الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نلوم الجيوش في كلّ مرّة؟

الأسعد بنرحومة

2019 / 4 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


عندما انطلق الربيع العربي من تونس شهدت الدولة في أيامها الأولى تفكّكا ، وهروب رأس السلطة حينها الرئيس بن علي وباقي الطغمة الفاسدة التي معه أحدث فراغا سياسيا لم تعهده البلاد.
ورغم قدرة الجيش حينها على الاستفراد بالسلطة ودون أن ينازعه عليها أحد وخاصة مع تلك السمعة الحسنة التي كسبها خلال الأحداث، الّا أنّه مع ذلك لم يفعل ، بل كان الجيش هو الحامي الفعلي للدولة من السقوط النهائي ، وهو الضامن لانتقال السلطة الى جهة سياسية دون الوقوع في حكم العسكر، ورسا الحكم في الأوّل عند محمد الغنوشي ثم عند فؤاد المبزع والباجي قايد السبسي حتى انتخابات أكتوبر2013.
هذا المشهد تكرّر فيما بعد في مصر حتى سقوط الرئيس المنتخب المرسي وصعود عبد الفتّاح السيسي.
اليوم ، ومع انطلاق أحداث الجزائر والسودان ،نفس المشهد يتكرر ، ففي الجزائر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يستقيل ، والجيش يستلم الحكم ويتعهد بفترة انتقالية قبل تسليمه الى السياسيين، وفي السودان الجيش يسقط الرئيس عمر البشير ويتولى الحكم لفترة انتقالية قبل تسليمه لحكومة سياسية منتخبة.
ويعوّد كثيرون على القاء اللوم على الجيش وتحميله المسؤولية في استمرار الفساد والمنظومة القديمة، ويلومون عليه في امتناعه عن تسليمه لجهة مخلصة أمينة تنهي الفساد وتبني لدولة قوية سليمة على أسس صحيحة.
والحقيقة أنّ هؤلاء الذين يلومون على الجيش وعلى قياداته مخطئون ، اذ من الطبيعي أنّ الجيش وفي كل بقاع العالم هو حامي النظام والضامن لمنع الفوضى وسقوط الدولة، ومتى سقط حاكم فمن الطبيعي أيضا أن يجد الجيش نفسه في قلب السلطة يتولّاها الى حين تسليمها لمن يرى أنّه الأنسب أو الأصلح أو حسب ما يمليه الواقع.
فالمشكلة لا تكمن في الجيش بالمرّة ولا في القيادات العسكرية ، بل انّ الواقع الذي عشناه سواء في تونس سابقا أو في الجزائر والسودان اليوم يكشف أنّ المشكل الحقيقي يكمن في غياب القيادة السياسية في الأمة أو في الشعب، ولا نقصد بذلك غياب وجودها حتى لا يتّهمنا البعض بتخوين الجميع، وانّما نعني غياب تأثيرها في الوسط والواقع ، وغياب قدرتها على توجيه الشارع والتحكم فيه ، فوجودها ان وجدت هو فقط وجود حضوري اسما ، وليس وجود فعلي نتج عن تفاعل وعن عمل واع.
ومادام المجتمع خال من القيادة السياسية الواعية والفاعلة ، فمن الطبيعي حينها أن لا يجد الجيش بدّا الّا بتسليم الحكم لمن يجده أمامه من السياسيين والأحزاب التي يحسبها فاعلة.
ومن يعلّق فشل التغيير على عمالة الجيوش أو على خيانة قياداته العسكرية ، هو فقط يخفي الجبل بالقشّة ، ويبرّر لفشله الذريع في فرض وجوده في المجتمع ، وسطا وشارعا وبيت، والجيوش لا تؤخذ بنداءات مكتوبة على أوراق ، بل تؤخذ بما هو أكبر من ذلك بكثير

قيل في الأثر " من قال هلك الناس فهو أهلكهم " ، وهذا صحيح في تقديري ، لأنّ الناس لا يجتمعون على الفساد ولا على الخيانة حتى وان كان فيهم من هم فاسدون وخونة، فالمجموعة وفي كل مكان تميل الى الالتزام والانضباط والصلاح، وهذه التحركات الشعبية التي نراها اليوم وان لم تؤد الى تغيير حقيقي لكنها تبعث رسائل ايجابية كثيرة واولها ان يلتفت السياسيون لانفسهم ليعملوا بجد على فرض رؤاهم وبرامجهم في المجتمع ليقتنع بها الناس - والجيش جزء من الناس - بدل أن يعلّقوا فشلهم على خيانة الجنرالات وفساد الجيوش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟