الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، يشرح مواقفه بخصوص البوليساريو، الجزائر، الحكم الذاتي، الاشتراكيين الإسبان..

مصطفى عنترة

2006 / 4 / 30
مقابلات و حوارات


اعتبر إدريس البصري، وزير الدولة والداخلية الأسبق، أن المواقف التي عبر عنها في حواره الأخير مع جريدة "لاراثون" الإسبانية حول بعض القضايا الحساسة المتمثلة في الصحراء، الجزائر، البوليساريو.. تم تحريف مضامينها وتأويل مدلولها من قبل جهات داخل المغرب وصفها بالمسخرة سياسيا من أجل طمس الحقائق وضرب موقعه والنيل من علاقته الوطيدة مع الملك محمد السادس. في الحوار التالي يحاول البصري توضيح مواقفه حول بعض القضايا التي وقع تحريف مضامينها وشكلت موضوع مزايدات سياسية وإعلامية من قبل خصومه ومن يدور في فلكهم، وفي ما يلي نص الحوار:

ـ تقابل المواقف السياسية لإدريس البصري بردود فعل مختلفة سواء داخل الوطن أو خارجه خاصة لدى وسائل الإعلام الجزائرية أو الإسبانية أو التابعة لجبهة البوليساريو، كيف تفسرون ردود الفعل هذه؟
كما لا يخفى على أحد أنني كنت أتحمل مجموعة من المهام في عهد الراحل الحسن الثاني، وقد أديت هذه المهام والمسؤوليات التي اطلعت بها بكل جدية ونزاهة وإخلاص يشهد به الأعداء قبل الأصدقاء، زد على ذلك أنني لعبت دورا كبيرا في الحياة السياسية المغربية طيلة ثلاثة عقود، حيث شاركت خلال هذه الحقبة الزمنية من تاريخ المغرب الحديث في إدارة شؤون البلاد إلى جانب المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني. وبالتالي فإن هذا الرصيد الغني والمليء بالتجارب والأحداث التي عايشتها عن قرب إلى جانب الراحل الحسن الثاني، باني المغرب الحديث، يجعل الرأي العام الوطني والدولي يولي اهتماما كبيرا للآراء والتصريحات التي أدلي بها لوسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، ولا شك أن المحلل الموضوعي والمحايد يرى أن هذا شيء طبيعي.
أما فيما يخص الظرفية التي أعطي فيها تصريحات أو أبدي فيها رأيي فإنها تكون مرتبطة إما بأحداث تهم وطني الحبيب أو لها علاقة بالأوضاع الدولية التي تدخل في صميم اهتماماتي كرجل سياسة قضى أكثر من ربع قرن في تحمل المسؤولية في بلد حافل بالأحداث السياسية وكان أحد الفاعلين الأساسيين على الصعيد الدولي. لكن الشيء الأكيد أن جميع تدخلاتي تتسم بالموضوعية وعدم تزييف الحقائق والابتعاد عن لغة الخشب التي يركبها اليوم من كانوا يضعون أنفسهم في خانة المناضلين..!! كما أن المصداقية التي تحظى بها جميع تصريحاتي مردها إلى كوني أقوم بعملية رصد لكل الأحداث أو ما يتعلق منها بالقرارات التي تتخذ سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، ولا يتحكم في تدخلاتي قط عنصر الدوائر الداخلية أو الخارجية أو أي جهة كانت، وهذه أمور يعرف الخاص والعام.
أما ما تكتبه الصحف الجزائرية أو الإسبانية أو الفرنسية أو غيرها من المنابر الإعلامية التي تلاحقني دوما من أجل معرفة رأيي في بعض الأحداث الوطنية والدولية ـ بخلاف بعض الصحف المسخرة في المغرب ـ هو متطابق مع المعطيات السياسية والدبلوماسية ويصب في صلب الموضوع، وهذا شيء أعتز به لأنه يتابع الأحداث ويرجعها إلى معطياتها الدقيقة. فمثلا رد فعل الجرائد الجزائرية وكذا رد فعل وسائل إعلام جبهة البوليساريو، على سبيل المثال لا الحصر، هي بالتأكيد تعبير صادق عن حقيقة وجدية تصريحاتي.
أما فيما يخص ردود فعل بعض الصحف المسخرة من طرف جهات معينة لا أريد أن أذكرها بالاسم، لأني لا أوليها أي اهتمام يذكر، حيث تبين يوما عن يوم أن بعض المسؤولين الذين كانوا يحسبون أنفسهم مناضلين من أجل قضايا الشعب والوطن أصبحوا الآن مجرد أدوات يخجل من سلوكاتها وتصرفاتها، لأن أحدهم أصبح كريشة في مهب الريح طائشة، قبل أن يتحول إلى مجرد مسخر كـ"شاوش" أو ساعي البريد..
أما فيما يتعلق بالمحاكمات أو التهديد بها أو ما يشبه ذلك أو ما يفبرك من دسائس، فإنني أقول من هذا المنبر بأن إدريس البصري يؤمن بقضايا المملكة وأن رأيه ثابت لا تهزه الرياح.. وبالتالي، لا تهمني مثل هذه الأضاليل والافتراءات، لأنها في الحقيقة مجرد سحب عابرة تريد تغطية الحقائق بالغربال، وهي كذلك إنها لن تصمد كثيرا أمام سيل الحقيقة الجارف.

ـ يظهر أن إدريس البصري لا زال متشبثا بالاستفتاء في الصحراء كحل للنزاع في هذه المنطقة في الوقت الذي نجد فيه المجتمع الدولي يبحث عن حل سياسي متفاوض بشأنه، هل إدريس البصري يغرد خارج السرب؟
إن اختيار الحل السياسي لفض النزاع في قضية الصحراء هو في حد ذاته قمة الحل السياسي والديبلوماسي والاستراتيجي.
والحل الذي يأتي باحترام تقرير المصير هو حل سياسي في أقصى درجة وأعتبره أنه حل جدري للمشكل ويضمن للمغرب صحراءه وأراضيه وأي حل أخر كالذي نسميه الحكم الذاتي الذي يسعى له الغير ويكون ضمن تدخلات خارجية هو بمثابة قنبلة موقوتة تهدد المغرب وتهدد وحدته الترابية والبشرية والوطنية وهذا هو الأمر الحقيقي الذي يسير في اتجاهه الموقف المغربي على وجه الخصوص. وبما أنني اشتغلت مع الملك الحسن الثاني وبالتالي فإني على دراية بالحل الذي كان يصبو إليه والمتمثل في مغرب قوي وموحد ومتشبث بعروبته وإسلامه.. ومن هذا المنطلق لن أغير موقفي كما يغيره المسخرون الذين كانوا بالأمس يصفقون لحلول أخرى وأصبحوا اليوم يعبرون عن رأي آخر.

ـ لكن ما نعلمه أن الراحل الحسن الثاني كان يقول بأن جميع الأمور يمكن التفاوض بشأنها باستثناء العملة الوطنية والعلم الوطني والتنبر، ألا ترون بأن أقوال الراحل كانت تصب في خانة الحكم الذاتي؟

جلالة الملك كان دائما في عمله وتصرفاته الدبلوماسية ومواقفه يستعمل الرموز. الآن من يضمن لنا بأن ما كان يعتبره جلالة الملك سيكون ذلك مثل العلم والدرهم والتنبر. وكان جلالته يعبر عن هذه الأمور في إطار موقف مغربي مغربي. أما إخضاع هذه الرموز (العلم والتنبر..) لضمانات دولية فهذا هو المشكل عينه.

ـ وصفتم في استجوابكم الأخير لصحيفة "لا راثون" أثناء زيارتكم لإسبانيا، البوليساريو بـ "النزهاء"، ما تقصدون من كلامكم هذا؟
الذين انتقدوا تصريحاتي التي وردت في الجريدة الإسبانية، لم يطلعوا ويستوعبوا ما قلته في حق البوليساريو بكونهم نـزهاء، فهم مجموعة من المسخرين سياسيا ولهم معرفة محدودة وضيقة بالمواقف السياسية والاستراتيجية. قد يمكن أن يكون البوليساريو خصم ضد وحدتنا الترابية، لكنه خصم يتوفر على خصائص يجب احترامها ومراعاتها، ولا بد من إعطائها حقها ووزنها في إيجاد حل لقضية الصحراء.. وهذا ما كنت أعنيه في جوابي.

ـ وهل صحيح أن البوليساريو لم يشهد تورطه عبر التاريخ في منظمات إرهابية؟
هذا اتهام وكلام وأقوال نابعة من بعض الأوساط التي تريد أن تقلل من إرادة إخواننا في البوليساريو وإلصاق تلك التهم بهم، وهو عمل ليس له غد. العالم يعرف اليوم من هو الإرهابي ومن يعمل في إطار العمل السياسي والاستراتيجي المحض.

ـ ساد تفاؤل لدى المغاربة بعد صعود الاشتراكيين إلى الحكم في إسبانيا بخصوص الإسراع بإيجاد حل لقضية الصحراء خاصة بعد التقارب الذي حصل بين النظام السياسي والحزب الاشتراكي العمالي بقيادة تاباتيرو، في نظركم لما لم يتغير الموقف الإسباني لصالح الرباط؟
أتأسف لكونهم لم يعطوا للمواقف الإسبانية مدلولها الحقيقي، حيث أن إسبانيا لم ولن تغير موقفها من مشكل الصحراء، وكل ما أتى من اليمين واليسار في مشكل إسبانيا ما هو إلا مراوغات سياسية. وأعتقد شخصيا أن الاشتراكيين في مدريد هم خصوم لوحدة المغرب ونظامه السياسي ولوحدته الترابية. تصريحات الدبلوماسية الإسبانية لا تعتريها البلادة والسذاجة كما هو حال بعض الأوساط المغربية.

ـ اطلعتم دون شك على مضمون المحضر الذي نشرته أسبوعية "لوجورنال ما غازين" حول الاجتماع الذي عقد بالمغرب مع قادة من البوليساريو بحضور كم رفقة ولي العهد آنذاك، هل تتفقون مع مضامين المحضر علما أن هناك من يتهمكم بأنكم كنتم وراء تسريب المحضر إلى الأسبوعية المذكورة؟
عندما طرح سؤال من طرف جرائد وطنية وأخرى حول فحوى الاجتماع المذكور فإنني أقول بأن ما جاء في المحضر فيه أخذ ورد، وفي رأيي أن من اتهمني هم بعض المسخرين الذين أصبحوا، اليوم، يعملون مع أقل من المخازنية، وهم من قال إن إدريس البصري هو الذي أوصى بتسريب هذا المحضر. وأريد عبر هذا المنبر أن أؤكد للرأي العام الداخلي والخارجي بأن إدريس البصري رجل وطني ورجل دولة، مر من جميع المراحل واحتك بجانب الراحل الحسن الثاني ونال ثقته لأزيد من 30 سنة، وبالتالي فإنني لا يسعني إلا أن أستقبل مثل هذه الاتهامات بالسخرية وأصفها بالازدراء وما شابه ذلك.
وأريد أن أعبر أيضا للرأي العام الوطني والدولي بأن الاجتماع الذي حضره ولي العهد الذي أصبح اليوم ملكا للبلاد لم يحرر فيه أي محضر، وجلالة الملك شاهد على ذلك. وكيف يكون التسريب في موضوع المحضر غير الموجود أصلا، وهنا تظهر النية المبيتة والرغبة في التوظيف السياسوي..، بل هناك أشخاص لا يريدون توريط البصري بقدر ما يريدون توريط جلالة الملك محمد السادس، حيث أنه إذا سرب البصري محضر فلا يمكن أن يكون إلا بموافقة جلالته.


ـ مع التطورات الأخيرة ورفع البوليساريو على لسان زعيمها للغة التهديد بالعودة إلى رفع السلاح في وجه المغرب من جديد، في نظركم هل يمكن لأصدقاء محمد عبد العزيز أن ينفذوا تهديداتهم؟
إن تخوفي أكثر من ذلك، ومرده أن اشتعال النار في الصحراء( إذا كان هناك اندلاع حرب) سيكون أوسع مما يقوله البوليساريو. فمساحة الحرب ستكون شاسعة وأبعادها ستتجاوز بكثير أطراف المنطقة لتمتد إلى أطراف أخرى.

ـ على ذكر الجارة الجزائر، صرح خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراوية، بأن النزاع حول قضية الصحراء هو مغربي مغربي، ما رأيكم في ذلك؟
ـ (ضاحكا) الحديث الذي يقول بأن النزاع في الصحراء هو مغربي مغربي، وهنا أطرح السؤال: لماذا لا يكون الحل مغربيا مغربيا صرفا.
وبالتالي، فإنني أقول بأنه إذا كان المشكل مغربي مغربي فيتوجب أن يكون الحل إلا مغربيا. والجدير بالذكر أن المشكل طرح في 67 أمام منظمة الأمم المتحدة، كما طرح بعد ذلك على منظمة الوحدة الإفريقية وبعض الهيئات الدولية الأخرى الذين أجمعوا كلهم على القرار المتمثل في كون أن أي تسوية لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار مبدأ حق تقرير المصير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية