الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤامرات النظام المصري لتدمير المجالس القومية المتخصصة

عماد فواز

2006 / 4 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


صرح الرئيس جمال عبد الناصر خلال خطابه للأمة في 30 مارس 1958 بأنه يفكر في انشاء المجالس القومية المتخصصة في كافة العلوم الاقتصادية والاجتماعية على غرار المجالس الموجودة في فرنسا وإيطاليا ودول أوربا الشرقية .. ولم يكن في ذهنه أن تكون هذه المجالس كرسياً يمنح كمكافأة للمسئولين – من أهل الثقة – بعد خروجهم من السلطة حتى وإن كانوا مؤهلين له .. كان الهدف الأساسي من إنشاء هذه المجالس هو المواجهة العملية والعلمية لمشاكل المجتمع في كافة المجالات ووضع الرؤى والحلول الداعمة للرؤية السياسية وصياغة أساليب تحقيقها .. وفي عام 1971 صدر القرار الجمهوري بإنشاء المجالس القومية المتخصصة وتم تشكيلها عام 1974 لتتحول في عهد الرئيس محمد أنور السادات إلى أجهزة استشارية للسلطة التنفيذية والتشريعية .. توضع مشروعتها بيد يدي رئيس الجمهورية باعتبارها جهازاً تابعاً له ومعاوناً في رسم السياسات العامة طويلة المدى .. ومعالجة المشكلات الملحة والعاجلة .. ولم تعير الدولة أي اهتمام – منذ انشاء المجالس حتى اليوم – بأبحاث ودراسات أعضاء المجالس من صفوة رجال الفكر والتربية وكبار العلماء والباحثين ممن هم على مستوى عال من العلم والخبرة .. وتتكون المجالس القومية المتخصصة من أربعة مجالس هي المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا والمجلس القومي للإنتاج والشؤن الاقتصادية والمجلس القومي للثقافة والفنون والأداب والإعلام والمجلس القومي للخدمات والتنمية الاجتماعية .. وهذه المجالس تولى الإشراف عليها منذ تأسيسها وحتى اليوم مسئولين سابقين بالحكومة وكانت البداية دكتور عبد القادر حاتم إلى أن خلفه الدكتور عاطف صدقي رئيس مجلس الوزراء الأسبق خلال فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وبقى في منصبه حتى وفاته .. وكان ذلك من باب التكريم .. وبعد وفاته بقى الكرسي شاغراً لعدة شهور حتى صدر قرار جمهوري بإختيار كمال الشاذلي للإشراف على المجالس المتخصصة .. مما أثار أشياء الكثير من المتخصصون ورموز العلم والفكر والسياسة .. فهم يرون أن الشاذلي لا يصلح نهائياً لهذه المهمة .. وكان الأجدر بتوليها أحد العلماء البارزين بدلاً من تحويل المجالس إلى مجرد – جراجاً للركن – المسئولين .
يرى الدكتور محمد رؤوف حامد "المفكر القومي وأستاذ علم الأدوية بهيئة الرقابة والبحوث الدوائية" أن تعيين كمال الشاذلي مشرفاً على المجالس القومية خير دليل على عدم أهميتها من النظام .. فالشاذلي رجل اجراءات وليس رجل فكر وعلم ولا يستطيع الإلمام بكافة البحوث والتقارير التي تعدها المجالس وتوجيهها إلى المسار الصحيح لتحسين وتنمية جودة الإنتاج من خلال المجالس الأربعة .. فهي مجمع للمفكرين والعلماء يبدون من خلاله آرائهم ويبذلون من علمهم وخبراتهم لصالح الدولة .. فكيف يتولى مهام المجالس رجل تجاوز السبعين .. في الوقت الذي يتطلب من المنصب رجلاً في أوج عطائه الفكري والعقلي للقيام بجولات هنا وهناك للوقوف على حقيقة الأوضاع وضمان إعداد التقارير المناسبة والتوصيات المؤدية إلى حلول عاجلة وغير مكلفة وكذلك فإن أبحاث المجالي القومية المتخصصة في غالبيتها تطويرية وليست تغيرية .. فهم يجمعون أبحاث ودراسات لكبار العلماء والمفكرين المصريين والأجانب ويدخلون عليها بعض التعديلات والتي هي في الغالب تعديلات في الصياغة وتنسب في النهاية للمجالس القومية المتخصصة .
ويؤكد الدكتور حسن بكر :أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط" : عدم الجدوى من دور المجالس .. فهي تقدم أبحاث في غاية الأهمية والدقة ويتجاهلها النظام وحكومته .. فالمجالس تتبع مباشرة رئاسة الجمهورية .. إذ أن معظم الدراسات المنتجة في المجالس يتم التصديق عليها دون بحث المضمون .. وهذا يؤكد أن مصر ومعظمهم المجتمعات النامية لا تفكر في "الكيف" الذي ينتجه العلماء ولا تسعى أبداً لتفعيل الكم الهائل من الأبحاث والدراسات الفكرية والعلمية في خدمة الوطن .. بدليل أن ميزانية التعليم والبحث العلمي في مصر لا تتعدى 0.9% وهو رقم قليل جداً مقارنة بدول في نفس حجم مصر أو بميزانية وزارة الداخلية .. ؟
ويضيف بكر .. أنا أسف لما آلت إليه الظروف في المجالس وأننا نظن أن تتحول هذه الثروة العلمية إلى مجرد مركز للوجاهة الاجتماعية يتم حجزه لكبار المسئولين .
ويقول الدكتور / سمير نوح "أستاذ الفيزياء النووية بكلية العلوم جامعة عين شمس" : أتصور أن مؤسسة الرئاسة لو قامت بالأخذ بتوصيات المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا في تطوير الأداء بالجامعات والاهتمام بالعلماء والأساتذة لما كان وضع البلاد سيئاً كما هو الحال .. فدور العلماء لا يقتصر على الجانب العلمي والأكاديمي حسب وإنما هناك رؤى وحلول لتطوير الصناعة والأمر كله لا يكلف شيئاً وإنما يحتاج إلى رغبة القيادة السياسية وتوجه عام لدى المسئولين بأهمية الأخذ في الاعتبار بالدراسات والأبحاث وتفعيل توصياتها ..
ويشير البدلاي فرغلي "عضو مجلس الشعب السابق عن حزب التجمع" : نظام الحكم في مصرهو نظام الرأي الواحد .. فالعلماء لا يؤخذ برأيهم أو نصائحهم وتسائل فرغلي : كيف يكون لدى مصر ثروة من العلماء تزيد عن ربع مليون عالم يحملون درجة الدكتوراه ولا يتم اختبار أحدهم لتولي مهمة الإشراف على المجالس القومية بدلاً من فرد غير ملم بالعلم وغير حاصل على دراسات أكاديمية .. لذا نطالب متخذي القرار بضرورة الأخذ بنصائح وتوصيات أعضاء المجالس وسرعة تنفيذها حتى تتحسن الأوضاع إلى الأفضل .. وهو الشيء الذي تم مناقشته في إحدى دراسات المجالس القومية منذ فترة لضمان عدم هجرة العلماء للخارج للاستفادة بعلومهم في نهضة مصر .. لذا نرجوا مناقشة الأمر بجدية لأن نهضة الشعوب وتقدمها لا تحدث إلا بالعلم والعلماء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل