الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار في الإلحاد بين ابن الراوندي وبين سبينوزا

صادق العلي

2019 / 4 / 12
الادب والفن


سبينوزا :
تداخلت افعال الإله والمؤمنين به فبدت اكثر تعقيداً , اهم ما انتجه هذا التداخل هو ما اطلق عليه اصطلاحاً (( الدين )) الذي بدروه انتج اديان جديدة متعددة تحت مسميات مختلفة مثل المذهب والفرقة والطائفة ... الخ , هذا طبعاً بحكم الاحتياج الانساني لما هو جديد او لعدم قدرة الدين القديم على مواكبة المستجدات.
السؤال هنا اي منهم يتحمل تبعات الاخر ؟! , بمعنى اخر لو جاز لنا تقديم احدهم للمحاكمة التاريخية من سيكون بينهم ؟.
ابن الراوندي :
قبل تقدم احدهم او جميعهم للمحاكمة دعني اقول شيئاً ... ان وجود الإله مهم للملحد اكثر منه للمؤمن !.
سبينوزا :
ماذا تقول ... كيف يكون ذلك ؟.
ابن الراوندي :
الإله بالنسبة للمؤمن قناعة قديمة راسخة لا تحتاج الى التجديد او التعديل لكنه مجرد انتظار لقطف ثمار ايمانه به سواءاً في الحياة او في ما بعد الموت .
اما بالنسبة للملحد فإن الإله قناعة تحتاج الى التجديد في كل لحظة ليثبت لنفسه وللاخر منطقية رفضه له ومنطقية رفضه للدين ايضاً !.
اضاف ابن الراوندي :
ثم الا تعتقد بأن الإله ضروري للايمان اكثر منه للاديان !, هنا الايمان بوصفه حالة فردية تصل في بعض الاحيان الى درجة الاحتياج النفسي لخلق حالة من التوازن الذاتي وهي الاقدم تاريخياً والاكثر اقناعاً في الطرح .
اما الإله في الدين يا صديقي فهو عمل جماعي يفضي بالضرورة الى طرفين :
الاول معطاء متأمل ( متدين بسيط ) والثاني جشع متربص ( رجل الدين )!.
والا كيف نُبرر ثراء رجال الدين مقابل فقر اتباعهم بل فقر قديسيهم ورسلهم ايضاً ؟!, طبعاً هذه ليست الحالة الوحيدة في موضوع الاديان الشائك ولكنها الاهم كونها تتعلق بالحالة الاقتصادية للانسان المؤمن .
سبيموزا :
اوافقك على احتياج الانسان المؤمن للإله كي يبقيه متوازناً ازاء ما يواجهه من مخاطر ليمنحه ما يستحق ( كما يعتقد ) بعد موته كونه لم يحصل على ما يستحق في حياته لذلك نجد الرب عند الاثرياء مختلف تماماً عنه عند الفقراء .
في هذه الحيثية يعتقد الملحد بأنه يحصل على مكاسب معنوية في جداله مع المؤمنين على اعتبار انه ينطلق من الواقع المعاش الذي هو معتقل الطيبين البسطاء الشرفاء .
ابن الراوندي :
لا تنسى يا صديقي ان الاديان تنادي بالفضيلة ولكنها تنتشر وتتوسع بالرذيلة !, إذ ليس هناك دين يخلو من نظرية اخلاقية انسانية راقية ولكن التاريخ يخبرنا بأن انتشار الاديان (( المسيحية والاسلام بالتحديد )) تم بالحروب وبالمجازر والاغتصابات وبالتهجير .
اين الإله مما يجري ؟.
سبينوزا :
هل تتحدث عن إله المنتصر ام إله المهزوم ؟.
ابن الراوندي :
لا اعرف ولكن كل الذي اعرفه ان الملحد من مكانه يرصد كل ما يجري كي يزداد يقيناً برفضه لفكرة الإله وليجد مساحة اوسع للتحرك ولاثبات ذلك الرفض ولا احد يتناول مآساة الفقراء وقد اصبحوا وقود الصراعات الدينية .
سبينوزا :
فكرة ان يتحمل المرء وزر من يشاركونه دينه غير صائبة لدرجة تجعله يبحث اما اعذار ومبررات لافعالهم غير الانسانية او ربما اعلان البرأة منهم ومنها .
ابن الراوندي :
ماذا لو كان اعداد من يقومون بتلك الافعال غير الانسانية المشينة اكبر بكثير من اعداد الذين يرفضونها !.
هل نستطيع ان نقول بأن هذا الدين غير انساني اة انه دين القتل ؟.
سبينوزا :
انت ماكر في طرح اسئلتك لدرجة تُشعرني بأني ضد ما تطرحه .
ابن الراوندي :
لم اقصد هذا طبعاً ولكني في حيرة من امري , تخيل ان الملحد يجد في قولك هذا مخرجاً ولا اروع على اعتبار ان اتباع الدين الواحد انقسموا على تعاليم دينهم ولكن هل يتمنى هذا الملحد ان تزداد تلك الافعال المشينة حتى وان كانت قتل الابرياء مثلاً كي يتأكد بأنه على الطريق الصحيح ؟!.
سبينوزا :
لإمازحك قليلاً ودع عنك موضوع القتل في سبيل الدين ... فكرة البحث عن المزيد من الاتباع لهذا الدين او ذاك من خلال اما الارتماء ببركة ماء عفنة او النطق بكلمات لا معنى لها تجعل اتباع الاديان في تزايد بالتأكيد ولكنهم غير معتقدين بها او موقنين بصدقها .
فضلاً عن الاثرياء وكيف يشتريون اتباعاً لدينهم كما يشترون البسطاء للانتخابات مثلاً او المرتزقة لتجنيدهم في حروبهم او في صراعاته المتجددة ؟!.
ضحك الاثنان على ازدياد اعداد الفقراء مقابل تناقص اعداد الاثراء , طبعاً هذه القاعدة لا تشمل رجال الدين كونهم اكبر من اي نقد فهم لسان الإله على الارض ونوابه والمتحدثين بأسمه العظيم .
ابن الراوندي :
قد يكون هذا الشيء مقبولاً في ما يسمى بالدين على اعتبار انهم الناس تم تجميعهم بطريقة ما ولكنه غير مقبول في الايمان كونه احتياج نفسي فردي لا يقبل اي اطار او اي شكل يمكن ان يوضع فيه .
لا تنسى الملحد يرفض الاثنان معاً لاعتقاده بأنه احدهما يمثل الاخرى او لهما ذات التأثير بتغييب العقل الانساني .
سبينوزا :
.................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: خالد النبوي نجم اس


.. كل يوم - -هنيدي وحلمي ومحمد سعد-..الفنانة دينا فؤاد نفسها تم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -نجمة العمل الأولى