الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة هزيمتين .. الهزيمة الثانية (4)

جعفر المظفر

2019 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية



ثم أن قضية الطائفية كانت قد إستفحلت بحيث جعلها المالكي وهو كان القائد العام للقوات المسلحة مواجهة بين جيش المختار وجيش يزيد وصار الطائفيون من الشيعة يبحثون عن قاتل الحسين بين صفوف السنة, لكن لا أحد من (السنة) مع ذلك كان قد رفع السلاح وجعلها معركة لنصرة يزيد !! فالإعتصام كان قد إستمر عاما كاملا بدون أن تتبلور حركة مسلحة بين صفوفه.
وقد قالت حكومة المالكي حينها ان أربعين إرهابيا كانوا بين صفوف المعتصمين, فهل أن من الجائز لإنسان بنصف عقل أن يؤسس نظرية على أولئك الأربعين ام على مئات الألوف من المعتصمين المسالمين؟! بل ان السؤال, فيما إذا إتفقنا على أن داعش بدأت تدخل إلى ساحة التأثير, هل كان من العقل بمكان أن تترك هذه المناطق لداعش ام أن المسؤولية الوطنية كانت تقتضي مرونة الحوار مع المعتصمين والإستجابة لمطاليبهم المشروعة والإتفاق على خارطة طريق بإمكانها أن تقدم حلا لمشكلة العراق وتمنع إنزلاقه إلى ما إنزلق إليه؟!!
إن اي مراقب للوضع آنذاك كان بإمكانه أن يعلن أن وجود الأربعين إرهابي في ساحات الإعتصام كان يجب ان يدفع بإتجاه مغاير تماما, فما الذي رأيناه, لقد رأينا أن الحكومة قد إشتغلتها بالمقلوب تماما, وكانت وكأنها تقول, من خلال رفضها لمطالب المعتصمين وتهديم الخيام وقتل ستين منهم في الحويجة والإستعداد لمواجهات لا ترحم, ايها الداعشيون هذه هي مناطق السنة فخذوها وهنيئا لكم بها, أرضا وبشر.
وهل كنا سنأتي بهذا التفسير من جيوبنا الخاصة لولا أن أحاديث وأحاديث كانت قد صدرت أثناء الأزمة لتكشف جانبا من أزمة العقل والضمير والوطنية التي كان يعاني منها المسؤولون عن الوضع ومنها تلك التي تشير إلى أن ترك المنطقة لداعش كان أمرا قد جرى التفكير فيه لغرض معاقبة المناطق السنية وتركها تتعرف وتجرب الحياة في ظل الداعشيين لتقرر بعدها إلى اي من الجهتين يجب أن تنحاز, أو لغرض أن تدخل المناطق (السنية) في حالة فوضى أو حرب يصار من خلالها ترتيبها من جديد بالإتجاه السياسي والديمغرافي الذي يستجيب للمخطط الإيراني في المنطقة أو لعملية الترويض والتدجين.
وليقل لنا احدكم ولو كان بنصف عقل وبربع ضمير وبخُمسِ أخلاق وبسدس مروءة, هل كان هذا تفكيرا لزعيم دولة أم لزعيم عصابة ..؟!
وحتى مع الهزيمة في نينوى فقد قيل وقتها كيف تريدون لجيش ان يقاتل دفاعا عن مدينة يعتبره ناسها انه جيش إحتلال. والعذر هنا فيما لو صح سيكون أقبح من الذنب بألف مرة, إذ ما معنى أن يعترف مسؤول ولو بدرجة عاشرة أن هذا بالضبط كان هو شعور أهالي المدينة تجاه الجيش. سيقول لي احدهم, يا اخي هؤلاء (سنة) ولن يقبلوا بحكم الشيعة مطلقا, وسأقول له عليك نور, ها أنت تضع يديك على واحد من عوامل الصراع المركزية, لكن مع ذلك انت تكتفي بوصف الحالة دون ان تقدم حلا لها. وحتى لو أنك أقنعتني بأنهم كانوا فعلوها في السابق, أي كانوا طائفيين ضدك فالأحرى ان لا تفعلها أنت في اللاحق لكي لا تؤكد ان التحيز ضدك كان نوعا الإحتراس المشروع ضد فكرة أن تستولي انت عليها فتعزلهم عنها. ولكي نخرج من دائرة الإحتراب الطائفي كان عليك أن تفعل العكس تماما فتؤكد على أن لا شيء يعادل الحل الوطني الذي يساوي الجميع أمام القانون ويمنحهم فرصا وحقوق متساوية فتعمل بالتالي إلى بناء عراق خالي من الطائفية.
ثم لنترك الحديث عن مصلحة الوطن الواحد, لأن هذا الحديث ما كان يثير شهية السياسيين الحاليين, بل لعل شهيتهم كانت مغلقة في وجهه منذ بداية التأسيس والتفقيس, ولنطرح السؤال بصيغة أقرب لمفاهيم المرحلة الحالية, أي بصيغة مصلحة الطائفة وليس مصلحة الوطن, فهل كان من مصلحة الشيعة العراقيين كطائفة أن تتعقد أوضاع المناطق السنية فيروا وطنهم وهو يستنزف ويتشقق وينتهي بهم الأمر ايضا إلى أن يكونوا ضحايا من جديد لحروب داخلية وإقليمية.؟ ولنسأل بالتالي كم جثمان لشهيد شيعي كانت قد إستقبلته مقبرة السلام في النجف نتيجة لتلك الحروب الطائفية وكم هي السنون التي ضاعت من عمر العراقيين بسبب ذاك الإحتراب .. كم وكم وكم ؟!
نعم لقد كانت بوصلة الرأي العام لأهل المدينة تشير إلى وجود نفور عام ضد الجيش خلقته ظروف سياسية عامة إضافة إلى ممارسات العديد من ضباطه وجنوده الذين تعاملوا مع المواطنين كمشروع إستثمار وإضطهاد. لكن سيأتي هنا أيضا من يذكرني بدور لضباط من الجيش السابق في إثارة الموقف ضد الجيش وسأوافقه, لكني ساذكره بدوري إلى ان وجود خصم يجعلك تتنافس معه على قلوب اهل المدينة وعقولهم لا ان تقهر تلك العقول والقلوب وتجعلها من نصيب خصمك. وأجزم ان الحالة تتجاوز حل تبسيطي بهذا الإتجاه, لأن أهل المدينة ليسوا متفرجين لكي يجري التنافس عليهم وإنما كان يجب أن يكونوا جزء من الحالة الوطنية للدولة التي يشكل الجيش عمادها حتى يعتبره جيشهم وليس جيشا مستعمرا او معتديا, وهكذا فإن حالة الجيش هناك لم يكن بالمقدور إصلاحها إلا من خلال إصلاح الحالة العامة للعراق.
والحال ان الأسباب المباشرة للهزيمة في نينوى هي واضحة وإن من السهل على اي مبتدئ ان يعدّها. ولعل جزءا منها سيكون كافيا للإجابة على سؤال من نوع لماذا حدثت الهزيمة. لكن الأمر في إعتقادي ليس كذلك لأن البحث فيها سيكون مجديا لو أن معركة حقيقية كانت قد دارت بالفعل, ولو ليوم أو يومين, بين قوتين كان لهما وجودا فعليا في ساحة المعركة, حتى مع وجود تفاوت بينهما على صعيد العدد والعدة.
ولأنه لم تكن هناك معركة أساسا فإن من الخطأ وحتى العبث الوقوف امام أسباب لحالة لم تحدث أساسا لذا وجب البحث عن الأسباب الحقيقية في مساحة الإنسحاب وليس في مساحة الهزيمة.
وعن هذا لا تسألوني وإنما إسألوا المالكي وأعوانه وآمريه من خارج الحدود !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل الفلج.. مغامرة مثيرة لمصعب الكيومي - نقطة


.. رائحة غريبة تسبب مرضًا شديدًا على متن رحلة جوية




.. روسيا تتوقع «اتفاقية تعاون شامل» جديدة مع إيران «قريباً جداً


.. -الشباب والهجرة والبطالة- تهيمن على انتخابات موريتانيا | #مر




.. فرنسا.. إنها الحرب الأهلية!