الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة لا تحكم .. تكسر

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2019 / 4 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ان اروع ما في الثورات العربية أنها تأتي عفوية بدون ترتيبات سابقة، يحركها دائما نفاد صبر نسبة لا يستهان بها من ابناء هذه الشعوب على القمع والفساد والتهميش والتنكيل حيث يخرج هؤلاء الى الشارع بدون رؤوس محركة فتكون ثورة من طين الأرض يتساوى فيها جميع التيارات والفئات وتطالب بمطالب متقاربة.
الى أن هذا الأمر على الرغم من روعته ومشروعيته يعد ايضا نقطة الضعف الأبرز في هذه الثورات، حيث لا يوجد في اغلب الحالات رأس يمكن ان يقود المجموعات ويكون مسؤولا عن تحقيق الأهداف الشعبية.
ولذلك ايضا يتعرض هؤلاء للكثير من المناورات من النظام الذي ثاروا عليه ومن الجهات التي تعمل على حماية مصالحها من خلال الابقاء على النظام القديم والالتفاف على المطالب الجماهيرية ووضع بديل يمكن ان يخدع الجماهير لبعض الوقت وحتى يتمكن النظام من جمع شتاته وتقوية نقاط ضعفه وجمع الأشخاص المؤثرين الذين التفت حولهم الجماهير الغرة والتنكيل بهم والصاق كل التهم المشينة بهم وهو ما حدث في مصر على سبيل المثال حيث انتهى الأمر بالثورة بانطفاء جذوتها وبكل من يحمل افكارها عن الحرية والعدالة الاجتماعية بالتنكيل أو الحبس أو الهروب الى الخارج أو حتى التصفية الجسدية.
واكاد ابكي دما عندما اشاهد ان الثورة الجزائرية والثورة السودانية تتعرضان لنفس المشكلة حيث يعمل الجنرالات على تهدئة الشارع بالوعود والعهود وحتى يتم استنزاف قدرة الناس على الصمود أو حتى يتم بث روح الخلاف بين صفوف الشعب الموحدة على الهدف.
ولا أفهم لماذا يرضى الثوار بأقل من فرض ارادتهم على النظام ووضع اشخاص يعرفونهم ويضمنون نظافتهم وانتمائهم للمطالب الثورية في مواقع الحكم ويتفقون مع هؤلاء على تنفيذ الارادة الشعبية ويراقبوهم ويحاسبوهم محاسبة دورية وحتى يطمئن الشارع أن الأمور بدأت تسير في الطريق الذي يرغبون فيه بحق.
ان اكثر العبارات المثيرة للأسى التي اذكرها من ايام الثورة المصرية هي تلك التي قالتها كلينتون حين كانت في منصب وزيرة الخارجية الأمريكية حيث قالت أنهم يتابعون الثورة المصرية عن كثب ويستهدفون ان يكون التغيير هو "تغيير وجوه وليس تغيير سياسات" أي سنزيل رأس ونضع رأس بديلة تحقق ايضا كل ما ترغب فيه القوى العظمى وتسير على نفس النهج المرفوض على المستويين الداخلي والخارجي وهو ما حدث بالفعل وان كان القمع والتنكيل والفساد وغياب القانون قد تضاعفوا جميعا حتى دخلت البلاد في نفق مظلم ظلاما دامسا لا يبدو له أخر !
اتمنى أن يفطن ثوار الجزائر والسودان الى هذا الأمر وأن لا يتركا الأمر لغير القوة الثورية في تشكيل الحكومة الانتقالية وأن يضعوا اشخاص منهم يعرفون انتمائهم حق المعرفة في المناصب الحساسة على اساس الاستحقاق والنزاهة والا سيخسرون كثيرا ويندمون حيث لا ينفع الندم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -