الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تركض؟

علي دريوسي

2019 / 4 / 20
الادب والفن


أركض خوفاً من سجائر غارغويل وعطر غارغويل.
أركض بحثاً عن قسم الشرطة، لن أرمي نفسي في حضن السيارة البيضاء، لن أعتذر من ساكنيها، أن أموت هناك خير من الموت في سيارة كوكايين.
ها أنا أركض من جديد وفي كل الاتجاهات بحثاً عن سيارة شرطة،
أركض واشتياقي لاستراحة قصيرة برفقة سيجارة غارغويل في تصاعد،
أركض وسيارة غارغويل تركض خلفي،
أركض وأنا خائف حتى الموت من اِختراق أعقاب سجائر غارغويل المُتَوَهِّجَة جسدي.
أركض وكلي ثقة، بأنّ المجتمع الذي لا يحترم مشاريع مدمنيه، ولا يفهم وجهات نظرهم الإنسانية واحتياجاتهم الروحية والجسدية، لا يُعَوَّل عليه ولا على شرطته في تحمل مسؤولية حماية التطور الاِجتماعي والديمقراطي لوطنٍ ما، اللاتسامح هو المسار الأول للدكتاتوري، كما قال التاجر الألماني أولي شتاينكامب.
أركض وكلي ثقة، بأنّ المجتمع الشرقي بكافة مؤسساته المدنية، المجتمع الذي غَضَّ طَرْفَه عن الملاحقات المخابراتية والاِعتقالات التعَسُّفيّة لخيرة شبابه وشاباته ولعشرات السنين، بسبب وجهات نظرهم الإنسانية المدنية، هو مجتمع مشلول التفكير، لا يستحق الديمقرطية لأنه لا يفهم معنى ممارستها وجدوى النضال من أجلها، الحرية هي دائماً حرية الأشخاص الذين يفكرون بطريقة مختلفة، كما خطبت الفيلسوفة الماركسية روزا لوكسمبورغ.
أركض وكلي إيمان، بأنّ الغرض الأخلاقي من الدولة وشرطتها المدنية في الغرب الرأسمالي الاجتماعي هو تحقيق السعادة لمواطنيها.
أركض والدولة في الشرق لا تحيد عن وظيفتها المرسومة لإبقاء شعوبها تحت نير التبعية والخنوع وحجب السعادة عن مواطنيها.
أركض والخجل من احتمالية اِستعباط الشرطة لي يجعلني أتوقف عن الركض وتسليم جثتي لنساء سيارة الكوكايين دون أية مقاومة.
أركض وأنا جائع،
أركض وأصابع يدي اليسرى مطوية على بطني، لو لم يحصل ما حصل لكنت جالساً صباح هذا اليوم إلى طاولة الفطور الشَهِيّ في بيت صديقتي مانويلا، كم أحتاج الآن لطعامها، للأمان والهدوء في بيتها.
أركض وأنا ألمح سيارة شرطة تفرمل أمام مدخلٍ مضاء،
أركض ونساء شرطيات ينزلن من سيارتهن ويدخلن المبنى،
أركض حتى أصل مدخل المبنى،
أركض مقطوع النَّفس،
أركض ناظراً خلفي دون أن أرى سيارة الكوكايين،
أركض وقد شارفت الساعة على السابعة صباحاً،
أركض والشمس تشرق خجولة،
أدخل إلى قسم الشرطة مهرولاً علّني أسترد أنفاسي،
ألتقي اِمرأتين ورجلا.
أقول: صباح الخير يا سادة.
- قل ما لديك، كلّنا آذان مُصغية!
- هل ترغبون رؤية بطاقتي الشخصية أولاً؟
- تكلم أيها السيد!
-لا لن أتكلم، أريد أن أتابع ركضي.
- عظيم، لا تتوقف عن الركض أيها الشرقي الفقير، لن يمنعنك أحد فهذا قدرك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية دفع ترامب أموالا لممثلة أفلام إباحية: تأجيل الحكم حتى 1


.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر




.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان