الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية فاتنة باريس

زهير إسماعيل عبدالواحد

2019 / 4 / 15
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


رواية ((فاتنة باريس)) – جرمين راموس
يتمثل الحدث الرئيسي في الرواية بالتطورات التي تطرأ على شخصية البطلة (جان دي لانكلو "نينون" ) بتسلسل منطقي يمكن اعتباره مدخلاً للقراءة حيناً وللتأويل حيناً آخر.
بطلة الرواية إمرأة جدّ متيّقظة للحياة بفكرها وقلبها. وقد أنشأها والدها على بغض الرياء والتصنّع، وعلّمها قراءة الفيلسوف "مونتيني". بينما كانت زوجته مدام دي لانكلو تحاول عبثاً أن تحميها منه بأخذها إلى الكنيسة كلما استطاعت. "لكن الصبية كانت تمسك بدل كتاب القدّاس قصة حب، أو ديوان شعر". ولاحقاً تعلّمت نينون مع الفلسفة والعلوم، اللغتين الإيطالية والإسبانية، ولكنها تعلّمت خصوصاً أن تفكر بحكمة حتى لا تصبح أبداً متغطرسة " وكان والدها السيد دي لانكلو يشجّعها دائماً على التدلّل والتغنّج. وكان يردّد على مسامعها هذه الأقوال – قوة المرأة وحجة وجودها، هما في أن تُعجب الجميع. عليها أن تملك اللطف والعذوبة، والجاذبية التي هي أهم بكثير من الجمال !".
تزخر الرواية بالوصف الدقيق والجميل ضمن معطيات تدلّ على فهم كاتبها للأنوثة بمعناها الأصيل في الانسجام الفكري و الجسدي، العاطفة مع العقل: "راحت نينون تتقدم في ذلك النهار على كرسيها المبطّنة بالحرير المطرّز بالخيطان الصفراء التي تتوهج كالضياء. وكان الحمّالون يسيرون بها في خطوات منتظمة والكل فخور بحمله هذه المرأة المشهورة التي يعرفها الجميع والتي كان الرجال يحيونها باحترام. وكانت بثوبها الأبيض المزيّن بالزهور يانعة كباقة زهر ربيعية، وبين وقت وآخر كانت تلقي نظرة على وجهها في مرآة حملتها بيدها، لتتأكد من أن نظام جدائلها لم يتغير، ثم تبتسم في عاطفة المنتصر. لقد كانت سكرى بإحساسها بالشباب والفتوة، وبنهمها الشديد للحياة، وبأن ترى نفسها ترضي حتى أصعب الأهواء انقياداً!".
قلّما تعاطت بطلة الرواية، التي أصبحت من أشهر غانيات التاريخ، الكتابة- عدا الرسائل - وعدا أقصوصة صغيرة بعنوان "المرأة المنتقمة" حيث جعلت من نفسها البطلة باسم آخر. وكانت هذه الأقصوصة مثار هجوم ونقد لاذع.
بعدها تعرفت على لويس لاكلاش الذي جاء إلى صالونها وراح يحدّثها عن الأدب ويهاجم الأدباء "السخفاء البسطاء" مثل بلزاك وراسين.. وغيرهما وعرض عليها أن يعطيها دروساً بالأدب فقبلت. لكن عندما علمت نينون أنه رجل سخيف لا يحتمل، حاولت بكل الطرق الممكنة والمهذّبة أن تطرده فلم تفلح. وفي إحدى السهرات الكبيرة في صالونها ناقشها البعض حول مفهوم الحب الذي استخلصته من حياتها فقالت: "الحب هو الشهية التي يحسّها الإنسان نحو ما يعجبه ويرضيه."
تذكر الرواية أن نينون تقرّبت من موليير (الشاعر الذي وضع مسرحيته "النساء المتحذلقات" ) ورجَته أن يزورها أكثر من مرة، حتى إذ قبل زيارتها أصبحا صديقين حميمين، وقد كتب موليير تمثيليته الخالدة "تارتوف" متخذاً لها بطلاً قريباً من عشيق نينون (الكاهن الأب دي بون الذي صارحها بغرامه وحاول بكل الطرق ان ينال مآربه منها).
"من الناحية المادية تابعت نينون حياتها بتعقّل وحكمة. "كان ذكاؤها وقلبها الطيب يجعلانها رقيقة ورحيمة مع أصدقائها السابقين، ومن الذين أثّروا على تكوينها الفكري كان أكثرهم: إيفيتو، وألبين ومارا وخصوصاً سان أفريمون وكان نصيبها من المشاركة كنصيب أي من الناس الأذكياء الذين يتحمّسون عند التلويح لهم بالأفكار الجديدة".

بيانات الكتاب:-
أسم الكتاب: رواية فاتنة باريس
أسم المؤلف: جرمين راموس
الناشر: دار الرافدين
عدد الصفحات: 209








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل