الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصول حماس إلى السلطة خطوة باتجاه التنازل

سحر حويجة

2006 / 4 / 29
القضية الفلسطينية


شكل وصول حماس إلى دفة الحكم، مرحلة فاصلة على صعيد القضية الفلسطينية، سيطرت المخاوف على الكثيرين بسبب تشددها الديني ، مع العلم إن الشعب الفلسطيني الذي انتخبها لم ينتخبها بسبب مشروعها الديني، ولا مبرر للخوف من هذا المنطلق على اعتبار إن الدولة الفلسطينية لم تولد بعد، لكن سبب وصولها للسلطة هو برنامجها السياسي، ولو عدنا للوراء ، فإن برنامج حماس هو امتداد لبرنامج منظمة التحرير، قبل 1988 أي قبل اعتراف المنظمة بإسرائيل، في تلك المرحلة كان دور حماس يقتصر على نشاط في أقبية الجوامع، لم يكن لها مكان بعد على ساحة النضال الفلسطيني، بعد اتفاق أوسلو، أخذت حماس تنمو ويزداد حضورها، لتشغل فراغاً أوجدته السياسات ذات الطابع الاستسلامي، واختناق التسوية وزخم العمليات الفدائية، التي دفعت إسرائيل للانسحاب من غزة، بناء الجدار العازل، السياسات الإسرائيلية، التي تهدف إلى محاصرة الفلسطينيين و إركاعهم، إضافة للفساد المستشري، على صعيد السلطة الفلسطينية، التي حولت الأموال الداعمة لها إلى، وسيلة لتقوية سلطتها، وبناء أدواتها العسكرية والأمنية، ولم تتجه إلى بناء مشاريع اقتصادية، تحولت السلطة الفلسطينية إلى سلطة نخبوية، لم تستشير الجماهير في كثير من قراراتها، خاصة قضية اللاجئين وحق العودة، لذلك كان البديل هو حماس، التي اتخذت من النضال المسلح شكل أساسي للنضال ، والأهم إنها لم تعترف بعد بإسرائيل، ولم تلوث أيديها بالسلطة، و تعبر عن بعد آخر في الصراع مع إسرائيل، هو البعد الإسلامي، لأن منطق التسوية دائماً يقود إلى الحلول القطرية، لقد خرجت كلاً من مصر والأردن من الصراع، وسوريا لم تفتح أبوابها للصراع، واقتصر دورها على الدعم، فإن منطق الصراع، والمواجهة، دفع للالتقاء مع مشروع إسلامي تمثله إيران.
تراجع دور فتح الجماهيري، بعد موت عرفات الزعيم الكاريزمي، وتراجع حجمها ، وصلت حماس للسلطة، على ظهر برنامج طموح اقتصادي وسياسي، وظهر ارتباك واضح، في التعامل مع القضايا الأول منذ الأسبوع الأول لفوزها، وسجلت الدرس الأول : إن دور السلطة يختلف عن دور المعارضة في الأنظمة الديمقراطية، فالسلطة مسؤولية يجب تحملها من أجل تحقيق رغبات قطاعات الشعب عامة بعيداً عن خشبية اللغة الأيديولوجية، ولا تأخذ السلطة مصداقيتها إلا بقدر ما تنفذ العهود التي قطعتها على الجماهير، وتحويل برامجها إلى واقع ، الخطوة الثانية كان مهمة تشكيل حكومة من لون واحد، حيث إن الجميع اعتذر عن المشاركة بها، ليس لأن السلطة الفلسطينية لها منطق آخر يختلف عن منطق الرغبة في الوصول إلى الحكم في الدول العربية، حيث نرى تعذر تشكيل حكومة وفشلها بسبب التسابق إلى السلطة كما في العراق، ولبنان، بل من أجل وضع حماس في مواجهة حقيقة أن يكون طرف ما في الحكم تحت سلطة الاحتلال، لتفنيد مزاعمها وتأكيد عجزها، وأن الوجود في هكذا سلطة لا يتم بدون تنازلات كبيرة، حماس التي صعدت للحكم بسبب الأزمة وبسبب التنازلات فلتتحمل مسؤولياتها التاريخية ، ولتدبر شؤون الحكم، فبرنامج حماس يدعو إلى الحرب المستمرة والدائمة، وهي في السلطة يعني حرب مكشوفة مع إسرائيل، دخلت حماس في عنق الزجاجة من هذه اللحظة، فتح لها وجود كبير في أجهزة الأمن والشرطة الفلسطينية ، فهي خلال تاريخ وجودها في السلطة تحت الحكم الذاتي تدعم بناء وتقوية هاتين المؤسستين، وأخذت تأكد قوتها من خلال قوة دور الرئيس وقوة الأجهزة، التي توخي بازدواجية السلطة، دفعت حماس لإظهار قوتها عبر جهاز للشرطة أيضًا ، يشكل جزءً من بنيتها العسكرية الخاصة، فكان استعراض القوة على المكشوف وأخذت حماس تكشف أوراقها التي كانت سرية، كل ذلك يهدد بانقسام المجتمع الفلسطيني، وتقويض دعائم السلطة، ويقود للاقتتال الفلسطيني الفلسطيني، حماس مضطرة لإعطاء دوراً لفتح ، لتخفف الضغوط عن الحكومة ، وفتح سوف تستمر بتصعيد الأزمة، حتى تفشل حماس ويقود إلى انهيارها على الصعيد الشعبي، وتستغل التناقضات مع حماس وضدها من أجل مكاسب، لدعمها في حال عادت السلطة لها ، من الشعب الفلسطيني، ومن دول العالم، على جانب آخر وهو الجانب الحاسم والأهم، الذي يؤكد إن السلطة في الأراضي المحتلة غيرها في باقي الدول، فهي محكومة برضى الآخرين، على الصعيد الاقتصادي وأولهم إسرائيل، فالاقتصاد الفلسطيني مرتبطاً بالاقتصاد الإسرائيلي، من خلال البنية التحتية ، المياه الكهرباء، والطرقات، العمالة الفلسطينية كبيرة في إسرائيل، عملة التداول هي العملة الإسرائيلية ، السوق هي إسرائيل، ولا يخفى أن التصعيد القائم بين الأردن وحماس، يلغي أي احتمال ، أن يكون الأردن متنفساً للضفة الغربية اقتصاديا، وكذلك حالة مصر وهما دولتان موقعتان للاتفاقات مع إسرائيل، يملكان حق التبادل مع إسرائيل وبالتالي مع الفلسطينيين، مما زاد دوق الحصار على الفلسطينيين، و زادت الأمور تعقيداً ، الأهم من ذلك إن موارد السلطة الفلسطينية الأساسية، تأتي من المساعدات والمعونات الخارجية ، وهي تعاني من مديونية ، لا يوجد اقتصاد وطني يحمي السلطة ومواطنيها، قطع المساعدات يعني قطع الشرايين، سيؤدي إلى تفاقم للأزمة من الصعب تحملها وقتاً طويلاً. صحيح أن هذا يدل على تناقض الغرب وأمريكا في الموقف من قضايا الديمقراطية، ولكنهم يملكون ورقة قوية، هي عدم اعتراف حماس بإسرائيل، بما يتعارض مع القانون الدولي ، ويتناقض مع اتفاقات التسوية التي جرت مع الدول العربية، إضافة إلى أن إسرائيل لم تعترف بحماس ، لأنها اعترفت سابقاً بمنظمة التحرير ، كممثل للشعب الفلسطيني وحماس ليست طرفاً من منظمة التحرير، يضاف إلى ذلك إن دور الأونروا أيضاً سيضعف، بناء على أن الدعم يأتي من دول تعترف كلها بإسرائيل ولا تعترف بحماس، وإنها كانت في السنوات الماضية التي أعقبت اتفاق أوسلو، تقلل من حجم مساعدتها على أمل تحقيق تسوية تنتهي بها مهمتها، إن الدعم العربي سيضعف بشكل عام، كون حماس تعارض التسوية القائمة، ويبقى الدور الإسلامي أكثر حضوراً خاصة إيران، ولكن دورها محاصراً وتحت الرقابة وهو معرض لتدهور مع ازدياد الضغوط على إيران، وسوريا، يؤدي إلى تجفيف منابع الدعم، إن إعلان هدنة مع إسرائيل، من قبل حماس يقلص حضور حماس مع تجميد شعار الكفاح المسلح.
لا شك أن هناك مشروعاً يستهدف المنطقة ويستهدف حماس أيضاً، مع تطور الأحداث ، وبفعل الضغوط الجارية، ستتحول أوراق حماس القوية، إلى مصدر ضعف وسبباً لتراجعها، إن وصول حماس للسلطة في الشرط الفلسطيني والظروف العربية، هي فرصة لتطويعها وتركيعها، وتجريعها من الكأس المرة التي شربت منها الفصائل الأخرى، يبدو حتى أن وصولها كان ضرورياً، لتطويعها وحصارها في السلطة، فهي غير قادرة على تحقيق شيء إلا إذا عادت وامتشقت السلاح، هذا خيار تريده إسرائيل، لشن حرب مباشرة بين سلطتين، عدوتين، لا يعترفان ببعضهما، ستكون مدمرة على الشعب الفلسطيني، وإلا ستكون أمام خيار المساومة والتنازل ، وهذا ما تريده فتح من حماس أن تعرفه، إذاً كل شيء يدفع باتجاه الانهيار. ويدفع إلى تطويع الساحة الفلسطينية ككل، جرعة جديدة من الهزائم، تساهم بها وصول حماس إلى السلطة.

سحر حويجة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل