الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفريق كامل الوزير قائداً للمؤسسات الصحفية!

محمد القصبي

2019 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


هل تأتي قبلة الحياة من الجيش ؟ إسناد رئاسة مجالس الإدارة في مؤسساتنا الصحفية ورئاسة التحرير إلى ضباط من قواتنا المسلحة؟!
منذ عدة أيام أرسل لي صديق مقطع فيديو لحوار أجراه الإعلامي عمرو أديب مع شاعرنا الكبير فاروق جويدة، حيث يحكي جويدة بمرار عن تجربة له مع وزارة الثقافة ..تفاصيلها عمل مسرحي كتبه بعنوان "هولاكو في العراق" ، تولى المخرج الكبير جلال الشرقاوي تجهيزه للعرض على المسرح القومي. أربع سنوات لعب فيها الشرقاوي دور القابلة ليرى العرض النور ، دون جدوى ،ثمة ما ومن يعوق انبلاج نور العمل من خشبة المسرح القومي ، انسحب الشرقاوي!
لكن شعلة الأمل لم تنطفئ داخل جويدة ؟
حيث ختم حديثه قائلاً: احنا محتاجين كامل الوزير في وزارة الثقافة!
ياإلهي ..ما أتعسني !! لماذا لا أشد اللحاف وأغمض عيني ,أغفو ..فإن استعصى النوم أتناول الريموت كنترول وأبحث عن فيلم هزلي لاسماعيل ياسين أو عبد السلام النابلسي ..
أضحك... أقهقه إلى أن يغلبني النوم !!فما ألذ النعاس لتعيس مثلي !!
ولست كارهاً لجيش بلادي ، بل على النقيض ، منذ أن أرضعتني أمي الحنون" صوت العرب" سرسوب عشقه في سنى طفولتي ، ،انطلاقاً من دوره الوطني في الحفاظ على ثوابت الدولة المصرية من كل محاولات تقويضها عبر52 قرناً، من عهود نارمر مينا، وأحمس وتحتمس والرمامسة الذين كانوا قواداً عسكريين قبل أن يكونوا ملوكاً، ، وحتى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
فلِمَ وكل هذا العشق بداخلي لجيش بلادي، يتملكني الحزن ، إلى حد الاكتئاب، حين يقول شاعرنا الكبير فاروق جويدة أن إنقاذ وزارة الثقافة قد يكون على يد عسكري مثل الفريق كامل الوزير الذي دفع به الرئيس السيسي من قيادة الهيئة الهندسية إلى قيادة وزارة النقل لتخليصها من فوضى الإهمال و التخلف الإداري وربما الفساد ؟!
أيعزى حزني هذا،إلى الشعور بأن رحم المؤسسات المدنية في الدولة المصرية تصحر، فما عاد قادراً على تفريخ قيادات مؤهلة لقيادة الجهاز الإداري للدولة بكافة تشعباته؟!
نعم ..هذا مبعث حزني ، بل اكتئابي ..
إذن- وحتى يستعيد الجهاز الإداري خصوبته- لامناص من أن نلوذ بجيشنا.. باعتباره الرحم الصحي والقويم لتفريخ قيادات مؤهلة ضميرا وانتماء وعلماً و رؤى وحزماً ..لتقود مؤسساتنا المدنية!
وبالتالي : ما المانع في الدفع ب"كامل الوزير" لقيادة مؤسساتنا الصحفية ، رئيسا ً لمجلس الإدارة ، رئيساً للتحرير ، رئيساً للهيئة الوطنية للصحافة ، رئيساً للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
فما أشرسها التحديات التي تواجه تلك المؤسسات.
...
في أواخر القرن التاسع عشرة طرق رجل الأعمال الأمريكي الشهير هنري فورد باب أحد أصدقائه الأثرياء ..قال له : لديَّ مشروع ، وأود أن تكون شريكي.
سأله الثري: أي مشروع ؟
قال فورد: مصنع للسيارات.
صاح الثري وهو يقهقه:أي سيارات تتحدث عنها عزيزي فورد ..كنت أظنك ترى مثلي أن المستقبل للحصان!
وإني أراهم -كثر في بلاط صاحبة الجلالة - مثل الثري الأمريكي..يراهنون على الحصان!
وهذا ما أرهقني منذ أكثر من عقد ..وأنا أصرخ في يأس عبر كتاباتي وفوق المنصات ..أن الصحافة الورقية على وشك الانقراض ..وأن المستقبل للصحافة الأليكترونية ، وأن المسئولين عن الصحافة المصرية ينبغي أن يسرعوا بالتعامل والتكيف مع تلك المستجدات، لكنهم ..العديد منهم.. يتجاهلون تلك الحقائق، حتى انهم ينشئون مطابع ويسعون إلى الاستثمار في مصانع للورق ، وشراء سيارات للتوزيع!
إنهم للأسف
يشيدون مزارب ومعالف .. للحصان!
حتى شاع في دواخلي الأمل من خلال وجوه عشرات الطلاب والطالبات..حين كنت ألقي محاضرة في كلية البيان للصحافة في العاصمة العمانية مسقط..منذ عدة أعوام ..كانوا يتابعون ما أقول ..ربما بدهشة ..لكن بتفهم، أن الصحافة الورقية سوف تنقرض ، وأن رائحة الموت بالفعل بدأت تفوح منها منذ سنوات.
وسقت لهم العديد من الوقائع ، صحيفة/كريستيانساينس مونيتور الأمريكية أوقفت نسختها الورقية عام
2008. ،
توقف النسخة الورقية لصحف
ومجلات مثل فرانس سوار،نيوزويك وإنديبيندنت
الأسبوعية ، الموسوعة
البريطانية الشهيرة أيضا أوقفت طبعتها الورقية.
قلت أن هذا ما تنبأ به حتى أباطرة
خبراء شركة مايكروسوفت منذ أكثر منعقد حين قالوا إن نهاية
الصحافة الورقية سيكون عام 2018 بينما توقع إمبراطور الصحافة روبرت مردوخ أن
تكون النهاية 2020.
"صحيح أن عام 2018 تجاوزنا دون أن تغيب شمس الورقي ..لكن كل المؤشرات تؤكد أنها في أفول ..بل في الدقائق الخمس الأخيرة ! وربما كما قال الكاتب الصحفي د.محمد الباز في حوار تليفزيوني قد ماتت بالفعل!"
كان شباب كلية البيان ينصتون باهتمام ، فإن حان موعد الأسئلة فلم تكن أسئلتهم في الغالب من النوع المستهجن لما أقول ، بل توق للتعرف على ما بعد اختفاء الورقي، وهذا ما بدا منطقيا ..شباب يتواصلون مع الكوكب ..كل الكوكب عبر جهاز يحملونه في اليد لايزيد وزنه عن 200جرام ، يتابعون من خلاله مايجري من حروب وصراعات ومباريات كرة قدم ، واتصال بريدي بالأصدقاء وغير الأصدقاء عبر القارات الست ..شباب هذا حاله وهذا زمنه.. من المنطقي أن يعزف عن شراء الورقي الذي يطرق أبوابنا بأحداث مر على وقوعها سنين !!!
ألا نلاحظ هذا ..
كتيبة من رؤساء التحرير يرافقون الرئيس عبد الفتاح السيسي في زياراته الخارجية ."بالطبع على حساب مؤسساتهم التي تعاني من أنيميا مالية حادة ، والمذهل أننا نفاجأ بأربعة أو خمسة منهم ينتمون إلى مؤسسة واحدة ضمن كتيبة المرافقين ، رغم أن صحفي واحد فقط يكفي لأداء المهمة "! فإن التقى الرئيس السيسي والرئيس الأمريكي ترامب في الثامنة مساء بتوقيت واشنطن ، أي فجر اليوم التالي بتوقيت القاهرة ، فليس مستبعداً أن تطل علينا صحفنا بعد 36ساعة بهذا المانشيت: الرئيس السيسي يلتقي بترامب لبحث العلاقات بين الدولتين؟
هل قلت بعد 36 ساعة ؟ بل 36 سنة!
هكذا الأمر من منظور شباب يمسحون عبر موبايلاتهم أحداث القارات الست ثانية بثانية، وعبر البث المباشر !
لذا من الطبيعي أن ينخفض توزيع الورقي ، وهذا ما أكده تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء،تراجع توزيع الصحف من 2.5 مليون نسخة يومياً، إلى 400 ألف نسخة في 2017 ،أي ثلث ماكان عليه توزيع صحيفة أخبار اليوم في أواخر السبعينيات ..
فكيف تواجه قيادات المؤسسات الصحفية هذا التحول التاريخي ؟!
لاأبالغ إن قلت أن بعضهم يتعامل معها بأمية شديدة ،بعضهم لايرى هذه التغييرات الثورية .."وربما ..لايرى سوى نفسه" !
إنهم في عصر السوشيال ميديا يراهنون على الشاعر أبو ربابة !
...
وليس هذا هو المأزق الوحيد الذي تعاني منه مؤسساتنا الصحفية ،فثمة علل أخرى ،منها انشطار البشر في
بعض تلك المؤسسات إلى إقطاعيين و أجراء!
ومثلما يطالب إقطاعيو الصحافة في مقالاتهم المواطن البسيط بأن يتحمل ويصبر على آلام الإجراءات التي لامناص منها لانتشال اقتصاد الدولة من أورامه السرطانية،فهم أيضاً يستهدفون بإجراءات التقشف التي يتخذونها لإنقاذ مؤسساتهم من الانهيار ..فقط بروليتاريا تلك المؤسسات ..دون أن يتنازل أي من هؤلاء النبلاء عن القلم الذهبي الذي وفرته له مؤسسته عبر الاستدانة من البنوك أوإعانات الحكومة، ليكتب به مقالاته الموجهة للغلابة ..أو يوقع به على إجراءات التقشف داخل مؤسسته!
بعض من تفاصيل تلك الطبقية التي على ما يبدو لن تنتهي إلا بتسليم مفاتيح الصحافة إلى " كامل الوزير " ..في مقالي المقبل إن شاء الله ..إن كان في العمر بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع