الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزائر من شرعية السلاح إلى الشرعية الديموقراطية أو إلى إشاعة السيادة

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2019 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


شعارنا : حرية – مساواة – أخوة


قبل 3 مارس موعد تقديم ترشيحات إنتخابات الرئاسة الجزائرية قلنا في مقال سابق عن الجزائر بعنوان "ما جدوى إنتخابات الرئاسة في الجزائر و لو دون رفض الشعب؟" بما ان ما يحصل هناك سيؤثر حتما على المغرب ، أن الحل يكمن في تنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فورا (فورا تعني فورا) و الدعوة لحوار وطني تشارك فيه كل القوى السياسية قبل أن يرتفع سقف مطالب الشعب إلى إسقاط النظام ..

و بما أن الدوائر الضيقة للسلطة لم تنصت لهذه الآلية التي في الواقع كان يجب أن تحدث منذ مدة طويلة ما يقارب ست سنوات بعد صمت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الناجم عن وعكته الصحية بتفعيل الدستور و حلول رئيس مجلس الأمة كرئيس مؤقت لتدبير شؤون البلاد لمدة 45 يوما ثم ل 90 يوما بعد إثبات شغور منصب الرئيس بإثبات عجز الرئيس طبيا والدعوة لإنتخابات رئاسية سابقة لأوانها (الفصل 102 من الدستور الجزائري.أنظر الرابط اسفل المقال) و فضلت أن تدوس على الدستور إن لم نقل أن تمزق الدستور ثم تلعب لعبة "النعامة"، فقد حدث ما نبهنا إليه ..و هو أن الشعب صار يصيح في كل شوارع الجزائر البلد بشعار إسقاط النظام ككل ..


الفصل 88 من دستور 2016 ، حسب ما اطلعت عليه ، لا يسمح بتكرار فترة الرئاسة التي هي من خمس سنوات إلا لمرة واحدة، و الرجل يحكم الجزائر منذ 20 سنة أي لأربع فترات رئاسية متتالية .لا ندري كيف حدث هذا ...

واليوم يقال يجب الاحتكام للدستور بعدما وصلت الجزائر لهذه الحالة من الاحتقان وخروج الشعب للشارع رافضا النظام كله..

..أليس هذا غريبا في حد ذاته و يعبر عن تخبط أصحاب القرار و فقدان بوصلة إدارة البلاد ؟؟ ...

يبدو أن هؤلاء (أصحاب القرار في الجزائر) الذين يفهمون المادة 7 من الدستور التي تنص على أن الشعب هو مصدر السلطات و رغم ذلك قرروا أن يرشحوا الرئيس المريض رغم رفض الشعب و خروج الملايين لتعبر عن هذا الرفض و رغم خرق قانون تقديم الترشيح لإنتخابات الرئاسة بإسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يلزم بحضور المترشح شخصيا عند تقديم ترشيحه للجنة الانتخابات حيث قيل أن الرئيس يوجد في دولة سويسرا من اجل فحوصات روتينية لتبرير غياب الرئيس أثناء تقديم ترشيحه ، يبدو هذا كله كاللعب بالنار و تحد للشعب ...

هؤلاء هم من حملوا السلاح ضد فرنسا قبل 1962 و بقوا يرددون أن لهم الفضل في تحرير الجزائر و استفادوا من هذا الوضع ماديا و مجتمعيا في مناصب الدولة الحساسة منذ 60 سنة في اقصاء تام للأجيال الذين ولدوا بعد ذلك التاريخ وكأن هؤلاء ليسوا جزائريين ...

شرعية حمل السلاح هذه التي تفرق بين الجزائريين و تنتقي المواطنين حسب قربهم أو بعدهم ممن حملوا السلاح ضد فرنسا و التي لم يتم تجديدها عبر الزمن و صارت متجاوزة اليوم هي المسؤولة عن ما اوصل الجزائر لما آلت إليه الاوضاع هذه الايام . .

و لذلك يبدو من الأحداث الاخيرة في الجزائر أن هذه الشرعية (الشرعية الثورية ) ضد المستعمر الفرنسي قد وصلت لمنتهاها و لم تعد قادرة على إدارة البلاد بعقلية فترة الستينات و الخمسينات. .

و إذن فهدف هذه الثورة الثانية السلمية هو تعويضها بشرعية اخرى هي ما عبر عنه افراد الشعب في مظاهراتهم السلمية دون اقصاء احد و هي شرعية الحرية و المساواة والديموقراطية التي يجب ان تبنى على المواطنة و سيادة الشعب الفعلية و ليس الورقية كمصدر لكل السلطات ..


من مصلحة الجزائر اليوم ان ترمي الماضي وراءها بكل أحزانه و مآسيه و تتجه نحو المستقبل بنفس جديد و قوة خلاقة تنبثق من صوت الشعب الهادر في شوارع كل الولايات الجزائرية بنبرة واحدة يريد التغيير و الحرية ...

و بما أن شرعية السلاح قد فشلت في تدبير أمور الجزائريين اليوم ،لأنها تقادمت بعد ميلاد أجيال جديدة لم تشهد فترة الخمسينات و الستينات من القرن الماضي حيث لم تكن آنذاك ثورة الإتصالات و المشاكل الواقعة اليوم ، فالمنطق السياسي السليم هو تسليم المشعل للأجيال الجديدة من الجزائريين التواقين للديموقراطية و حقوق الانسان الكونية من اجل جزائر جديدة ترفع شعار إشاعة الحريات وإشاعة السيادة بين المواطنين عوض الحديث المتكرر منذ ستين عاما عن فرنسا و عن السلاح ...


وأقرب نموذج للجزائريين الذي يوجد قرب حدودهم هو النموذج التونسي عوض الذهاب بخيالهم نحو تلك الدول التي صارت خرابا كسوريا او ليبيا..

و مثل تونس و لتأسيس الجمهورية الثانية كدولة مدنية تحترم المساواة والحريات و الكرامة الإنسانية ، فيجب:


1- أن يبقى الجيش على الحياد السياسي و يدعم اختيارات الشعب و يبقى تحت القيادة السياسية المنتخبة بانتخابات حرة و نزيهة منبثقة عن ارادة الشعب..

2- أن يتم تعويض الرئيس المعفى برئيس جديد من المعارضة .

3- أن يتم تأسيس حكومة أزمة و مجلس تأسيسي يسهر على بلورة دستور جديد للبلاد المتحولة لدولة مدنية فيها فصل للسلط و يحكمها الدستور و توجد السلطة فيها في عدة مراكز مختلفة و كثيرة تراقب سير الدولة بطريقة ديموقراطية يسودها القانون و حقوق الانسان ..


4- أن يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ما لم تكن الافعال المنسوبة اليهم هي يجرمها القانون كالاغتداء على الممتلكات او التخريب الخ...

5- أن ينصت الإسلاميون الجزائريون لكي يفهموا جيدا أكثر مما يتكلموا و يتخذوا العبرة من حركة النهضة التونسية التي فصلت بين الدعوي والسياسي كتأسيس لمجتمع الإختلاف و التنوع الذي يسع و يجد نفسه فيه الجميع تحت سيادة القانون و سيادة الشعب الكاملة و لا يحاولوا مصادرة آراء مخالفيهم و أن يؤمنوا بالحقيقة النسبية و ليس بالمطلق في عالم السياسة المتغير حسب المصالح و الازمان..

6- أن يكون للكلام في الحوار بين المختلفين سياسيا معنى و منطقا يعطيانه سلطة عوض سلطة اللجوء للسلاح لتدبير الاختلافات السياسية ..إذ المفروض أن الجميع يعمل من أجل مصلحة الجزائر لكن يختلفون فقط في التفاصيل و الآليات .
نتمنى ان تخرج الجزائر من ازمتها منتصرة و ان يتم التغيير في صالح كل الجزائريين بصيغة رابح رابح للكل و داخل الاستقرار والامن. و يرتاح الجميع بعد هذه الزوبعة التي كانت تحصيل حاصل لما سبقها من استمرار طويل على الحديث حول شرعية السلاح و نسيان الشرعية الديموقراطية منذ ستين سنة تقريبا كما قلنا في بداية هذا المقال و أن لا تؤثر الأحداث هناك على المغرب إلا بتأثير ايجابي ..

آمين ..

رابط دستور 2016 من موقع الأمانة العامة للحكومة :
https://www.joradp.dz/hfr/consti.htm








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص