الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آليات إعادة إنتاج الأزمات

ياسر المندلاوي

2006 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


مبتدأ العملية السياسية في العراق كان حصصيا برغبة أمريكية لا يواريها إلا جاحد معاند، ومآلها إلى الأزمة مدرك بالوقائع لا محال. وما بين المبتدأ والمآل مخاضات عنيفة ومناورات رخيصة وظيفتها، مؤازرة مجهودات الإحتلال وبعض دول الجوار في إلغاء المشروع الوطني العراقي لصالح أجندات أقلها، شرذمة الوطن والمجتمع، خدمة لمشاريع، إن إختلفت مشاربها، وتباينت منابتها، أو تفارقت أدواتها، فإنها تشترك في أهدافها، وتتوحد في مراميها: نفي العراق، هوية وثقافة وتأريخا، إلى مهالك النسيان، بوسائل التفتيت المزدوج، الجيوسياسي والثقافي. فالمشروع الأمريكي-الطائفي-الإثني، يتفوق في مبتغاه على إتفاقيات سايكس بيكو بأن يعضد التقسيم الجيوسياسي بتجزأة الثقافي إلى وحدات ثقافية غير وطنية، طائفية وإثنية. فهو يستدرك ثغرات تلك الإتفاقيات اللصوصية التي وإن أفلحت في التفتيت الجيوسياسي للمنطقة، فإنها أخفقت في إحداث التشظي الثقافي على أسس طائفية وإثنية سواء في عموم المنطقة أو في حدود كل دولة على حدة. إن واحدة من أهم وسائل بلوغ الهدف كما هو في أعلاه، إدامة الصراع الداخلي وتفعيل بواعثه بمزيد من الأزمات الحاضنة للتنازع الديني والطائفي والإثني، والعملية السياسية في المنظور الأمريكي وكذلك في المنظورين الطائفي والإثني، محكومة في غاياتها بإنتاج الأزمات المتتابعة في خدمة هذه الإدامة للصراع وصولا إلى الهدف.
إن المتتبع لكيفيات الصراع، ولضوابط العملية السياسية في العراق، لا يمكنه إغفال حقيقة مفارقة الترتيبات السياسية الراهنة، للمشروع الوطني في مفاصل جوهرية،وإن المداومة على هذه الترتيبات قد تؤدي به إلى الغرق في مستنقع المشاريع المناوئة ما لم يحصن المشروع الوطني بمعوذتين إثنتين 1) بإستقلال العراق من شر الإحتلال 2) بالوطنية العراقية من شر الطائفية والإثنية. ويبدو لكل من يملك غيض البصيرة لا فيضها بأن الولادة الصعبة للرئاسات الثلاثة، وربما للحكومة المرتقبة أيضا، قد فارقت هاتين المعوذتين في إتساقها مع إرادة المحتل في تكريس التحصيص الطائفي والإثني، فهي ولادة ساعية نحو الموات بدل الحياة، وفق المنظور الوطني وليس الأمريكي-الطائفي-الإثني، الذي لا تنقصه الدراية بأن مشروعه لا فرصة له ما بقي المشروع الوطني وازعا يزع الإحتلال والطائفية والعنصرية والشوفينية ومتعلقاتها في الخبر والأثر. فالمخاضات، العنيفة منها والساخنة، التي سبقت إنعقاد البرلمان، لم يكن لها أن تؤدي إلى غير بركة المحاصصة المقيتة، لأنها وببساطة تتطابق ومقاسات الإحتلال في المظهر والجوهر. إن الإحتلال والمتحاصصين معه وبه، تسلحوا، في موجات الحوار والقتال، بعناوين براقة هي ذاتها عناوين متطلبات إنهاض المشروع الوطني، إلا أنهم إستبطنوا خلاف ما هو معلن، فكان أن إستحال التوافق الوطني إلى مساومات طائفية على أسس مذهبية وإثنية، والوحدة الوطنية إلى حاصل جمع حسابي لكتل برلمانية وفق الأسس ذاتها. ولما كانت التجربة العراقية طيلة السنوات الثلاثة المنصرمة، تشي وبوضوح إلى إنعدام المسالك النافذة لحل الأزمات المستعصية بإعتماد رذائل الإحتلال، وموبقات المساومات الطائفية، فإن الآتي من الزمن قد لا يحمل في ثناياه ما يبرر الآمال العريضة، التي شيدها بعضهم، في تجاوز الأزمات أو حلحلتها في أضعف الإيمان. إن آليات المحاصصة لا يمكنها أن تكون آليات تجاوز الأزمات، فهي ذاتها آليات إعادة إنتاج الأزمات، وسرعان ما تتكشف عورات المحاصصة ومنزلقاتها الخطيرة، إذ أن طريق المحاصصات سالكة نحو الخراب الوطني، ونحو مؤازرة الإحتلال لإنفاذ مشروعه في العراق وفي عموم المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء