الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لِكَيْ لَا نَنْسَى : الثَّوْرَاتُ مُحَصَّنَةَ ضِدِّ السَّرِقَةِ

اكرم عبد القيوم عباس

2019 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في البداية يستحق الشعب السوداني الشكر والثناء من بعد الله على ما تحقق حتى الأن، وايضاً على مسيرة نضال استمرت ثلاثون عاماً هي عمر النظام شاركت فيها كل قطاعات الشعب السوداني ، وقدمت شهداء ومعتقلين وأسرى ومُهجرين.

و دون شك ما تحقق ما كان ليحدث لولا توفر مقومات مهمة، في طليعتها الوعي والمثابرة والإرادة. في تقديري الثورات لا تسرق ، لأنها في الأول نتيجة وليست سبباً ، ونتيجة بمعني أنها محصلة نضال متواصل من أجل الوصول للأهداف الكلية للتغيير . ثانياً التغيير مرتبط دوماً بالخطأ والصواب ، ومسار الثورات قد يتعرض لموجة من الأخطاء، وحتى الأخطاء القاتلة ، وهذا ما حدث على وجهة الدقة فيما بعد الثورة الفرنسية . وباستخدام نفس النموذج – الثورة الفرنسية- نجدها أنها تعرضت لردة كبيرة ، وأُعدم قادتها ، لكن ظلت نتائج الثورة الفرنسية باقية ، وأثرت في مجمل التطور السياسي في العالم ، وكانت أهم ثمراتها حركة الحقوق المدنية والدولة المدنية الحديثة. أذن رغم كل المحاولات الراهنة والمستقبلية هنالك صعوبة ، في سرقة ما تم إنجازه بواسطة الشعب السوداني.
و حيث أن التحدي كبير في تفكيك نظام يحمل مشروعاً إيدلوجياً ، يجب الإنتباه إلى أن المعركة لها عدة مستويات ، أهمها المعركة مع ما خلفته تجربة الحركة الإسلامية في السودان ، ويتربط هذا إرتباطا وثيقاً بسيناريوهات الخروج من مرحلة الإنتقال إلى مرحلة تأسيس الدولة وتحقيق أهداف التغيير. ونجد أن الجبهة الإسلامية في كافة مراحل حكمها في السودان ، و التجليات المختلفة لمشروعها السياسي والفكري ، إستخدمت مبدأ التفاوض على أساس الإقصاء ، ونجحت في ذلك لحد كبير ، و شكل التفاوض عنصراَ دائماً في كل مستويات الصراع السياسي طوال ثلاثون عاماً. وبما أن النظام أعتمد في كل منهجه التفاوضي على فكرة أقصاء الخصوم ، فقد رسخ لمفهوم الإقصاء ليصبح إستراتيجية تضعضعت أمامها فكرة الحوار . علماً بأن الحوار والتفاوض هما عنصرين هامين من عناصر تطور العملية السياسية ، لكن الحوار لا يتعمد على المساومات والتنازلات ، وذلك لانه غير مطلوب في نهاياته الوصول لإتفاق بقدر أن تكون هنالك قاعدة من التوافق ، و يضمن في ذات الوقت عدم الإقصاء. و في تقديري أن الفكر الذي يصل في قمة أقصائيته للقتل والتكفير لا يحتمل آلية الحوار، بل يجتهد قدر الإمكان ، وبعدة وسائل لدفع فرقائه للتفاوض الإقصائي ، ليكسب مساحات من المساومة والتنازلات.
اعنقد أن الخطر الحقيقي في هذه اللحظة ، هو محاولة النظام أن يجير كل نتائج هذا الحراك الثوري ليصبح عملية تفاوضية على اساس منهجه الإقصائي ، ويستخدم في ذلك عدة أساليب بدأ بعضها يظهر . ومن سذاجة هذه الأساليب ، أن بعضها يبدو فيها حرق للمراحل ، حيث أن البعض يتحدث عن مخاوف فصل الدين عن الدولة في عشية الثورة ، ومازال الإعتصام قائماً . وهي مرحلة لم تحن لحظتها حتى الأن ، فكما هو معلوم أن قضايا شكل الدولة والنظام السياسي تاتي في مراحل متقدمة ، عند بداية وضع دستور دائم يحكم النظام السياسي الجديد الذي يعقب الفترة الإنتقالية.
أن خطر غياب الحوار ايضاً يساعد على فرض الوصاية علي الثورة وقوى الثورة . لذلك أحد المهام المقدمة والضرورية في تقديري أن نبني قواعد للحوار في أوساط المجتمع السوداني ، ليصبح هذا الحوار عنصر حماية للثورة وأهدافها في صراع قوى الثورة مع النظام ، وحتي يمكن أستخدام نتائجه خلال مجريات التفاوض من أجل عملية أنتقال السلطات .
أخيراً كل الأماني الصادقة أن يحقق التغيير أهدافه ويصل إلى مبتغاه ، وهنا أذكر شعار لأحد مؤاتمرات الجبهة الديمقراطية في منتصف التسعينات ، وهذا الشعار أستخدمه من قبل ايضاً الحزب الشيوعي العراقي، وهو وطن حر وشعب سعيد ، وكل الرجاء المكلل بالإرادة أن يصبح لدينا وطن حر وشعب سعيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع