الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب ما بين استبداد السلف والخلف

خالد حسن يوسف

2019 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


إشكالية الحكام العرب أنهم لم يعدلوا في ظل الدولة الوطنية القطرية الحديثة،والتي نشأت بعد مرحلة الوجود الأجنبي الغربي،إذ بإسم شرعية الاستقلال والثورة أخذ الحكام الجدد منزلة سابقيهم الأجانب.

كان مبرر رفض الاحتلال الأجنبي من منظور أنه قمع إرادة الشعوب العربية،الدافع لثورة على الاستعمار والسعي للاستقلال السياسي عنه،إلا أن ما حدث هو أن القوى السياسية المحلية وفي صدارتهم الحكام،استمروا على منحى رموز الاحتلال الخارجي.

ما حدث انحصر في تغيير الوجوه واستمرار النهج ذاته،وبرز مبرر أن أولوية حماية الاستقلال والثورة يسبق قضية الديمقراطية والشفافية الحكم،فالصراع العربي-الإسرائيلي أخذ حيزا من ذلك التبرير إلى جانب ترويج أن حماية البلاد من المؤامرات والتدخل الخارجي الذي يعد امتداد للاستعمار يمثل عائقا أمام الديمقراطية والتي تم ركنها جانبا إلى حين غير معلوم.

وهكذا بدأ تغول الأنظمة العربية منذ بدايات نشأتها والتي تزامنت مع الاستقلال،لم يتم أي عقد سياسي مشروع وواضح الملامح بين تلك المنظومة وشعوبها،وضعت دساتير حرصت على دور الحكام وصلاحياتهم السياسية،بينما لم يتم تكريس ترجمتها في واقع الحياة،وبذلك اختزل الوطن في ذات الحاكم،أما المواطن فأصبح جزء من إرادة المسيطر وأداة له.

وفي هذا الإطار يمكن قراءة شعارات ثلاثية الله،الحاكم،الوطن،بينما لا يشار صراحتا عن موقع المواطن منها،وبحكم أن الغالبية من سكان الدول العربية مسلمين تم تفعيل الخطاب الديني الذي يكرس استبداد الحكام،والقاضي بعدم الخروج عليهم،أما تشبتهم في الحكم فهو على سياق حرص الخلفاء الصحابة لبقائهم كحكام.

ففي صدر الإسلام ظل الخلفاء حريصين على الاستمرار في الحكم على غرار حكام الدول العربية الحديثة أو المعاصرة،أساليب بلوغهم السلطة لا تختلف في مضمونها كثيرا،فالصحابة نالوا الأمر بإسم الدين وضرورة قيادة المسلمين وأنهم امتداد لنبي محمد بن عبدالله،وأنهم يمثلون كبار القوم في أوساط المسلمين،في حين رأى الحكام العرب أنهم بلغوا منزلتهم السياسية بفعل الثورة على المستعمر أو وراثة سلفهم من الثوار الحاكمين،ورأوا أنهم يمثلون امتدادا لهم.

ما هو مؤكد أن كلا الفريقين وصل إلى الحكم من خلال مشروعية بنية سياسية سبقت الجاهلية والاحتلال الأجنبي،وانطلاقا من مفاهيمها،إلا أن ذلك لا ينفي أن هناك مأخذ على الفريقين في كيفية أساليب بلوغ الحكم والاستمرار من خلاله،ففي ظل الخلافة كان هناك نزاع واضح على الآلية التي وصل عبرها الخلفاء.

لقد كان ذلك على الصعيد الشعبي أو في إطار رؤى النخب السياسية القائمة آنذاك،ولم تغيب صراعات سبقت الاسلام ذلك المشهد العام،وهو ما يشمل حكام الدولة الوطنية والذين انطلقوا من خلفيات صراعات تراوحت ما بين تنافسها على خلافة المستعمر أو بفعل البعد الجهوي أو الإيديولوجي.

وبطبيعة الحال لم يحرص كلا الفريقين على تكريس عقد سياسي واضح وشفاف بشأن آلية الحكم وفلسفته السياسية،في مقابل تاكيدهم على دورهم في الدعوة الإسلامية أو النضال في ظل الدولة الوطنية واستقلالها.

ولم يستوعبوا أن الدين والثورة لا يمثلان مشروعية للحكم،وأن الحاجة تقتضي وجود عقد اجتماعي يتجاوز تلك ادبياتهم لصالح المواطنة ومقتضيات المرحلة،لاسيما وأن التجربتين ذات صلة بتيار واسع من المواطنيين الذين لا يعتقدون بالدين الإسلامي أو بالنظريات الفلسفية اليسارية والقومية التي فرضت بدورها على الشعوب.

ناهيك عن اختلافهم في إطار التأويل الديني والفقهي والفلسفي،وهو ما جسد الصراعات السياسية التي رافقت حكمهم،وفي المحصلة فقد حكموا وفق اجتهادهم السياسي،وليس وفقا لمنظومة عقد سياسي.

وتلك نقطة التمايز والاختلاف بين العرب سابقا وأقرانهم في الحاضر مقارنة مع التجارب الغربية المعاصرة،والتي تستند إلى عقد متعارف عليه وغيرقابل لتأويل،ووجود أدوات لتفعيله على الصعيد العام.

لدى فإن إحترام الدساتير قائم ما بين الحاكم والمحكوم معا،لذلك فإن إمكانية قتلهم والثورة عليهم ليست واردة،بينما تمثل مشهد جامع لاطار فريقي الإسلام السلفي والمعاصر العروبي،وفي حين استفاد الغرب من التجارب التاريخية لاسلافهم في الحكم،أخفقت النخب في الدول العربية في إلاسترشاد بالنهج الدستوري الديمقراطي.

وانطلاقا من ذلك كان مقتل عمر بن الخطاب،عثمان بن عفان،علي بن أبي طالب،حسن بن علي بن أبي طالب،الأمين بن هارون الرشيد،عبدالكريم قاسم، معمر القذافي،علي عبدالله صالح،لذلك سيظل تعزيز الديمقراطية وتكريس العدالة الواقع الأكثر تحديا للمنظومة السياسية العربية، وفي الماضي فإن ذلك لم يمنح لكل المكونات التي اندرجت في إطار الدولة الاسلامية ومنهم غير المسلمين.

ولا يجوز تصنيف مواطنيين في مستوى أدنى حقوقيا من غيرهم لمجرد اختلافهم في الدين عن المسلمين،فالدين الاسلامي لمعتقديه ولا يعني عموم سكان الدولة،والأخيرة عليها رعاية سكانها بصورة واحدة وعدم التمييز بينهم انطلاقا من اديانهم واجناسهم ومكانتهم الطبقية كما حدث في تجربة الخلفاء والقوميين العرب،حيث أن الأخيرين بدورهم عملوا بتركة السلف والتي أصبحت كجزء من منظومة تشريعاتهم.

وفي ظل قضايا العدالة الاجتماعية لم يكن السلف والخلف معا عادلين تجاهها،ويشمل ذلك واقع الحريات،كلا التجربتين كانتا دموية توسعية وشوفينية على حساب أراضي شعوب أخرى بإسم الدين والقومية العربية، عدالة عمر صرفت المعاشات لبعض الصحابة،الهاشميين والقريشيين،بينما لم يكن يمنح شيئ لتيار العام من المسلمين.

المسيحيين في بلادهم التي حكمتها الخلافة كانوا يمنعون من ركوب الدابة لأجل إذلالهم،خيرات البلاد التي احتلتها الخلافة كانت تستخدم من قبل المسلمين،بينما المسيحيين كانوا يحكمون في بلادهم.

عين في بلاد الشام معاوية بن أبي سفيان،الذي تصرف في مواردهم,وفي عهد عثمان بن عفان حينما تراجعت موارد البلاد المحتلة،إنتهى الأمر إلى الثورة على الخليفة عثمان.

عمر بن الخطاب كرس نظام العبودية وقسم الناس إلى أحرار وعبيد،لم يجد حرجا في سفور النساء العبيد،لكونه لم يكن يراهن ككائنات بشرية مسلمة،في حين أن الاسلام لم يميز بين حشمة مسلمة وأخرى,والحديث بصدد ذلك يطول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المدعو عمر ابن الخطاب
محمد البدري ( 2019 / 4 / 21 - 10:28 )
شكرا لهذه المقالة المكثفة عن الاستبداد واصوله
تواجد الاستبداد ضمن جميع السلوك السياسي شرقا وغربا لكن الاستبداد العربي اختلف بشكل جذري عنهم جميعا كونه متجذر ومكون اساسي في ثقافة ما يسمي بالعرب. فالثروة عندهم مما ينهبوه تحت سطوة الاسلام وبتعاليمه والحكم عندهم هو ما ياخذوه عنوة بالغزو. فذلك المدعو عمر ابن الخطاب اطلقوا عليه العالدل لانه قسم ما جري نهبه من الشعوب خارج نطاق جزيرة البدو العرب علي اهل قريش ويثرب وقتلوا عثمان خايفته في نظام الخلافة - النهب والسرقة - لانه آثر بنو امية بها دون الباقي. فكل السلوكيات عند هذه الاقوام اسسها الاسلام وكل ما اتي به الخلفاء بل ونبي الاسلام سوي تطبيق لهذا الدين باعتباره صورة حقيقية لثقافة البداوة العربية

تحياتي

اخر الافلام

.. المئات يفرّون من مناطق القتال في منطقة خاركيف وسط تقدم روسي


.. تقارير إسرائيلية: حزب الله يحضر لخوض حرب ضد إسرائيل قبل عام 




.. مدير مستشفى الكويت في رفح يطالب بحماية دولية بعد مطالبة الاح


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - إسرائيل تؤكد تنظيم حماس قواتها في




.. تحقيق يكشف غياب حدود واضحة لما سمته قوات الاحتلال المنطقة ال