الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:111476 العبثية ، والدين والواقع.

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2019 / 4 / 7
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


العبثية لاتعني العدم، بقدر ماتعني أن نوّلد بجهودنا وتفكيرنا ،وجوداً يُغاير الحالة التي سبقته .ولا أرى جدوى من التنكر لوجودي ضمن سياقات العملية الوراثية، التي تحمل في جانبيها الأصل الوراثي، ومحمولاته وخبرات أسلافي ،كما لايمكن لي أن أنكر أنّ هناك كائنا أوجدني. أما ما أتصرف به في جميع الاتجاهات ومستلزمات كينونتي واستمراري .فهذا ليس إلا حصيلة تكثيفٍ للخبرات التي سبقتني. سواء أكانت . في الجانب البيولوجي أو الفكري. أو حتى في المعرفة بشكلها العام.
إنّ موافقتي ذات يوم لما كان يؤمن ويعتقد به جان بول سارتر. في سبعينيات القرن العشرين الماضي وما لقحته من أفكار لألبير كامو حول عبثيته. وتلك النفحات الوجودية التي حملتها في جعبة تفكيري من كولن ويلسون وخاصة حين قرأت (ضياع في سوهو).
واليوم .وبعد مضي أكثر من خمس وأربعين سنة مرت أجد .أنني بحاجة إلى تجديد في الهوية الوجودية التي أحملها وأعيش فصولها غالباً، مع ثقتي بأن ما أفكر به يدور حول الوجودية المسيحية التي أحاول أن أوجد لها تبريراً في الوجود .ذلك الوجود المضطرب الذي نعيشه اليوم وليس الوجود المتخيل.إن بين الماضي والحاضر والمستقبل يُصبح الربط بينهم من أشد العقد وأعسرها لو نحن فكرنا بعقولنا، ولكن على مايبدو أننا دوما نميل إلى سلب ذواتنا القدرة على الحيادية مابين الدين والواقع،إنني لا أستطيع أن أتجرد عن محمولاتي الدينية لأمرين على مايبدو أحسب لهما حساباً.
الأول: حكم المجتمع السريع عليَّ. بأن يتهمني بالكفر الذي أعتبره نوعاً من التفكير ربما يفوق العادي والمتبع لكونه يحمل المغايرة في وجوده وجوهره.
والثاني: الأشياء الجديدة والغريبة تخلق حالة من الاهتزاز والهلع في كينونتنا لهذا نحن متواطئون مع الجمود والتخلف والسديمية المستغرقة في وجداننا لدرجة لانحب المغامرة في شكلها لا السارتري ولا حتى مع الجزء الذي يُلامسه هيدجر أحيانا أخرى.
ما يهمني هو أن قراءة صفحة الذات. بين الحين والآخر. يُشكل عالماً أكثر موضوعية من تلك الحالة التي أثق بما أطلقتُ عليها من ألقاب وصفات . وأعني بها تلك الكلمات والمعاني التي نوجزها بقولنا( على الله، توكل على الله، ما يريده الله سيكون، وحتى مفهوم القدرية المطلقة في بعض الديانات الإبراهيمية).إن التجدد لايكون في سياقات النمو الطبيعي بل أعتقد مالم نجمع غلالنا إلى بيادر نقوم بدرسها وتذريتها بين الحين والآخر. لانتجدد. بل أستطيع أن أصف الحالة التناسقية التي يمر بها الإنسان في جانبيه البيولوجي والمعرفي ليس إلا كما الساقية دائمة الجريان لكن تظهر على ضفتيها الأشنيات والأوساخ وعلينا أن نقوم بتنظيفها.
الأفكار الفلسفية ليست ولادة التجربة وحسب .بل هي حالة تراكمية تخضع أحيانا للعديد من المداخلات التي لامعنى لها.
إنّ قمة الخوف من المصير المجهول هذا التنين المتوحش الذي يجعلنا دوما جبناء وغير قادرين على أن نُفلت كينونتنا من عقال سجونها الأبدية.
إنّ من يشدني إلى سديم الماضي ليس أنا. بل نحن المغروسة في الأنا.تلك العلاقة التراكمية والواجب الخضوع لها تجعلنا غير قادرين على التحرر.
لهذا أنا لستُ حُراً ولا أنتَ أيُّها الآخر .لأنّ الحرية التي نزعم أننا نركض خلفها ونسعى لتحقيقها غير موجودة إلا من خلال الألفاظ . إنما الحقيقة لاتوجد حرية بالمعنى الذي أنت تقصده.
الحرية مفهوم مركب من آليتين الأولى تعني بالجانب المتخيل والمغاير والثانية تعني النتيجة لفعل نقوم به .ولكن كليهما لايوجد في حقيبة التحصيل الواقعي لمعناها العام.فلا حرية بدون أن ترتبط بمجموعة أنساق وآليات تُكبلها ،ليس بحكم الوجود بل بحكم القرابة المكانية والزمانية لعلاقة البيولوجيا بالفكر والواقع وما يدور مابين هذا وذاك.
إن الحديث في هذا الجانب ليس من السهولة أن نوجزه بهذا الشكل بل لابد من الاعتراف بأن بناء منظومة فكرية مستقلة عن ما سبقها يُشكل مشروعاً يتطلب إلى وعي يتقدم على أقرانه في حالته وهيئته ونتائجه.ولستُ هنا حتى أساير الوجودية الإيمانية .وإنما لا بد من القول أنها تُشكل حالة استجابة لدهشة وغرابة الأسئلة التي عاشها ،ويعيشها الإنسان حول المصير والمعنى العام والخاص للحياة.إن الوجودية الإيمانية تكاد تكون الأعم في مسارات الفكر الوجودي وكل ما يشذ عن هذه القاعدة يُعتبر مدرسة مخالفة ونكرة في نظر بعضنا.
من هنا لابد أن نؤجل أحكامنا السريعة .وننتظر نتائج دراسة مجموعة الحيثيات الموجودة في ملف فكرنا حول جميع الأفكار التي تشكلت منها المشكلة.
سارتر سيبقى مع هيدجر وكامو، وسيبقى الإله العظيم يُطل علينا ،ونشعر برعايته ونبقى نتغنّى بتلك السهوب المليئة بالخضرة من رحاب الحرية المطلقة. ولكن كلّ مايلزمني هو أن أُجيد لغة أدواتي ومعرفة ذاتي وتجربتي وخبرتي وطول أناتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال