الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة: قمةُ التواضعِ المطلوبِ..

بنعيسى احسينات

2019 / 4 / 11
الادب والفن


قمةُ التواضعِ المطلوبِ..

بنعيسى احسينات – المغرب


لله رب السماوات والأرض،
ورب الذكر الحكيم..
أسماء حسنى،
ندعوه بها في القرآن الكريم..
لجلب السراء، وإبعاد الضراء..
وتحقيق السلام، وبسط الرخاء..
نَذْكُرُه بآياته في صلواتنا وصيامنا..
ونَتَقَربُ إليه بها في زكاتنا وحجنا..
ونستعين بها في عبادتنا وأفعالنا،
ونهتدي بها في كل أعمالنا..
يَسْتَعْمِلُ ضمير "أنت" للإشارة إلى الله ربنا..
وإلى جميع البشر على حد سواء..
لا فرق بينه وسائر خلقه من الرسل والأنبياء..
وسائر باق الخلق في الوجود إلى يوم اللقاء..
فالله وأنبياؤه ورسله،
أكثر تواضعا من الحكام والفقهاء..
ومن أنانية البشر،
واحتقار الأغنياء للضعفاء والفقراء..
ففي القرآن الكريم، قمة التواضع المطلوب:
يخاطب الله: ".. إنك أنت علام الغيوب1"..
".. إنك أنت العليم الحكيم2"..
".. إنك أنت السميع العليم3"..
ودعوةُ الأنبياء والرسل من الرحمن الرحيم...
بأسمائهم الخاصة، دون إجلال وتعظيم..
من نوح إلى إبراهيم،
وباقي الأنبياء والرسل الكرام..
إلى موسى وعيسى،
برسالتيْهما؛ الإنجيل والتوراة..
إلى محمد؛ خاتم الرسل والأنبياء،
وخاتم كل الرسالات..
بالقرآن؛ كتاب الله لا ريب فيه،
هدى لكل المخلوقات.
هذه علاقة عمودية،
بين من هو بالفوق ومن هو بالتحت..
بين الخالق وكل عباده المطيعين منهم والعصاة.
والعلاقة الأفقية،
بين سائر البشر في الحياة العامة..
تمجد ذوي العلم والمال،
وذوي الجاه والسلطة..
كرجال الدين؛ من الأئمة،
من المشايخ والفقهاء..
ورجال السلطة والسلاطين والأمراء..
لا يمكن أن نَدْعوهم بأسمائهم بلا التبجيل..
أو نشير إليهم ب"أنتَ" بالمفرد بلا إجلال..
هذا انتقاص للاستخفاف منهم أمام الوجهاء..
علينا استعمال: "سيدي ومولاي" مع الثناء..
أو "أصحاب السمو والمعالي" بالوراثة..
أو "صاحب الجلالة والمهابة"..
أو "أصحاب السعادة والفخامة"..
أو "سيدتي ومولاتي وأميرتي"..
مع تقديم واجب الخضوع والطاعة..
بالانحناء وتقبيل اليد، أو الكتف، أو الهامة..
والتمسك بالأهداب والأعتاب الشريفة..
مع صفات التعظيم والتشريف والتبجيل..
لإشعار هؤلاء بالتفوق والسيادة والإجلال..
نكاد نؤله أشخاصا من الجنس البشري المتعال..
من طغاة ومستبدين، ومفسدين في كل مجال..
رغم كوننا من آدم، وآدم من طين وصلصال..
لماذا هذا التمييز بين بني البشر؟
والله خلقهم سواسية كأسنان المنشار..
لا فرق بينهم إلا بالتقوى،
والعمل الصالح المختار..
لماذا هذه العجرفة الزائدة بنبرة الاحتقار؟
لماذا هذا التنقيص والازدراء من الغيْر؟
لماذا هذه المفارقة العجيبة بلا استدلال؟
لا نجدها في الغالب الأعم،
إلا في العالم العربي الإسلامي بكل انحلال..
فنحن لا نحترم الإنسان..
لا نحترم القانون كيف ما كان..
متجبرون، متسلطون، مستبدون..
متكبرون، مفسدون، مترفون..
أنانيون، منافقون، كذابون..
لا يخافون الله، وبالإسلام يتبجحون..
هُم منه براء، بقشوره فقط، يتفاخرون..
أفرغوه من حقيقته،
وبالتعصب لرأيهم يتنطعون..
يحفظون المتون عن ضهر قلب،
أكثر بكثير مما يفهمون..
حولوا أئمة السلف إلى أصنام يُعْبدون..
و"اتخذوا هذا القرآن مهجورا4"،
فهل يا ترى يعقلون؟
الإسلام دين واحد من رب العالمين،
للعصاة والمتقين..
من نوح إلى محمد خاتم الرسل والنبيئين..
لا إسلام "سنة" أو "شيعة" من المتمذهبين..
لا إسلام "وهابية" أو "إخوان" من المتأدلجين..
لا إسلام "قاعدة" أو "داعشٍ" من التكفيريين..
بريء من الطوائف والمذاهب،
ونعرات المتطرفين..
ومن غلو الجماعات،
وتطرف حركات الأصوليين..
ومن فقه الفقهاء وكبار المفسرين،
ودهاقنة المحدثين..
بعيدا عن السياسة والاتجار فيه،
في أسواق الأفاقين..
هو دين سلام ومحبة،
وتفاهم وتسامح،
ورحمة للعالمين.
فالناس على دين فقهائهم،
والفقهاء على دين ملوكهم..
والملوك والحكام وظفوا الدين لصالحهم..
وجيشوا له، بالمال، رهطا من مشايخهم..
لتبرير سلطتهم واستعباد رعاياهم..
لاستمرار ملكهم ودوام حكمهم..
فأين نحن من تواضع العلماء؟
أين نحن من عدالة الحكام والوجهاء؟
أين نحن من إنسانية الملوك والأمراء؟
أين نحن من نقاء الدين،
وصفاء السريرة عند المسلمينَ؟
نرغب في الجنة ونترقبها،
ونحن نكتوي بنار السياسيينَ..
ومعارفنا مقيدة بالنقل والاتباع،
لا بالعقل والمنطق والعلم..
وحكامنا يتنكرون للعدل،
ويستنجدون بالجور والظلم..
وأنظمتنا لا تقبل بالحرية،
ولا تؤمن بالتعدد والاختلاف..
فالإقبال على الإقصاء والكراهية،
أهم من التفاهم والائْتِلاف..
والإسلام دين التسامح والمحبة والإخاء،
من رب العالمينَ..
دينا وسطيا يلتقي مع القيم الإنسانية،
مع احترام المخالفينَ..
اكتمل مع رسول الله محمد،
خاتم الأنبياء والمرسلينَ..
لقد أرسله الله للناس أجمعين،
رحمة للعالمينَ..
لا دين المذاهب والطوائف المتناحرة،
والأئمة المأجورينَ..
لا دين الإرهاب والعنف والكراهية،
ومصادرة وإقصاء الآخرينَ..
لنتدبر القرآن بمعارف عصرنا،
لا بمعارف رجال السلف المحنطينَ..
لنجدد الإسلام بتنقيته من شوائب،
غلاة الفقهاء والسياسيينَ..
علقت به منذ حكم الأمويين والعباسيينَ..
ومع عصور الانحطاط تفاقمت،
إلى ما بعد العثمانيينَ..
تحولت حتى يومنا هذا إلى دين،
بمؤامرة أول الأمور والمتفقهينَ..
واخْتُزِلَ الإسلامُ في الشعائر،
وهمشتِ القيمُ المشتركةُ بين العالمينَ..
تُمارَسُ غالبا بتقليد الآباء والأجداد،
دون فهم قصدها لدى الممارسينَ..
يبغون الضهور والتباهي،
أمام الملء، لا إخلاصا لله،
بتقوى المؤمنين المخلصين..
هم بخداع الصحوة الشكلية،
يتمادون في الغش والكذب،
وترويج لغة المنافقين المترفين..
فالعربي والمسلم أكثر استهلاكا،
للسحر والشعوذة في العالمين..
وأكثر كذبا وغشا ونفاقا،
من غيره في دنيا المتدينين..
وهما أكثر تمسكا شكلا بالشعائر،
دون احترام القيم وتقدير الآخرين..
لنعيد قراءة كتاب الله،
بعيدا عن تأثير الفقهاء والرواة،
وكذا صِحاح المُحَدثينَ..
فكلام الله على لسان رسوله،
يهدي إلى الصراط المستقيم بهدى المتقينَ..
وكلمات الله في الكون وآياته،
مواضيع بحث العلماء،
لخدمة الناس أجمعينَ..
"قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق5"،
دعوة من الله للعلماء والباحثينَ..
لسبر أغوار آيات الكون،
ومعرفة أسرار حكمة الله في الوجود،
لجلب المنفعة للآدميين..
فكثير من المعرفة يقربنا من الله،
ويحقق فينا إنسانيتنا،
ويقي، من النفاق، المؤمنين..
وروح الإسلام علم في كلمات الله،
والاكتفاء بكلامه دون تدبر،
يؤخرنا عن الركب، مع المتخلفينَ..
لنجعل الإسلام دينا كونيا،
ينصهر فيه العلم والدين،
مع قبول الاختلاف المبينِ..
لا دينَ محلي إقليمي،
خاص بالعرب بالشرق الأوسط،
والتابعون لهم من أصحاب الرضوان..
إنه "فِطْرَة اللَّهِ.. لَا تبديلا لِخَلْقِ اللَّهِ 6"،
في طباع بني الإنسان..
فدِقةُ الله في خلق الأكوان،
لا تختلف عن دقته في كُتُبِهِ المنزلة،
على رُسًلِه بالبيان..
وأبحاث العلماء كَشْفٌ لعلم الله،
في مُقَدراتِ الوجود للرقي بالإنسان..
فكلما اتسعت معارف الناس،
توسع قضاؤهم في الحياة بالبرهان..
فالخير سينتصر على الشر،
ما دام في الإنسان نفخة من عند الرحمان..
بالوحي، بالعلم، بالدرس، بالبحث،
بالقيم الربانية المتراكمة عبر الأزمانِ..
من آدم فنوح، إلى إبراهيم الخليلِ،
ثم عيسى فموسى، فالخاتم محمد العدنانِ..
وبنشر المعارف العلمية وقيم الإنسانية،
نغيرُ ما بأنفسنا قبل فوات الأوان..
تضيء طريقنا النفسُ اللوامةُ،
وتقينا من شرور وساوس الشيطان..
فقيمُ أهل الأرض اليوم وتشريعاتُهم،
تتقاطع مع ما جاء في تعاليم كل الأديان..
رغم الاختلافات في ممارسة الشعائر،
بين مختلف المعتقدات في كل مكان..
فالله واحدٌ أحدٌ صَمَدُ،
ودينه في الوجود، واحدٌ مُوَحدُ،
والتدين بين البشر متنوع متعددُ،
بتعدد وتنوع الثقافات واللسان..
"لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة7"،
فالرحمة في الاختلاف، من الله بالحسبان..
خَلَقَ اللهُ الناسَ مختلفين، في قبائل وشعوبٍ،
ميز بينهم بالتقوى، والعمل الصالح بالإحسان..
فنحن مدعوون، رغم أوجه اختلافاتنا،
للتعارف المفيد، من لَدُن خالقنا المنان..
فطوبى لمن سَلِمَ الناسُ من لسانه ويده،
وعَمِلَ صالحا، ملتزما بما جاء في القرآنِ..
اللهُ أكبر، لا كبير سواه في الوجود،
وحده لا شريك له، رب الكون والإنس والجانِ.
----------------------------------------------------
بنعيسى احسينات – المغرب

مقتبسات:

1- سورة المائدة، آية 109 (من القرآن الكريم)
2- سورة البقرة، آية 32 (من القرآن الكريم)
3- سورة البقرة، آية 127 (من القرآن الكريم)
4 - سورة الفرقان، آية 30 (قرآن كريم).
5 - سورة العنكبوت، آية 20 (قرآن كريم).
6 - سورة الروم، آية 30 (قرآن كريم).
7 - سورة هود، آية 118 (قرآن كريم).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف