الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منذ متى بدأ فساد الدولة الفلسطينية

حازم العظمة

2006 / 4 / 30
القضية الفلسطينية


منذ متى بدأ فساد الدولة الفلسطينية...من قبل أن تولد ...
، منذ أن نشأت حركة المقاومة أو بعد إنشائها بلحظات ، الرهان كان كيف يمكن إفساد المقاومة الفلسطينية عن طريق "دعمها" ..

أطراف عديدة في مقدمتها إسرائيل بطبيعة الحال ، تبحث عن السياسة الأجدى في إضعاف المقاومة وصولاً إلى إنهائها أو تحجيمها نهائياً و ليس بالضرورة عن طريق الحرب

، ثمة طرق أخرى الإسرائيليون ما رسوها– بإتقان على كل حال- في هذا الإتجاه.. ، أعقد من مجرد شن الحروب و الغارات ..

الأمريكان أيضاً حاولوا " احتواء" المقاومة و بأساليب عديدة منها التمويل ، على الأقل في مرحلة نشوء " السلطة".. و مازالوا ، الإسهام الأمريكي حالياً و النفوذ الأمريكي داخل السلطة الفلسطينية يبدو غرائبياً ، من دولة بدون مواربة كانت و ما تزال تكافح الوجود الفلسطيني و الحقوق الفلسطينية بصورة منهجية ، مثلها مثل إسرائيل ..

الموالين لأمريكا بين الفلسطيين استخدموا نفس الخطاب الذي استخدمه السادات ، ومن بعده مبارك في تبرير تبعيتهم : من يستطيع مقاومة أمريكا ...
ثمة أجوبة عديدة على هذا السؤال "الساذج" ... ( من يستطيع مقاومة أمريكا .. ) أقربها مثالاً للفلسطيين جنوب أفريقيا ...

عند ممالك و شيوخ الإمارت النفطية كانت الطريقة منذ البداية واضحة ، منذ أن نشأت حركة المقاومة ، المقاومة بالنسبة لهم كانت تشكل تهديداً جدياً ، لأسباب عديدة ،قد لا تحتاج إلى تفسير ...

، فبالنسبة لهذه المشيخات و البنسبة لهؤلاء الشيوخ ، الطريقة بسيطة و تكاد تكون بديهية : أياً كان حين يشكل "إزعاجاً" ما ثمة طريقتان للتعامل معه أي لـ "إسكاته "، ليس من طرق غيرها ، إما قتله أو شرائه...

"الشراء" أو "الرشوة" ليست الكلمات المناسبة حسب هؤلاء .. فهي ليست " شراء" و لا "رشوة " ، هي " أعطية" و " عطاء" و هي "منة " و "مكرُمة" ، و الفعل المستعمل هنا – بتلك العامية- : ننطيه ، و ننطيك ، و ننطيتش .. إلى آخر ذلك ... ، و لها ذلك التأثير "السحري" ...

و الذين زاروا هذه الممالك في الخمسينات و في الستينات و قبلها يعرفون أن أي أحد ، على أن يمثل "وجاهة" ما ، كان لا يعود من زيارة السعودية ، مثلاً ، بدون هدية ما ، من الذهب الخالص مثلاً ، ساعة ذهبية على الأقل ،عليها صورة الملك ، صنعت في سويسرا ...

و العطاء هذا يتضمن ضمنياً ، أو صراحة ، شراء " الولاء" ، و لكنه يتضمن أكثر من ذلك :الإزدراء الذي يرافقه و يتبعه ، و يتضمن تحديداً " ملموساً" لـ" المراتب" و لـ "الطبقات " في نظام المشيخة البطريركي هذا ..

نعم ثمة من كان يأخذ الأعطيات و يحتفظ بنفسه للإزدراء ، بصورة سرية على الأقل ، إزدرائه هو للشيخ و الملك و للمملكة نفسها ، مثل لورانس المكنى بـ " العرب "...

فهذا ، مثلاً ، كان يحتفظ لنفسه بالإثنين : الأعطية و الإزدراء معاً ... و حتى بالولاء... ، فلأنه ينتمي إلى الإمبراطورية التي " لا تغيب عنها الشمس "حين ذاك ، كان من نصيبه الولاء أيضاً ( الولاء له في هذه الحالة... و للإمبراطورية ) ..، هكذا كان يتمتع إلى أقصى حد بشعور التفوق ، الشعور الذي كان يدفعه في كل ما يفعل ، شعور بالتفوق و التميز العرقي ... و لكن على هؤلاء " المشايخ " و ملوكهم ...

نظام " الأعطيات" هذا – أي الإفساد المنظم- فيما يتعلق بالفلسطينيين ، كان دائماً ممهوراً بالموافقة بل و المباركة الأمريكية بشكل خاص ، مورس بسخاء على منظمة التحرير الفلسطينية ... ، الخيار الآخر اي "القتل" كان مستحيلاً على الأقل في تلك اللحظة ...

، النتيجة هي أن فساد هذه " الدولة"،الفساد السياسي و ليس المالي فحسب، قد تأسس منذ زمن بعيد .. فمن يدفع لك عليك أن " تدلله" و أن" ترفع رايته" و أن "تضرب بسيفه" ... على الأقل أن تسكت عنه ...

النتيجة هي أن فساد هذه " الدولة نشأ منذ أن أصبحت لقادة منظمات المقاومة و منظمة التحرير أرصدة خرافية في البنوك... منذ أيام لبنان و قبلها ...

في النهاية أصبحنا في الوضع الحالي ... ، الوضع الحالي هو أن أجهزة " السلطة" الفلسطينية تمارس " الخوّات" و " الإبتزاز" و " الأعمال التجارية" و " إدارة" شركات تهريب( بما في ذلك تهريب الإسمنت لبناء الجدار .. ) ...

و أن القادة هؤلاء- بعضهم لا شك - صاروا يستعملون هذه الأرصدة ، هم بدورهم، في شراء الولاءات و تدمير المعارضين و إسكاتهم ... بإعطاء "الإمتيازات" أو وقفها ، بتخصيص " الأرصدة" أو إنتزاعها .. و في التصرف بالرواتب .. بإعطائها أو زيادتها أو في وقفها ، هكذا أصبح ثلث الشعب الفلسطيني ، عن طريق نظام "الحصص" و " المحاصصات" ، موظفاً في "الدولة " بدون وظيفة حقيقية...

نفس نظام الهبات ، و إعادة توزيع الهبات ، كان أيضاً في أساس ، أحد أساسات، صعود "حماس" منذ آخر الثمانينات ، و المصدر هو نفسه : المشيخات النفطية ... و تبرعات المسلمين الأثرياء، و أحياناً البسطاء .. من أجل " الجهاد" ... و يأخذ شكل " نشاط إجتماعي " و نشاط خيري " و إحسان و زكاة و غير ذلك ..

إسرائيل سعت بشكل منهجي لتدمير كل نشاط إنتاجي للفلسطيين مهما كان بسيطاً ، سياسة توظيف "الموالين" بالجملة أضافت إسهاماً " وطنياً " لسياسة الإرتهان هذه ...

،حوالي 40% من الفلسطيين ، أو ربما أكثر ، أصبحوا يعتمدون في معيشتهم على الرواتب من السلطة الفلسطينية أو من المنظمات ، هكذا أصبح الشعب الفلسطيني رهينة الإسرائيليين الذين يسمحون أو لا يسمحون بمرور المساعدات المالية من جهات شتى ... .. و كذلك الرواتب، و بالتالي التهديد بالتجويع لشعب لا يكاد ينتج شيئاً... سوى المتشددين و الملثمين و المتزمتين ...

في رعاية الفساد و حمايته دائماً الحجة - الذريعة هي أننا في وضع " عرفي".. أي أنه بسبب "القضية"..، و حسب ما تقتضي الحال في كل مرة .. ، تماماً كما تستخدم الأنظمة العربية " قانون الطوارىء" و " الأحكام العرفية" في حماية فسادها هي ... و غالباً بحجة القضية نفسها ، أي فلسطين ....
منذ أربعين عاماً و نحن في " حالة" طوارىء ..." بسبب" فلسطين ..

، بالنتيجة " الدولة " الفلسطينية أصبحت في وضع فاسد تماماً يشبهه فساد كل الدول- الأنظمة العربية ... ، حتى قبل أن تصبح ثمة " دولة" ...
الرهان على تمويل حماس ، و الدعاية لها ، و دعمها بطرق شتى كان يؤهب للحظة الراهنة .. إسرائيل اشتركت بل ربما كان لها الإسهام الأكبر في صعود " حماس".. عن طريق" الدعاية السوداء"
مبدأ الدعاية السوداء بسيط للغاية و يمارس بنجاح أكبر على البسطاء : إذا شتمك العدو و هاجمك فأنت الوطني و أنت الحقّ ... بهذه الطريقة منذ أول الثمانينات لم تتوقف إسرائيل يوماً واحداً عن الدعاية لـ"حماس" ... كان هذا خياراً استراتيجياً ...

في اللحظة الراهنة يستخدم صعود حماس إلى السلطة ذريعة لتصفية الحقوق الفلسطينية بالجملة ، بما في ذلك وضع حدود نهائية لإسرائيل تلتهم أجزاء واسعة من الضفة الغربية ، بما في ذلك القدس .. ، و يُستخدم ذريعة لتجويع الشعب الفلسطيني و حصاره وصولا إلى إخضاعه...

تصويت الشعب بالأغلبية في الإنتخابات لـ "حماس" كان أحد أهم أ سبابه تسيب السلطة و فسادها ، و لكن حين تصبح " حماس" الوريث لهذا النظام ألا ترث معه نظام الفساد هذا ... ، ألم يكن " التدين" .. و ما يرافقه من " ورع" .. ألم يكن هو نفسه غطاءً ، أو كان دائما غطاء أمثل للفساد ... و للتسلط ... ، على طريقة المشيخات النفطية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب