراء هناك ثلاثة عشر ألف ملف فساد ، ومعظم المتهمين غير موجودين أي هاربين خارج الوطن ، والبعض القليل منهم حكم عليهم ولكنهم غادروا السجون حسب قانون الإعفاء . والنتيجة ماكنة الفساد تعمل وتنتج فاسدين ينهبون في كل يوم كل ثروات الشعب فضلاً عن تخريب ماتبقى من منشآت ومشاريع . فرئيس الوزراء لايستطيع لوحده أن ينقذ البلاد من هذا البلاء طالما إن الأحزاب الفاسدة المتنفذة مستمرة في الحكم . والسؤال ماهي آخر أخبار التحقيقات في كارثة عبارّة الموصل ؟ نتيجة للضغط الشعبي أعلن القضاء العراقي عن توقيف مالكي العبارة مع ثلاثة مهندسين في أربيل والذين منحوا موافقات بتشغيل العبارّة التي تسبب غرقها في إستشهاد 103 شخص أطفال ونساء ورجال ولازال العشرات في عداد المفقودين يقارب عددهم 63 من الضحايا. ّصًّوت مجلس النواب العراقي بالإجماع على إقالة محافظ نينوى نوفل العاكوب ونائبيه عبد القادر سنجاري وحسن العلاف على أثر غرق عبارّة في الموصل الخميس 21/03/2019 ، وتضمن قرار مجلس النواب إكمال التحقيقات بخصوص العبارّة ومحاسة المقصرّين وإعتبار ضحايا الحادث شهداء وتعويض ذويهم مع ضمان حق هولاء اللجوء إلى القضاء.إن هذه الكارثة سلطت الأضواء على حجم الفساد في عيًّنة واحدة وفي محافظة واحدة ، حيث كشف عضو مجلس محافظة نينوى غانم حميد عن بدء التحقيق في نسخ من جميع مشاريع وملفات ديوان المحافظة من قبل القضاء العراقي وهيئة النزاهة ، وأضاف عضو مجلس المحافظة (بأنه توجد ملفات كثيرة وتُهم كثيرة لكننا لا نعرف بالضبط أين مكامن الخلل والفساد ...)ولفتت استئناف محكمة نينوى إلى نوع الجريمة والمادة القانونية هي ( 340 من قانون العقوبات العراقي ) والتي تنص على معاقبة بالسجن مدة لاتزيد عن 7 سنوات أو بالحبس لكل موظف أو مكلف بخدمة عامة أحدث ضرراً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأشخاص المعهودة بها إليه .
ونتيجة لهذه الفاجعة ، شهدت الموصل تظاهرات غاضبة للمدنيين وذوي الضحايا ، ضد الحكومة المحلية متهمين أياها بالتقصير. ولم تكن فاجعة أبناء الموصل بهذا المصاب الجلل لوحدها وإنما شارك بهذا الحزن كل أبناء الشعب العراقي سواء في داخل الوطن أو في خارجه معبرين عن ذلك بالإحتجاج والغضب وتحميل الحكومة الإتحادية والمحلية في الموصل والعاملين والمنفذين ومالكي العبارّة والجزيرة السياحية المستثمرين من القطاع الخاص كل المسؤولية والمطالبة بتقديم الجميع إلى التحقيق و القضاء العادل بدءاً من المحافظ ونائبيه والموظفين.
كما شاركت منظمات المجتمع المدني سواء في الخارج أو في الدخل بالوقفات التضامنية مع ذوي أُسر الضحايا ، مطالبين بدعمهم وتعويضهم وإحتساب ضحايا كارثة العبارّة شهداء. وبعد إقالة المحافظ نوفل العاكوب ونائبيه ، سارع البعض من الفاسدين إلى شراء المنصب بقيمة مئتين وخمسين مليون دولار ، والبعض الآخر ذهب إلى التشويش على التحقيق ومحاولة عرقلته أي الدوافع ستكون سياسية وتسيس القضية . كارثة وفجيعة الموصل بسبب غرق العبارّة ، لابدّ أن يكون حافزاً للسلطات الثلاث نحو البدأ بالحملة الوطنية للقضاء على الفساد ، وكشف المجرمين الفاسدين وتنظيف دوائر الدولة منهم مع تشريع قوانين خاصة مع عقوبات صارمة ضد المجرمين . وتشديد الضوابط والتعليمات على المستثمرين وعدم فسح المجال للمتهمين أو المحكومين بتهم الفساد للعمل في أي قطاع إقتصادي حيوي وكشف العلاقات ذات المنافع والمصالح المتبادلة بين الموظف والمستثمر مع المراقبة والتحقق من العقود والمقاولات والبدأ بكبار موظفي الدولة. إن ما يجري في العراق كارثة حقيقية مستمرة ، مخطط لها عبر دوائر داخلية وخارجية . إن القضاء على الفساد وشبكاته المافيوية هو واجب ومسؤولية الجميع.الحكومة العراقية يجب أن تواجه حجم المشكلة (الفساد) بشجاعة وإن تبرر ثقة الشعب بها وسوف تجد الجماهير تلتف حولها وتؤيدها . أما أذا حصل العكس وهو تنمية وتمرير الفساد فالشعب العراقي لايرحم من يخونه ويخطط لتحويله إلى أنقاض وركام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لك
المستنير الحازمي ( 2019 / 4 / 6 - 22:57 )
أتمني أن تكون استمتعت بقراءة هذا المقال فتحية للكاتب والكاتبة وتحية للقراء جمعيا وزوار موقع
الحوار المتمدن
الموقع الرائد ..
فضلا قم بزيارة هذا الموقع
www.marsdcom.net

شهداء حرية الرأي والتعبير في الإسلام
وألقي التحية لشهداءنا الأبرار والأحرار
من ضحوا من أجل الأنوار وأجل الكلمة والحرية والمستقبل و الأجيال

اخر الافلام

.. باريس سان جرمان يأمل بتخطي دورتموند ومبابي يحلم بـ-وداع- مثا


.. غزة.. حركة حماس توافق على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار




.. لوموند: -الأصوات المتضامنة مع غزة مكممة في مصر- • فرانس 24 /


.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء -فوري- لأحياء شرق رفح.. ما ر




.. فرنسا - الصين: ما الذي تنتظره باريس من شي جينبينغ؟