الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في «بالخلاص يا شباب!»

ضيا اسكندر

2019 / 4 / 23
الادب والفن


«بالخلاص يا شباب!» (16 عاماً في السجون السورية) للكاتب ياسين الحاج صالح.
تزخر سورية بكتّاب "أدب السجون" منها ما نُشِر، ومنها من ينتظر الظرف الأمني المناسب في قادمات الأيام. نادراً مَن انخرط في صفوف أحزابٍ معارضة ولم تستضفْه السلطات المختصة في أقبيتها زمناً مهدوراً تقدّره هي. وهذا الكتاب الذي خطّه كاتبه بمراحل متفرّقة إبّان اعتقاله وبعد إطلاق سراحه (انطباعات، مقالات، حوارات..)، كتابٌ سلس رغم ما يتضمّنه من مواجع وتفاصيل رهيبة، فهو يتذكّر الأحداث الفظيعة والحرمانات المروّعة دون انفعالٍ قويّ. يكشف جوانبَ من حياة المعتقلين السياسيين أيام الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم. العصر الذهبي للمخبرين وكتّاب التقارير. زمن المسيرات الشعبية "العفوية" المذلّة والاستفتاء وبرقيات الدم وصعود الوضعاء.. هذا الزمن البغيض الذي لا يصون المرء بقاءه فيه إلا إذا تخلّى عن كرامته.
الكتاب لا يقتصر على الذكريات الأليمة وحسب، بل إنه يتطرّق إلى "فوائد السجن" لجهة ذخيرة المعتقل الثقافية والمعرفية التي اكتسبها من خلال قراءة الكتب – بالتأكيد الإسلاميون غير مشمولين بهذا الامتياز بسبب ما عانوه من حرمان القراءة. كما يعرّج الكاتب إلى الكثير من المفاهيم الحياتية والاجتماعية والسيكولوجية للفرد (تجربة ما بعد الخروج؛ من يحنّ إلى السجن بعد خروجه، ومن يتأقلم سريعا مع حياته الجديدة وتصبح ذكريات السجن لديه باهتة ويكفّ عن كونه سجين سابق، من تتغيّر قناعاته قليلاً أو جذرياً، الزواج، تدبير المعيشة..)

ولعلّ أصعب ما في تجربة الكاتب هو اعتقاله مع أخويه. ولنا أن نقدّر آلام والدتهم المفجوعة بغياب أولادها الثلاثة سنين طويلة عن ناظريها، والتي توفّيت قبل أن تكتحل عيناها برؤيتهم.
لقد شدّني هذا الكتاب لأنني عشت تجربة مماثلة لتجربة (ياسين) ولكن ليس بعدد سنوات سجنه ولا بأماكنها. فقد اكتفت السلطة باعتقالي قرابة العامين في فروعها الأمنية والتي ربما تعادل بقسوتها سنوات مريرة في السجون العادية.
«بالخلاص يا شباب» لازمة يرددها المعتقلون بعد كل وجبة طعام، أو الفراغ من شرب كأس شاي.. يومياً ولسنوات طويلة. حتى صارت عادةً وتقليداً مثلها مثل التحية اليومية لمن تلقاهم. فارتأى الكاتب هذه العبارة عنواناً لكتابه.
من أجواء الكتاب:«رفْعُ الرأس محرّمٌ في السجن إلا في حالة واحدة، حين يجري صفع أحدنا على وجهه. سيكون عدواناً رهيباً على حضرات الرقباء الأولين أن يحاول أحدنا خفض رأسه بينما هو يُصفَع، أو أن يفكر بحماية وجهه بيديه.»

«لقد مضى وقت بشع على هذا البلد كانت فيه المتاجرة بمعلومة عن حياة ابن أو زوج تغمّده سجن تدمر، تباع بمئات ألوف الليرات وبحليّ أمهات السجناء وزوجاتهم. لا أعرف جريمة أكبر من هذه الجريمة. ولا حتى إعدام ألوف بأحكام صادرة عن قضاة معدومي الضمير في محاكم ميدانية.»

«القاعدة العرفية للسجن العرفي: اعمل لسجنك كأنك مسجونٌ أبداً، واعمل لحرّيتك كأنك مطلق السراح غداً»








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الغناء في الأفراح.. حلال على الحوثيين.. حرام على ا


.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب




.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ


.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش




.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا