الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي والحراك الشعبي

فتح عبدالفتاح كساب

2019 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



من البديهي أن العمل السياسي في الدولة الحديثة التي تقبل بوجود حياة حزبية فيها ينحو نحو التوازنات وإبرام الصفقات أحيانا. هذه البديهية راسخة في الدول ذات التراث السياسي العريق التي تعمل مؤسساتها السياسية تحت مظلة دساتير وقوانين تكرّس الديمقراطية وتداول السلطة عبر أدوات الديمقراطية. أما في "الدول" العربية فالأحزاب السياسية موجودة لاستكمال الحالة الديكورية للأنظمة الحاكمة أمام الدول المانحة للحصول على الشرعية السياسية للبقاء في الحكم أو لتمرير سياسات التبعية الاقتصادية للصناديق الدولية. وهذا يعني أن لا عمل لتلك "الأحزاب" سوى الصراخ المدروس أو تمييع القضايا الوطنية الكبرى عند شعور السلطة الحاكمة بأي حالة ململة جماهيرية تطالب بالعدالة والإصلاح أو التغيير نتيجة استفحال الاستبداد والفساد بكافة أشكالهما. لكن هذا الصراخ ليس صراخا حقيقيا للتماهي مع آلام الجماهير الرازحة تحت وطأة الفساد والاستبداد، وإنما هو حالة من الالتفاف على أي حالة جماهيرية سلمية قد تقود السلطة إلى تقديم تنازلات ولو بالحدود الدنيا لما تطلبه تلك الجماهير. أقول هذا الكلام الذي أصبح من البديهيات التي لا تحتاج إلى إمعان فكر أو طول تأمل، لكنه مقدمة لا بد منها للدخول إلى صلب الموضوع المرتبط بحالة الإسلام السياسي في الأردن وخاصة علاقتها بحراك الدوار الرابع المتواصل منذ عشرين أسبوعا. فالإسلام السياسي في الأردن ممثلا بجماعة الإخوان المسلمين وذراعه السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي وتفريخات الجماعة بمختلف مسمياتها بقيت بعيدة تماما عما يجري من أشكال احتجاجية مشروعة وأكثر ما تمخضت عنه هو بيان هزيل يفيد أن المكتب التنفيذي لتلك الجماعة أو لحزبها سيبقى "في حالة انعقاد دائم لترقب الأمور" .
لكن وبعد استنفاذ السلطات السياسية والأمنية الأردنية كل محاولاتها لإنهاء الحراك بدأت باستخدام أدواتها التي تدعي المعارضة وتمثيل إرادة السماء ، للقيام بتلك المهمة عبر التحريض على شباب الحراك باستخدام نفس الأسطوانة المشروخة التي تلجأ إليها السلطات في تبرير قمع أو شيطنة أي حالة شعبية تنادي بالعدالة والديمقراطية والقضاء على الفساد. حث قال مسؤول الملف العربي في حزب جبهة العمل الإسلامي إن "أيادي مشبوهة حضرت في الاحتجاجات التي تشهدها منطقة الدوار الرابع، دون أن يغفل أن أغلب الحاضرين من الناس الأنقياء. وأن جهات إسرائيلية وأمريكية تهدف للعبث في امن الدول العربية من خلال أياديهما في الدول العربية " .الغريب في ما قال ذلك "الحزبي المعارض" ينطوي على اتهام صريح لشباب الحراك بالعمالة للخارج بحضور السياسيين الذين قادوا الأردن إلى هذه الحالة من التردي في كافة المجالات. كما أنه نسي أو تناسى أن الحزب الذي يمثله ما هو إلا ذراع لجماعة تأتمر بأمر تنظيم دولي لا يعلم إلا الله والقائمين على ذلك التنظيم الدولي ما هي أجنداته وتحالفاته.
السؤال المطروح الآن هو : هل تستحق الفتات التي تقوم برميها السلطة لتلك الجماعة بين الفينة والأخرى أن تقوم بتخوين أو تكفير مجموعة من المواطنين الذين خرجوا مطالبين بما يثبت إنسانيتهم ويجعلهم مواطنين في وطن عزيز يحفظ كرامتهم ويملك السيادة الحقيقية على قراه الداخلي والخارجي.
لم تتجرأ الأجهزة الأمنية على توجيه تلك التهمة إلى مجموعات الحراك، لكن وصل الأمر بمن يدعي المعارضة باسم السماء إلى توجيه هذا الكلام الفاحش الفاجر مقابل عدد من مقاعد مجلس نيابي كسيح أصبح عبئا على من انتخبوه أو مقابل كرسي وزارة في حكومة يديرها فرع للبنك الدولي في عمّان أو السيطرة على مجلس نقابة أو أي من مؤسسات المجتمع المدني الأردني لاستكمال عملية الإجهاز على كل ما يمت لبناء وطن بصلة. بمعنى آخر وصل الأمر بهؤلاء إلى بيع الوطن ومواطنيه مقابل لاشيء.
أعتقد أن على الحراك أن يقوم بتحديد من هم أصدقائه ومن هم خصومه قبل البدء بصياغة أي مشروع وطني. كما أعتقد أن من يقوم باتهام شباب الحراك بالعمالة أو العمل لحساب أجندات خارجية لا يمكن إلا أن يُصنف ضمن خانة الخصوم الألداء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار